ضبط النفس والتحكم في الذات

ضبط النفس والتحكم في الذات مصطلحان قد يعتقد البعض أنه لا إختلاف بينهما، ولكنهُما يختلفان في بعض النقاط. مصطلح ضبط النفس يُعبر عن أهم المهارات أو السمات التي ينبغي أن يسعى الإنسان إلى توافرها فى شخصيته، نظرًا لقيمتها وأهميتها في تحقيق النجاح والحفاظ على حياة صحية ومتوازنة، حيث يرتبط ضبط النفس بالمشاعر والانفعالات.

بينما يرتبط مصطلح التحكم فى الذات بالتصرفات والسلوكيات وفقا للقيم الشخصية.

عزيزي القارئ فى هذا المقال دعنا نلقِ نظرة على مصطلحي ضبط النفس والتحكم في الذات، فلربما تبينت بعد قرائتك أن مفهومك عنهما يحتاج إلى تعديل، أو ربما، تغيير.

ضبط النفس يعنى القدرة على التحكم فى ردود أفعالك ومقاومة الإغراءات، ومن ثم اتخاذ قرارات مدروسة والاستمرار في التركيز على الأهداف طويلة المدى. يتطلب ضبط النفس القدرة على التحكم في الغضب والقلق والتفكير السلبي.

التحكم فى الذات هو مفهوم أوسع من ضبط النفس، ويُعتبر ضبط النفس جزء من التحكُم في الذات.

هو قدرة الشخص على التصرف بحكمة وقرارات صائبة تجاه المواقف المختلفة، سواء المشاعر السلبية أو المشاعر السعيدة.

يُمكن تحقيق التحكم في الذات من خلال التفكير الإيجابي و تطوير الانضباط الذاتي.

بتطوير مهارة التحكم في الذات وتطوير مهارة ضبط النفس، يُمكننا أن نعيش حياة أكثر سعادة ونجاحًا.

إليك عزيزي القارئ بعض نقاط أهمية ضبط النفس والتحكم في الذات:

  • تحسين الأداء

تُساعد مهارة ضبط النفس في تحقيق الأهداف الشخصية والمهنية أيضًا، فالتحكٌم في ردود الفعل العاطفية والتصرفات يُمكننا من التركيز على اتخاذ القرارات الصائبة. عند ضبط النفس فى ردود الأفعال العدوانية، نتمكن من التواصل بشكل أفضل وبناء علاقات صحية.

  • تحسين الصحة العقلية والجسدية

التوتر و العصبية والضغوط النفسية هو إحساس الفرد نتيجة الضغوطات النفسية والاجتماعية في الحياة الشخصية أو الحياة العملية. ويؤثر ذلك بالسلب على الصحة النفسية حيث يؤدي إلى الاكتئاب والقلق واضطرابات الحالة المزاجية، وأيضًا يؤثر على الصحة الجسدية حيثُ أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم وأمراض المعدة.

كما يؤثر على العلاقات الاجتماعية والأداء الوظيفي. لذلك فإن ضبط النفس يساعد على تحسين الصحة النفسية والعقلية.

  • القدرة على إتخاذ القرار

ما هي علاقة ضبط النفس وزيادة القدرة على اتخاذ القرار؟

يتبادر في ذهنك الآن عزيزي القارئ هذا السؤال، من الواضح أن هناك علاقة وثيقة بين ضبط النفس وتعزيز القدرة على إتخاذ القرار. عندما نكون قادرين على تنظيم أنفسنا والسيطرة على ردود أفعالنا العاطفية، فإننا نكون قادرين على التفكير بشكل أوضح واتخاذ القرارات الصحيحة للمواقف التي نواجهها.

إن القدرة على ممارسة ضبط النفس تسمح لنا بالانتصار على المشاعر الضارة التي قد تُعيق قدرتنا على إصدار أحكام سليمة، ومن خلال الحفاظ على حالة من رباطة الجأش والاستقرار، أصبحنا مٌجهزين بشكل أفضل لتدقيق الظروف القائمة وتقييم البدائل المتاحة بشكل عقلانى.

بالإضافة إلي ذلك، تُعد القدرة على ضبط النفس مفيدة لتجنُب اتخاذ خيارات عاطفية أو متهورة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. عندما نتمكن من إدارة استجاباتنا العاطفية بشكل فعال، والحفاظ على عقلية هادئة ومنضبطة، فإننا نكون قادرين على إتخاذ الخيارات الأكثر ملاءمة لأهدافنا المهنية والشخصية.

  • تعزيز فُرص النجاح

يُساعد ضبط النفس في تحقيق النجاح حيثُ إنه يُساعد في التركيز على الأهداف، فالشخص الذي يكون لديه ضبط النفس يكون أقل عُرضة للتشتت.

ولا ينبغي أن ننسى عزيزي القارئ أنه يُساعد على الثراء حيثُ أنه يُساعد على تحقيق الأهداف المالية. ضبط النفس يُمكن أن يُساعد الأشخاص على التركيز على أهدافهم المالية واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيقها.

من هنا نستنتج أيضًا أن ضبط النفس يُساعد الأشخاص على التفكير بعناية قبل اتخاذ أي قرار مالي، وعندما يتمتع الشخص بضبط النفس، فإنه يكون أقل عُرضة لاتخاذ قرارات متهورة يُمكن أن تؤدي إلى خسائر مالية.

  • اتخاذ القرارات الحكيمة

مهارة ضبط النفس و مهارة اتخاذ القرار الحكيم. أخذ الوقت للتفكير قبل اتخاذ القرار أمر بالغ الأهمية، مهارة ضبط النفس تُقلل بشكل كبير من إحتمالية الاختيارات المتهورة أو الاندفاعية، التى قد تؤدي إلى نتائج غير مطلوبة.

إن مهارتي ضبط النفس والتحكم في الذات معقدتان نوعًا ما وتتأثران بعوامل مختلفة أخرى. ومن الضروري التعرف على هذه العوامل وأخذها بعين الإعتبار أثناء السعي إلى تعزيز ضبط النفس والتحكم فى الذات، ويُمكن تحقيق ذلك من خلال الوعي الذاتي، التعلم، والدعم الاجتماعى.

  • الدماغ والنواقل العصبية

الدماغ يلعب دورًا رئيسيًا في التحكم في الذات، وخصوصًا مناطق مثل القشرة الأمامية الجبهية، التي تعنى بالتخطيط للسلوكيات المعقدة واتخاذ القرارات وضبط الاندفاعات. الاختلال في توازن النواقل العصبية مثل الدوبامين والسيروتونين قد يؤثر على القدرة على ضبط النفس.

  • الوراثة

بعض الدراسات تُشير إلى أن هناك جينات قد تلعب دورُا في القدرة على التحكم في الذات، مما يعني أن بعض الأشخاص قد يكونون ميالين وراثيًا لعدم ضبط النفس.

  • الضغوط النفسية والعاطفية

الضغوط النفسية والعاطفية يُمكن أن تؤدي إلى تقليل القدرة على التحكم في الذات، حيث يبحث الأشخاص عن طرق سريعة للتخفيف من تلك الضغوط، مثل الأكل العاطفي أو التسوق الاندفاعي.

  • التجارب السابقة

التجارب السلبية في الطفولة أو في مراحل الحياة المختلفة، يُمكن أن تؤثر على القدرة على تطوير ضبط النفس.

التأثيرات الاجتماعية

الأفراد الذين ينشأون في بيئات تفتقر إلى النماذج الإيجابية لضبط النفس، قد يجدون صعوبة في تطوير هذه القدرة.

التعليم والثقافة

البيئة التعليمية والثقافية التي ينشأ فيها الفرد يمكن أن تؤثر على تطوير ضبط النفس والتحكم في الذات، حيث تشجع بعض الثقافات على الصبر والتأني بينما تعزز أخرى الرضا الفوري.

ضبط النفس يمكن تصنيفه إلى أنواع متعددة تعتمد على الجوانب المختلفة للسلوك والتفكير. كما يشمل أيضًا التحكم في الذات أنواع تتعلق بكيفية إدارة الفرد لسلوكهِ وردود أفعاله في مختلف المواقف.

  • ضبط النفس العاطفي

يتعلق بالقدرة على إدارة وتنظيم الانفعالات والمشاعر الشخصية. يشمل هذا التحكم في الغضب، الإحباط، الحزن، أو الفرح الشديد.

  • الضبط السلوكي

يشير إلى القُدرة على التحكم في السلوكيات والتصرفات، خاصًة في مواجهة التحديات أو الإغراءات. يتضمن ذلك الصبر والتحمل والقدرة على تأجيل الرضا الفوري.

  • ضبط النفس المعرفي

يعني القدرة على التحكم في الأفكار والتركيز واتخاذ القرارات بشكل مدروس. يشمل ذلك التفكير قبل التصرف وتجنب القرارات الاندفاعية.

  • الضبط والتحكم الاجتماعي

يتعلق بالقدرة على التحكم في السلوك بما يتناسب مع القواعد والتوقعات الاجتماعية، يشمل هذا النوع اللياقة الاجتماعية والتصرف بما يتوافق مع العرف.

  • الضبط الأخلاقي

يتعلق بالقُدرة على التصرف وفقًا للمبادئ والقيم الشخصية، حتى في مواجهة الضغوط التي قد تدفع الشخص للتصرف بطريقة مخالفة.

  • التحكم المالي

يتعلق بالقدرة على إدارة الشؤون المالية بحكمة، وتجنب الإنفاق الاندفاعي أو الاستثمارات الخطرة.

  • التحكم الزمني

يعني القدرة على إدارة الوقت بفعالية، وتحديد الأولويات والالتزام بالجداول الزمنية.

يشير مصطلح “اضطراب التحكم في الاندفاعات” إلى مجموعة من الحالات العقلية التي تتميز بعدم القدرة على تنظيم ردود الفعل ، مما يؤدي إلى تصرفات غير حكيمة، يمكن أن يكون لهذه الاضطرابات تأثيرات عديدة على حياة الشخص، ويمكن أن تظهر بعدة طرق. تتضمن بعض الأمثلة على اضطرابات التحكم في الانفعالات ما يلي:

  • اضطراب الاندفاعية العام

يعاني هؤلاء الأفراد من صعوبة في السيطرة على الاندفاعات بشكل عام، مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من السلوكيات الاندفاعية.

  • اضطراب السرقة الاندفاعية

يعاني هؤلاء الأفراد من اندفاعات لا يمكنهم مقاومتها، لسرقة أشياء غير ضرورية للاستخدام الشخصي أو القيمة المالية.

  • اضطراب الانفجار العنيف المتقطع

يتميز بنوبات مفاجئة من الغضب الشديد والعنف التي لا تتناسب مع حجم الموقف.

  • اضطراب الأكل الاندفاعي

يتضمن نوبات من الأكل الاندفاعي أو الشراهة، حيث يتناول الفرد كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة من الوقت.

  • الوعي الذاتي: الخطوة الأولى نحو تحسين ضبط النفس هي تطوير الوعي الذاتي، وفهم الأسباب التي تدفع الفرد للتصرف بدون تحكم.
  • تقنيات الاسترخاء: تعلم تقنيات الاسترخاء مثل التأمل والتنفس العميق، يمكن أن يساعد في التحكم في الانفعالات والرغبات الاندفاعية.
  • تحديد الأهداف: وضع أهداف واقعية وتطوير خطة لتحقيقها، يساعد على التركيز ويقلل من الاندفاعية.
  • التدريب المعرفي السلوكي: هذا النوع من التدريب يساعد في تغيير الأنماط الفكرية والسلوكية السلبية، التي تؤدي إلى عدم ضبط النفس.
  • الدعم الاجتماعي: الحصول على دعم من الأصدقاء والعائلة، يمكن أن يكون حافزًا قويًا لتحسين ضبط النفس.

في ختام هذا المقال، يُمكننا أن نستنتج بأن ضبط النفس والتحكم في الذات هما من أهم المهارات الأساسية للنجاح في الحياة. تطوير هذه القدرات يتطلب فهمًا للعوامل التي تؤثر على سلوكنا ومشاعرنا، والعمل المستمر على تحسين الوعي الذاتي وتطبيق استراتيجيات فعّالة للتعامل مع التحديات اليومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى