كل ما تحتاج معرفته عن مرض الذهان: الدليل الشامل
إذا كانت تلك المرة الأولى التي تقوم فيها بالبحث عن كلمة (ذهان) فستجد أنها حالة مرضية من الانفصال عن الواقع، فتتخيل أنك قد سبق لك الإصابة بتلك الحالات، كما ستجد نفسك تفكر في العديد من الأشخاص من الدائرة المحيطة قد تظن إصابتهم بمرض الذهان، إلا أن الذهان هو أكثر تعقيدًا من مجرد المكوث في غرفة لفترة طويلة وانعدام الشغف.
التعريف المعاصر للذهان
تأتي كلمة (ذهان) من الذهن، وتعريف الذهان هو الحالة الغير طبيعية للذهن، يحدث لمريض الذهان خلل في الاتصال الوجداني مع الواقع، ومن أمثلتها صعوبات في التواصل الإجتماعي وخلل في أداء المهام اليومية، وإهمال أعمال النظافة اليومية.
يختلط على المعالجين النفسيين مرض الذهان ومرض الفصام إذ يتشابه المرضان في انفصال المريض عن الواقع، وخصوصًا في بداياتهم، ويتشارك المرضان في انعدام أو قلة الإهتمام بالنفس، والميل إلى الوحدة، إلا أن الذهان يكون مصحوبًا بهلاوس سمعية وبصرية.
أسباب الإصابة بالذهان
تعتبر أسباب الأمراض الذهانية غير مؤكدة حتى الآن، في الواقع، هناك عدة أسباب قد تؤدي إلى الإصابة بمرض الذهان:
- الوراثة: تلعب العوامل الوراثية دورًا قد يزيد من احتمالية اضطرابات التفاعلات الكيميائية في الدماغ. تشير الإحصاءات إلى أن ارتباط واحد من الآباء أو أقارب درجة أولى يزيد من احتمالية إصابة المراهق أو البالغ بالفصام أو ذهان الهوس الاكتئابي.
- ضغوط الحياة والأحداث الصعبة: قد تلعب الضغوط النفسية والصعوبات التي يواجهها الفرد في الحياة دورًا في زيادة خطر الإصابة بالأمراض الذهانية.
- الأمراض العضوية: بعض الأمراض العضوية مثل الاضطرابات الهضمية ومشاكل الغدة الدرقية قد تسهم في ظهور أعراض الذهان.
- تعاطي المخدرات: يمكن أن تؤثر بعض المخدرات المؤثرة على الدماغ، مثل الأسيد النشط (LSD) والأمفيتامين، في زيادة خطر الإصابة بالأمراض الذهانية.
- التاريخ العائلي.
- التعرض لصدمة، مثل:
- الموت.
- العيش في حرب.
- التعرض للإصابات أو بعض الأمراض، مثل:
- إصابات الدماغ.
- السكتة الدماغية.
- مرض باركنسون.
- مرض الزهايمر.
- الخرف.
- فيروس نقص المناعة البشرية.
أنواع مرض الذهان
- الاضطراب الذهاني الوجيز.
- الذهان الزوري.
- الاضطراب الوهامي.
- الفصام أو انفصام الشخصية.
- الفصام الوجداني.
- اضطراب ثنائي القطب.
- ذهان ما بعد الولادة.
- ذهان بسبب تعاطي المخدرات.
طفولة مريض الذهان
صدمات مرحلة الطفولة هي مؤشر خطر لإمكانية حدوث الذهان في مرحلة المراهقة والرشد.
يعاني حوالي 65٪ من الأشخاص المصابين بأعراض ذهانية من صدمة في مرحلة الطفولة (مثل الإيذاء الجسدي أو الجنسي والإهمال الجسدي أو العاطفي).
قد تزيد حساسية الأفراد تجاه الذهان عند وجود تجارب مؤلمة قد تشجع على ظهور أعراض ذهانية مستقبلية، وبشكل خاص خلال فترات النمو الحساسة، يبدو أن هناك علاقة بين الصدمات النفسية والأعراض الذهانية، ويعتمد ذلك على الجرعة المتراكمة من هذه الصدمات.
فعند تراكم عدة صدمات نفسية على بعضها البعض، قد يتسبب ذلك في زيادة ظهور الأعراض وتفاقمها.
ومن هنا يتضح أن الوقاية من الصدمات والتدخل المبكر للتعامل معها يمكن أن يكون هدفًا هامًا لتقليل حدوث الاضطرابات الذهانية وتحسين تأثيرها.
في حالة تعرض الشخص لصدمة نفسية واحدة فقط، قد تكون الآثار الناتجة عابرة وغير مستمرة. ولكن عند تراكم الصدمات وتتابعها، فإنها قد تؤدي إلى زيادة خطر ظهور الأعراض الذهانية، مثل الهلوسات.
أعراض مرض الذهان
تعتبر الأعراض الذهانية متنوعة وتختلف من شخص لآخر. فيما يلي بعض الأعراض الشائعة للذهان:
- الهلوسات: يعاني الأشخاص المصابين بالذهان من هلوسات مثل سماع أصوات غير موجودة في الواقع، أو رؤية أشخاص أو أشياء غير موجودة، أو تجربة حواس زائفة أخرى.
- الاعتقادات الغير منطقية: يظهر لدى الأشخاص المصابين بالذهان اعتقادات غير صحيحة أو غير منطقية. قد يعتقدون بأنهم مراقبون بواسطة أشخاص آخرين، أو أنهم مستهدفون من قوى خارقة، أو أنهم يمتلكون قدرات خاصة.
- الانفصام الشخصي: يمكن أن يظهر الانفصام الشخصي كأعراض تشتت الشخصية، حيث يظهر تغير في السلوك والشخصية للفرد. قد يشعر المريض بأنه يفقد السيطرة على هويته ويشعر بتجزؤ الذات.
- انخفاض التركيز والاهتمام: يمكن للأشخاص المصابين بالذهان أن يعانوا من صعوبة في التركيز والانتباه لفترات طويلة، مما يؤثر على قدرتهم على العمل والتفاعل الاجتماعي.
- الانطواء الاجتماعي: قد يكون لدى الأشخاص المصابين بالذهان رغبة قليلة في التفاعل الاجتماعي والانعزال عن الآخرين. قد يشعرون بالقلق أو الخوف من التواصل مع الآخرين.
يجب ملاحظة أنه لا يجب أن يعتبر وجود هذه الأعراض بشكل فردي كدليل قاطع على وجود الذهان، حيث يتطلب التشخيص المهني تقييماً شاملًا للأعراض
الطرق الحديثة لتشخيص الذهان
تشمل الطرق الحديثة لتشخيص الذهان مجموعة متنوعة من الأدوات والتقنيات المستخدمة من قبل الأطباء والمختصين في الصحة العقلية. إليك بعض الطرق الشائعة المستخدمة في تشخيص الذهان:
- المقابلة السريرية: يقوم المختصون بإجراء مقابلة شاملة مع المريض لجمع معلومات حول أعراضه وتاريخه الطبي. يتم استخدام أدوات تقييم مختلفة لتحديد وتسجيل الأعراض والتغيرات في السلوك والتفكير والمزاج.
- الاستبعاد الطبي: يتم استبعاد الأسباب العضوية للأعراض الذهانية، مثل اضطرابات الغدة الدرقية والتسمم الكيميائي والأورام الدماغية، من خلال إجراء فحوصات طبية وتحاليل دم وفحوصات صورية.
- مقياس الذهان: يستخدم المختصون مقاييس تقييم الذهان المعتمدة علمياً، مثل “مقياس الذهان الإيجابي والسلبي” (PANSS)، لتقييم وتصنيف الأعراض الذهانية وتحديد مدى شدتها ونوعها.
- الاختبارات النفسية: تستخدم اختبارات نفسية متخصصة لتقييم الوظائف العقلية والتنمية العقلية، مثل اختبارات الذكاء والاهتمام والذاكرة والتنبؤ بالمستقبل، وذلك لتقييم الأثر الذي يتركه الذهان على الأداء العقلي.
الفحوصات العصبية لمرض الذهان
يمكن أن تستخدم الفحوصات العصبية المتقدمة، مثل: التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ (MRI) والتصوير الوظيفي للدماغ (fMRI)، لدراسة تغيرات النشاط الدماغي.
كيفية التعامل مع مريض الذهان
التعامل مع مريض الذهان يتطلب فهمًا وتوجيهًا خاصًا. إليك بعض النصائح حول كيفية التعامل مع مريض الذهان:
- التعلم والتفهم: قم بفهم ما هو الذهان ومظاهره المختلفة. قراءة المزيد عن الذهان والأعراض المرتبطة به يمكن أن يساعدك على التعامل بشكل أفضل مع المريض وفهم تحدياته.
- البقاء هادئًا وصبورًا: يجب أن تظل هادئًا وصبورًا أثناء التعامل مع مريض الذهان. قد يواجه المريض تشويشًا في الفهم وتغيرات في المزاج، لذا من المهم أن تظل هادئًا وتظهر التفهم والدعم.
- التواصل بوضوح: استخدم لغة بسيطة وواضحة عند التحدث مع المريض. حاول توجيه الأسئلة المحددة والمفتوحة لفهم ما يشعر به ويفكر فيه. قد يكون من الضروري تكرار المعلومات أو إعادة صياغتها بشكل مختلف لضمان فهمها.
- تقديم الدعم العاطفي: يحتاج المرضى الذين يعانون من الذهان إلى الدعم العاطفي. قم بالاستماع لمشاكلهم ومخاوفهم، وتأكد من وجود شخص قريب للثقة والدعم. قد تكون الجلسات النفسية المستمرة والتعاون مع المختصين في الصحة العقلية ضرورية لتقديم الدعم اللازم.
- الحفاظ على الأمان والبيئة الهادئة: يجب توفير بيئة آمنة وهادئة للمريض، حيث يمكنه الشعور بالراحة والأمان. قد تكون الأماكن الهادئة والخالية من المحفزات الخارجية المزعجة هي الأفضل لمريض الذهان.
علاج مرض الذهان
- العلاج الدوائي
يتضمن استخدام الأدوية المضادة للذهان لتقليل الأعراض وتحسين وظائف الدماغ. تعتمد الأدوية المستخدمة على نوع الذهان وشدته. قد تشمل الأدوية الشائعة المستخدمة الأدوية المضادة للاضطرابات النفسية مثل العقاقير المضادة للاكتئاب والأدوية المثبطة للاضطراب ثنائي القطب.
- العلاج النفسي
يتضمن العديد من الأنماط المختلفة مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) والعلاج الواقعي المعرفي (RCT) والعلاج العائلي. يهدف العلاج النفسي إلى مساعدة المرضى في فهم ومعالجة الأفكار والمعتقدات الخاطئة، وتحسين استجاباتهم التصرفية والتعامل مع الأعراض بشكل أفضل.
- الدعم الاجتماعي
يعتبر الدعم الاجتماعي من العناصر المهمة في علاج الذهان. يشمل ذلك الدعم من العائلة والأصدقاء، والانخراط في مجتمعات الدعم والمجموعات التعاونية، والتوجيه الحياتي والمساعدة في التأقلم مع المشاكل اليومية.
- التدخل المبكر
يعتبر التدخل المبكر في حالات الذهان أمرًا مهمًا. يتضمن التشخيص المبكر والعلاج الفوري لتقليل الأعراض ومنع تفاقمها. يمكن للتدخل المبكر أن يحسن من نتائج العلاج ويقلل من المضاعفات المحتملة.
هل يمكن أن يقوم مريض الذهان بالعمل و القيام بمهام يومية؟
نعم، يمكن لمرضى الذهان أن يكونوا قادرين على أداء الوظائف والعمل بشكل ناجح. فإن القدرة على العمل تعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك شدة الأعراض، نوع الذهان، تأثير العلاج والدعم المتاح للمريض.
قد يكون هناك مرضى يعانون من أعراض ذهانية شديدة تعوقهم عن أداء الوظائف بشكل كامل أو تجعلهم يحتاجون إلى دعم شامل. ومع ذلك، هناك أيضًا العديد من المرضى الذين يعيشون مع الذهان ويتمكنون من العمل بشكل منتظم ومنجز.
يعتبر الدعم العاطفي والعلاج الدوائي والعلاج النفسي والدعم المهني والمجتمعي جميعها أمورًا مهمة في تمكين مرضى الذهان من القدرة على العمل. قد يكون من المفيد توفير بيئة عمل متعاطفة وداعمة تأخذ في الاعتبار احتياجاتهم الخاصة وتسهم في إدارة الأعراض بفعالية.
مع ذلك، يجب أن يتم تقييم قدرة المريض على العمل بناءً على حالته الفردية والتوصيات الطبية المقدمة من قبل الفريق العلاجي. كما ينبغي على المريض العمل مع الفريق العلاجي والمهنيين المعنيين لتحديد النوع المناسب من العمل وتوفير الدعم اللازم لضمان نجاحه في الوظيفة.
هل يرتبط الذهان بالفن؟
الذهان والإبداع هما موضوعان مثيران للاهتمام يثيران العديد من النقاشات. هناك بعض الأفكار والدراسات التي تشير إلى وجود علاقة بين العبقرية والاضطرابات الذهانية، ولكن يجب الانتباه إلى أن هذا الرابط ليس مطلقًا وقد يكون معقدًا.
هناك العديد من الفنانين المشهورين الذين كانوا يُعتقد أنهم مصابون ببعض اضطرابات الذهان. إليك بعض الأمثلة:
فنسنت فان جوخ: كان فان جوخ رسامًا هولنديًا معروفًا بأسلوبه الفريد وأعماله الفنية المبتكرة. كان يُشتبه في إصابته بالفصام، حيث كان يعاني من هجمات الهوس والاكتئاب الشديد.
أدولف فولفلي: كان رسامًا نمساويًا معروفًا بأعماله الفنية التعبيرية والغريبة. كان يُعتقد أنه يعاني من الفصام أو اضطرابات شبيهة به.
ريتشارد دايفيدسون: كان فنانًا ومؤلفًا أستراليًا يعاني من اضطراب ثنائي القطب. كانت لوحاته تعكس تجاربه الشخصية والعاطفية المرتبطة بالاضطراب الذي يعاني منه.
لويس واين هارن: كان رسامًا وكاتبًا أمريكيًا يُعتقد أنه كان يعاني من الفصام. كان يعبر عن العوالم الخيالية والرؤى الغريبة من خلال لوحاته وكتاباته.