عقدة النقص .. كيف تتغلب على الشعور بالعجز وتعزز ثقتك بنفسك؟

يشعر الكثير من الناس بالنقص عندما يقارنون أنفسهم بأشخاص متفوقين في المهارات والنجاح والمكانة الاجتماعية. وتساهم وسائل التواصل الاجتماعي في تعزيز هذا الشعور. ومع ذلك، عندما يؤثر هذا الشعور سلبًا على حياة الشخص، فقد يكون ذلك علامة على عقدة النقص. وتعتبر عقدة النقص (Imposter Syndrome) ظاهرة نفسية يعاني منها العديد من الأشخاص، حيث يشعرون بالدونية والشك في قدرتهم ويقارنون أنفسهم بالآخرين باستمرار. وفي هذا المقال، سنناقش عقدة النقص ونقدم بعض النصائح للتغلب عليها وبناء الثقة بالنفس.

وفقًا لجمعية علم النفس الأمريكية (ِAPA) فإن عقدة النقص هي شعور أساسي بالنقص وعدم الأمان، مما يؤدي إلى سلوكيات تتراوح من الانسحاب (المتأصل في الخوف والخجل) إلى المنافسة المفرطة والعدوان.

بمعنى آخر عقدة النقص حالة ذهنية أو شعور بعدم الجدارة مقارنة بالآخرين، مما يدفع الشخص إلى الاستجابة بأحد أمرين، إما أن يصبح المصاب منطويًا على نفسه لدرجة أنه نادرًا ما يتفاعل مع الآخرين، أو أنه يبالغ في التعويض عن طريق المنافسة المفرطة في محاولة لإثبات أنه ليس أقل شأنا وقد أن يتطور الشكل الثاني أحيانًا إلى ما يسمى بعقدة التفوق.

يوجد بعض الأعراض الشائعة لعقدة النقص، وإذا كانت تؤثر بشكل سلبي على حياة الشخص، فيجب التحدث مع مستشار نفسي أو اختصاصي نفسي للحصول على المساعدة المناسبة. واليكم بعض هذه الأعراض:

  • الشعور بعدم الأمان أو عدم الاستحقاق.
  • الوحدة والانسحاب من المواقف الاجتماعية.
  • المقارنة المستمرة بالآخرين.
  • استخدام الفكاهة التي تستنكر الذات بشدة.
  • الصعوبة في قَبول المجاملات.
  • القلق الذي قد يظهر في عادات الأكل والنوم السيئة.
  • المثالية المفرطة والبحث عن الكمال.
  • ضعف التواصل البصري ونبرة الصوت الغير واثقة وأسلوب التواصل السلبي.
  • الاكتئاب وانخفاض الدافعية.
  • تغيرات مزاجية سريعة وغير متوقعة.
  • عدم القدرة على مدح الذات والتقليل من الإنجازات والصفات الإيجابية.
  • تجنب الفرص والتحديات خوفًا من الفشل.
  • العدوانية الشديدة عند الإحساس بعدم الاحترام من الآخرين.

قد يكون هناك مزيج من العوامل الفردية والاجتماعية والبيئية وراء تطور مشاعر عقدة النقص لدى الأشخاص الذين يعانون من هذا الشعور، وفيما يلي نظرة على بعض الأسباب المحتملة التي يمكن أن تلعب دورًا في تطور عقدة النقص:

  • تجارب وعلاقات الطفولة

غالبًا ما يكون سبب عقدة النقص هو عدم شعور الطفل بالتقدير والرضا والتشجيع من ذويه، كما أن تعرض الطفل للنقد المستمر والمقارنة بينه والأطفال الآخرين من قبل والديه أو معلميه. كما أن وعدم اندماج الطفل مع أقرانه في المدرسة أو الحي السكني والتعرض للسخرية والتنمر، تيعد من أهم الأسباب التي تُوجد الشعور بالدونية منذ الصغر، الأمرالذي قد يتطور ليصبح شعورًا ملازمًا للشخص.

  • وسائل التواصل الاجتماعي

مؤخرًا ومع ظهور وانتشار وسائل التواصل الإجتماعي، أصبح هناك معايير مجتمعية مختلفة غالبًا ما تكون صادرة عن المعلنين و وسائل التواصل الاجتماعي والمشاهير وغيرهم من الشخصيات ذات السلطة، التي تخلق أو تعزز تصور عن الذات غير واقعي، فعندما تمطرنا هذه الوسائل برسائل حول كيف يجب أن تتصرف، وماذا يجب أن تتعلم، وماذا يجب أن تقتني، حتى نوع وحجم ولون أجسادنا، فإننا نشعر بالضعف إلى حد يؤثر على تقييمنا لأنفسنا، وماذا نريد وما هي نقاط قوتنا الحقيقية وكيف نستغلها بالطريقة التي تدعم أهدافنا الشخصية، دون أن نشعر بضغط مجتمعي لأن نصبح بصورة معينة حتى نكون مقبولين للآخرين.

  • الاضطرابات الجسدية

إن وجود تشوهات جسدية أو الإصابة بأمراض مزمنة تساهم في التأثير بصورة غير إيجابية على نظرة الشخص لذاته، وتساعد على المقارنة المستمرة لنفسه بالآخرين، وقد تجعله عرضة للتنمر مما يدفعه إلى الانسحاب أو العدوانية المفرطة.

  • الاستعداد الوراثي

أثبتت بعض الدراسات الحديثة أن الشعور بالنقص قد يحدث نتيجة عوامل وراثية، فالأشخاص الذين ورثوا اختلافًا في مستقبلات الأوكسيتوسين، و(هو الهرمون الذي يساهم في المشاعر الإيجابية)، شعروا بقدر أقل من التفاؤل، وكان لديهم احترام أقل للذات وقدرة أقل على القيادة الذاتية.

  • الفشل في العلاقات

هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا لفشل علاقاتهم العاطفية على سبيل المثال بالطلاق، أو شعروا بالرفض في علاقات شخصية أو صداقات، يمكن أن يعزز هذا الأمر مشاعر عدم الجدارة أو عدم الجودة بما فيه الكفاية أو عدم الاستحقاق.

  • الاضطرابات النفسية الأخرى

قد يكون هناك ارتباط بين عقدة النقص واضطرابات نفسية أخرى مثل الاكتئاب أو اضطراب الشخصية الحدية أو اضطراب الشخصية التجنبية.

الشعور بالدونية أو الشعور بالعجز وعدم الكفاية يمكن أن يكون تحديًا نفسيًا صعبًا. إليكم بعض الخطوات التي يمكن اتباعها للتعامل مع هذا الشعور:

  • الوعي والاعتراف: إدراك أن الشعور بالنقص قد يكون نتيجة لاعتقادات سلبية لا أساس لها في الواقع. قد تكون هذه الاعتقادات تشكلت على مر الزمن بناءً على تجارب سلبية أو تأثيرات خارجية. اعترف بأن هذه الاعتقادات ليست حقائق وقم بتركيز انتباهك إلى الأفكار الإيجابية والأدلة التي تدعم قيمتك وتعزز ثقتك بنفسك.
  • تطوير المهارات الشخصية: تطوير المهارات التي يحتاجها الفرد، فقد يكون الشعور بالدونية نتيجة لعدم الثقة في قدرته على التصرف أو الأداء في مجالات محددة. من خلال العمل على تطوير المهارات اللازمة والتدريب والتجربة، سوف ترتفع الثقة بالنفس والقدرة على تحقيق النجاح.
  • العناية بالنفس: يجب أن يعتني الشخص بصحته العقلية والجسدية، عن طريق ممارسة الرياضة بانتظام، وتناول وجبات صحية، والحصول على قسط كافٍ من النوم والراحة. والحرص على آداء تمارين الاسترخاء والأنشطة الممتعة.
  • طلب المساعدة من المختصين: إذا كان الشعور بالنقص يؤثر سلبًا على حياة وعلاقات الشخص، فقد يكون من الجيد طلب المساعدة من متخصصين في الصحة النفسية مثل الأخصائيين النفسيين أو المستشارين النفسيين. يمكنهم تقديم الدعم والتوجيه المهني للمساعدة على التغلب على الشعور بالدونية.
هل يمكن أن يلحق الشخص الذي يعاني عقدة النقص الضرر بمن حوله؟

نعم قد يلحق الشخص ضرر بمن حوله، لكن يمكن تجنب ذلك عن طريق توجيهه واحتوائه وعدم توجيه ردود أفعال عدائية تجاهه.

هل يوجد اختبارات يتم عن طريقها تشخيص عقدة النقص؟

عقدة النقص ليست اضطرابًا قابلًا للتشخيص في حد ذاته، لذلك لن تجده في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية، لكن يمكن أن يتم تشخيصه إذا ظهرت أعراض كافية لفترة كافية.

أخيرًا يجب أن نتذكر جميعًا دائمًا أن الكمال في كل شئ يستحيل، الطبيعي في تلك الحياة أن يكون هناك نقص لكي نتجه للسبيل الذي يسد هذا النقص، فلا ينبغي أن نتوقف عن السعي للحصول على أفضل نسخة من أنفسنا، فكل منا له إضاءة في العالم من حوله، لا تستهن بأي إنجاز صغير، لا تدع الآراء السلبية للآخرين تحطمك أو تقلل من ثقتك في نفسك. تذكر دائمًا أنك تستحق الاحترام والتقدير، وأن رأيك ومشاعرك لها قيمة كبيرة. فالانتقادات البناءة فرصة للتعلم، واعتز بنفسك دائمًا وبما تقدمه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى