لماذا نشعر بالفراغ العاطفي وكيف نتعامل معه؟

هل جربت يومًا ذلك الشعور الثقيل بالفراغ العاطفي في حياتك، الشعور بأن وحيد وحزين ولا تجد من تشاركه مشاعرك وأحزانك. ذلك الشعور الفارغ الذي يسيطرعلى حياتك فيصيبك بالقلق واليأس والرغبة في العزلة لأنك لا تجد من يملأ ذلك الفراغ.

فالفراغ العاطفي مخيف ومزعج وأكثر ما يزعج فيه هو عدم قدرتك على وصف مشاعرك أو حتى التعبير عنها. فتجد نفسك في النهاية منخرط في أنشطة كثيرة كالأكل أو التسوق وغيرها من الأنشطة التي لا تستطيع سد فجوة الفراغ الذي بداخلك.

في هذا المقال سنتعرف أكثر على الفراغ العاطفي وأسبابه، وكيف يمكن أن نتجاوز تلك المشاعر.

ما هو الفراغ العاطفي

هو شعور يصيب الكثير من الناس في مرحلة ما من حياتهم، وبطرق مختلفة، وهو حالة ذهنية تحدث نتيجة للانفصال أو الفقد أو حدوث تغير في نمط الحياة.

حيث يحاول العقل خلق مسافة عاطفية من حدث مر به الفرد، في محاولة لحمايته من التعامل مع العواطف السلبية الشديدة. وكأن العقل يحاول أن يكتم تلك المشاعر، وبالرغم من أن المقصود بتلك الحركة هو الحماية لكنها تأتي بنتائج عكسية حيث تجعل الفرد يصاب بالارتباك والخوف.

وعلى الرغم من أن الفراغ العاطفي قد يحدث نتيجة مجموعة متنوعة من المشاعر السلبية، إلا أن مشاعر الفراغ العاطفي المرتبطة بالوحدة الكاملة هي المشاعر الأكثر شيوعًا. فقد يكون من الصعب عليك الاعتراف بأنك تشعر بالوحدة أو اليأس العاطفي، ولكن الاعتراف والقبول العاطفي ضروريان في محاربة الفراغ.

أسباب الفراغ العاطفي

يصيب الفراغ العاطفي الناس نتيجة لأسباب عدة، وقد تكون هذه المشاعر ناتجة عن:

  • الوحدة: الفراغ العاطفي والوحدة مرتبطان ببعضهما البعض، لأن الوحدة تخلق شعور عارم بالفراغ العاطفي، وقد تكون الوحدة ناتجة احيانًا عن قلة التواصل الاجتماعي وعدم وجود أفراد يمكن مشاركتهم نفس المشاعر والأحاديث. وقد تحدث أيضًا عندما يكون الفرد محاطًا بالكثير من الناس ولكنه فاقد للتواصل معهم لأنهم لا يرونه أو يفهمونه أو يهتمون به حقًا.
  • الفقد: مشاعر الفقد واحدة من أصعب المشاعر التي يمكن أن يختبرها الإنسان، فقدان شخص قريب منك وعزيز عليك يجعلك تشعر بالفراغ ويصيبك بحالة من الخدر التام. ولا يجب أن تترك نفسك مستسلمًا مدة طويلة لهذه الحالة، بالطبع لا يمكن نسيان شخص عزيز ولكن من الضروري أن تتغلب على تلك الخسارة وتحاول التعايش معها.
  • الاكتئاب: يشمل الاكتئاب مجموعة من الأعراض مثل اليأس والإحباط وفقدان المتعة وعدم الرغبة في القيام بأية أنشطة وتدني قيمة الذات. وكل هذا الأعراض يأتي معها شعور بالفراغ والإرهاق والتعب، وعدم الشعور بأي سعادة أو أمل.
  • الانفصال: يشعر الناس بالفراغ العاطفي عند الانفصال، خاصة بعد انتهاء علاقة أو زواج، حيث يولد الانفصال شعور حاد بالفراغ العاطفي والإحباط والوحدة.
  • الإدمان: ليس فقط إدمان المواد المخدرة أو الكحوليات، فهناك إدمان وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أصبح الناس مرتبطون بها ارتباطًا وثيقًا وخاصةً المراهقين. ويولد إدمان وسائل التواصل الاجتماعي حالة كبيرة من الفراغ العاطفي لدى الأفراد حيث يجعلهم ناقمون على أوضاعهم المعيشية. لأنهم لا يستيطعون مواكبة كل ما يحدث على تلك الوسائل، فهي تخلق صورة زائفة لا تعبرعن الواقع لذلك ينخدع بها الكثيرون.
  • صدمات ومشاكل الطفولة: يرتبط الشعور بالفراغ العاطفي في بعض الأحيان بتجربة مؤلمة أوصدمة حدثت لك في مرحلة الطفولة، لذلك فإن التعبير عن المشاعر مهم وضروري لاستكشاف المشاعر المدفونة بداخلك. لأن الكتمان يجعلها تخرج في صورة عزلة أو شعور بفراغ داخلي، ومشاعر سلبية أخرى.

المضاعفات

يترك الفراغ الفرد في حالة من اليأس والإحباط والقلق، وقد يحاول ملء هذا الفراغ بطرق عديدة ضررها عليه أكبر من نفعها، فقد يقوم بالعديد من السلوكيات والأنشطة الخاطئة ظنًا منه أنها قد تحميه من الفراغ العاطفي، وهذه السلوكيات مثل:

  • الأكل القهري: يعتقد البعض أن انخراطهم في تناول كميات كبيرة من الطعام قد يساهم في سد حالة الفراغ العاطفي لديهم وهذا شيء غير صحيح، لأنهم يصابون بحالة من الشره في النهاية، ولن تحقق كثرة الأكل غايتهم.
  • التسوق: يلجا البعض الآخر لفكرة التسوق وتلبية رغباته الاستهلاكية المستمرة لسد فجوة الفراغ لديه، ولكن التسوق القهري لا يساعد على حل تلك المشكلة أيضًا.
  • إدمان المواد المخدرة: الإدمان طريقة أخرى يهرب بها الأفراد من مشاعر الفراغ لديهم، وهي وسيلة فاشلة أخرى لا تحقق أي تقدم، بالعكس فإنها تغرق صاحبها في مشكلات أكبر وأكثر.

كيف تتعامل مع الفراغ العاطفي

هناك بعض الأشياء التي يمكنك القيام بها لمعالجة مشاعر الفراغ العاطفي لديك، مثل إجراء بعض التغييرات على طريقة استجابتك للمواقف وكيفية التعامل مع مشاعرك، وتتضمن التغييرات التي يمكنك إجراؤها ما يلي:

  1. عبر عن مشاعرك: التعبيرعن العواطف والمشاعر وسيلة هامة جدًا للعلاج، ولكن في بعض الأحيان لا تستطيع التعبيرعن مشاعرك حتى لو رغبت. لذلك يوجد العلاج بالفن، حيث أثبتت بعض الدراسات أن الفنون مفيدة جدًا في المساعدة على تطوير المشاعر وتسهيل التعبير عنها. ويستخدم المعالجون الفن المرئي كوسيلة لتطوير المشاعر وتسهيل التعبيرعنها، لذلك فإن أنشطة مثل الرسم أوالغناء أو الكتابة، أو أي نشاط ذو طابع فني، سيساعدك على التعبير عن مشاعرك بطريقة سهلة ومفهومة.
  2. تواصل مع الآخرين: الإنسان كائن اجتماعي بطبعه، ويعد التواصل الاجتماعي أمرًا أساسيًا لصحتك العقلية والنفسية، ويستطيع معالجة هذة المشاعر الناتجة عن الشعور بالوحدة أو الانفصال.
  3. استكشف المزيد عن نفسك: يشعر الكثير من الأشخاص الذين يصفون شعورهم بالفراغ العاطفي، بأنهم منفصلون عن أنفسهم. لذلك يمكنك العمل على تنمية قيمك ومهاراتك الأساسية، التي تمثل لك الأشياء الأكثر أهمية في الحياة، قد يساعدك ذلك على الاتصال مع نفسك ومشاعرك.
  4. تعامل مع صدماتك ومشاكلك القديمة: إن الشعور بالفراغ الناتج عن صدمات ومشاكل الماضي، يتطلب منك المزيد من العمل الشاق لإعادة النظر في تلك الجروح القديمة والعمل على الشفاء من آثارها السلبية. ومن الأفضل لك في هذه الحالة التواصل مع استشاري نفسي، لأنه الأقدر على فهم طبيعة المشكلة وبالتالي مساعدتك على حلها.
  5. تغلب على مشاعر الوحدة والحزن: من المهم أن تتذكر أنك لست وحدك في هذه الحياة وأن تغيرات الحياة أو وجود بعض المشاكل قد يزيد من مشاعر الوحدة والحزن. لذلك فإن تقوية علاقاتك الاجتماعية وتطوير قدراتك على التعبير عن مشاعرالحزن التي بداخلك من الممكن أن يساعدك على التغلب على مشاعر الوحدة والحزن.
  6. اهتم بنفسك: قد يتسبب الحزن والاكتئاب في إهمالك لنفسك وشئون حياتك، جرب أن تهتم بنفسك مرة أخرى من خلال ممارسة الرياضة أو كتابة يومياتك. قد يساعدك ذلك في التغلب على الاكتئاب وتقليل الإحساس بالفراغ.
  7. استشر الطبيب النفسي: في حالة استمرار مشاعر الفراغ لفترة طويلة، تؤثر فيها على مسار حياتك ورغبتك في الحياة، في هذه الحالة عليك استشارة الطبيب النفسي. حيث يمكن للطبيب أن يشخص حالتك بدقة ويساعدك في التغلب على تلك المشاعر.

الفراغ العاطفي هو أزمة عاطفية تصيب الفرد نتيجة لشعوره بالوحدة أو تعرضه لتجربة انفصال، أو صدمة نفسية في الطفولة. وتستهلك هذة المشاعر الفرد وتصيبه بالقلق والرغبة في العزلة، وقد يلجأ إلى ممارسة أنشطة غير صحية كالأكل القهري أو التسوق الزائد عن الحد للهروب من تلك المشاعر السلبية. ولكن هناك سلوكيات صحية مثل تقدير النفس والتعبير عن المشاعر والتدوين، إذا تم تطبيقها يمكن أن تساعد على التغلب على مشاعرهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى