صفار المواليد – يرقان حديثي الولادة .. علاج صفار المواليد بالضوء

هل يُعد صفار المواليد ظاهرة طبيعية عند الكثير من حديثي الولادة؟ أم إن هناك أمور تشير إلى أسباب مرضية لديهم؟ لمزيد من التفاصيل تابعوا معنا هذا المقال.

ما صفار المواليد؟ وما أعراضه؟

صفار المواليد (Neonatal Jaundice) هو اصفرار الجلد وبياض العين عند الرضيع، نتيجة تراكم صبغة البيليروبين بالدم، وعدم قدرة كبد الرضيع غير الناضج على التخلص منها.

تختلف أعراض صفار المواليد على حسب شدته ودرجة تراكم البيليروبين بجلد الرضيع، يبدأ تلون الجلد باللون الأصفر على الوجه والجبهة، ويمتد باتجاه القدمين مع زيادة مستويات البيليروبين، وتشمل الأعراض ما يلي:

  • اصفرار لون الجلد والأغشية المخاطية، وبياض العين لدى الوليد.
  • لا يتغذى الطفل بشكل جيد ويبدو ضعيفًا هزيلًا، ولا يكتسب وزنًا.
  • كثرة النوم مع صعوبة الاستيقاظ.
  • بكاء الطفل بصوت عالي.

جدير بالذكر أن: الأطفال الذين يولدون مبكرًا (الخدج) أقل من 37 أسبوع أكثر عرضة للإصابة باليرقان من الأطفال المولودين بعد مدّة حمل كاملة.

ماهي النسبة الطبيعية لابو صفار حديثي الولادة؟

تتراوح القيم الطبيعية للبيليروبين الكلي (Total Bilirubin) من 0.3-1.0 مجم / ديسيلتر، وقيمة البيليروبين المقترن المباشر (Direct Bilirubin) هي 5.2 مجم / ديسيلتر خلال 24 ساعة من الولادة. 

تختلف نسبة تراكم البيليروبين لدى حديثي الولادة وفقًا لسبب حدوث الصفراء لديهم، وهل هي صفراء فسيولوجية أم ناتجة لأسباب مرضية، ولذلك يمكن تصنيف صفار المواليد إلى ما يلي:

صفار المواليد الطبيعي (الفسيولوجي)

يُعد صفار المواليد الطبيعي ظاهرة فسيولوجية تحدث لأكثر من ثلثي حديثي الولادة الأصحاء بعد حوالي 2-3 أيام من الولادة ويصل إلى الذروة خلال اليومين 4-5 من الولادة، بينما تزول أعراضه تلقائيًا بعد 10-14 يوم دون أي مضاعفات.

 تحدث نتيجة تراكم صبغة صفراء تسمي البيليروبين بالجلد, وهي الناتجة عن تكسير خلايا الدَّم الحمراء التي كان يتغذى عليها الرضيع عبر المشيمة، وإنشاء خلايا دَم حمراء جديدة غيرها، مع عدم قدرة كبد الرضيع علي التخلص من البيليروبين المتراكم نظرًا لعدم كفاية نضجه.

صفار الرضاعة الطبيعية

ويظهر خلال الأسبوع الأول من الولادة، نتيجة الجفاف وعدم حصول الطفل على الرضاعة بقدر كافي (سواء من ثدي الأم أو الحليب الصناعي)، ويبلغ ذروته عند 5-15 يومًا من العمر ويختفي بحلول الأسبوع الثالث من العمر، وينصح الطبيب الأم في هذه الحالة إرضاع طفلها من 10-12 مرة في اليوم، لكي يزيد من حركة الأمعاء، ويُسرع من إخراج البيليروبين من جسم الرضيع خلال البراز.

صفار المواليد الناتج عن حليب الثدي

يحدث يرقان حليب الثدي عند بعض الأطفال الأصحاء بعد 5-7 أيام من الولادة، ويبلغ ذروته في حوالي أسبوعين، يُعتقد أنه ناتج عن زيادة تركيز بيتا جلوكورونيداز في حليب الثدي، مما يتسبب في زيادة تفكيك البيليروبين وإعادة امتصاصه، وفي هذه الحالة ربما ينصح الطبيب الأم بالتوقف عن الرضاعة الطبيعية لمدة من 48 – 72 ساعة وإرضاع الوليد حليب صناعي خلال هذه المدة ثم استئناف الرضاعة الطبيعية مرة أخرى عندما يقل مستوى البيليروبين غير المباشر لقيمة مناسبة.

جدير بالذكر أن: من الضروري سحب وشفط اللبن من ثدي الأم خلال مدّة التوقف عن الرضاعة الطبيعية حتى لا يجف الحليب لديها.

صفار المواليد المرضي

يظهر فيه اليرقان في أول 24 ساعة الولادة، ويزيد أيضًا البيليروبين بمعدل أكثر من 5 مجم / ديسيليتر يوميًا، وعادةً ما يستمر مع الرضيع لأكثر من أسبوعين ويكون مصحوبًا بلون البول الغامق.

أسباب صفار المواليد المرضي عند حديثي الولادة

يحدث اليرقان الشديد عند حديثي الولادة في بعض الحالات منها:

1- إذا كان الطفل يعاني زيادة تكسير خلايا الدَّم الحمراء نتيجة للإصابة ببعض الأمراض مثل:

  •  فقر الدَّم المنجلي لدي الرضيع.
  • عدم تطابق فصيلة الدَّم بين الأم والطفل. 
  • صدمة الولادة: وهو نزيف تحت فروة رأس الرضيع نتيجة استخدام أدوات الشفط أو الملقط لتوليد الطفل.
  • قصور الغدة الدرقية.
  • نقص بعض البروتينات الهامة لدي الرضيع.

هذه الأمراض تكون مصحوبة غالبًا بزيادة البيليروبين غير المباشر.

2- إذا كان الطفل يعاني مشكلات مرضية تجعل من الصعب عليه إزالة البيليروبين ومن هذه المشكلات ما يلي:

  • الالتهابات التي تظهر عند الولادة، مثل الحميراء والزهري وغيرها.
  • الأمراض التي تصيب الكبد أو القناة الصفراوية مثل: التليف الكيسي أو التهاب الكبد، وعادةً ما يكون بول الطفل داكن اللون “كوكا كولا”، بينما يكون البراز فاتح اللون.
  • انخفاض مستوى الأكسجين.
  • الإلتهابات بالدَّم (تعفن الدَّم).
  • العديد من الاضطرابات الوراثية.
  • تناول الأم أو الرضيع لبعض الأدوية مثل: سيفترياكسون، السلفوناميدات، ومضادات الملاريا.

هذه الأمراض تكون مصحوبة غالًبًا بزيادة البيليروبين المباشر.

متى يكون صفار المواليد مُنذِرُ بالخطر؟

يكون صفار المواليد مؤشر يدل على الخطر في الحالات الآتية:

  • ظهور اليرقان في أول 24 ساعة من حياة الرضيع، أو بعد الأسبوع الأول من ولادته، أو يستمر اليرقان لأكثر من أسبوعين.
  • إذا كان إجمالي البيليروبين في الدَّم > 18 مجم / ديسيلتر.
  • معدل ارتفاع مستوى البيليروبين الكلي في الدَّم > 0.2 مجم / ديسيلتر / ساعة أو > 5 مجم / ديسيلتر / يوم.
  • تركيز البيليروبين المقترن > 20٪ من إجمالي البيليروبين في الدَّم (يشير إلى ركود صفراوي حديثي الولادة).
  • أن يعاني الوليد الخمول والتهيج وضيق التنفس.

 يشعر الأطباء أيضًا بالقلق إذا كانت مستويات البيليروبين غير المباشر عند أو أعلي من 20-25 مجم / ديسيلتر؛ إذ قد يتسبب ذلك في حدوث تهيج في بعض مناطق الدماغ لدى الوليد وهو ما يسمى باعتلال الدماغ الحاد (التهاب الدماغ).

كيفية تشخيص صفار المواليد

يُشخص صفار المواليد عن طريق:

  • الفحص الجسدي للرضيع.
  • اختبارات الدَّم المعملية.
  • فحص الجلد عن طريق جهاز يسمى مقياس البيليروبين عبر الجلد.

قد يطلب الطبيب إجراء اختبارات دَم إضافية أو اختبارات بول لمعرفة الأسباب المؤدية لحدوث الصفار.

علاج اليرقان عند حديثي الولادة

يتوقف علاج اليرقان عند حديثي الولادة على حسب نوعه والأسباب التي أدت إليه، ومن طرق العلاج ما يلي:

  • التغذية الكافية للطفل.
  • العلاج بالضوء.
  • إعطاء الوليد الغلوبولين المناعي الوريدي (IVIG).
  • نقل الدَّم التبادلي في حالات اليرقان الشديد غير المستجيب للعلاجات الأخري.
  • التدخل الجراحي في بعض الحالات مثل: الصفراء الناتجة عن انسداد القنوات الصفراوية.

جدير بالذكر أن: من طرق العلاج أيضًا معرفة سبب اليرقان سواء ما إذا كان مرض مناعي أو خلل بوظائف الكبد وعلاجه تحت إشراف الطبيب المختص.

علاج صفار المواليد بالضوء (Phototherapy)

لا يحتاج الطفل في الغالب إلى أي علاج إذا كان يعاني يرقان طبيعي (فسيولوجي)، أما إذا كان مستوى البيليروبين لديه مرتفعًا، فإن العلاج الأكثر شيوعًا هو العلاج بالضوء، و يكون في المستشفى.

يعمل العلاج بشكل أفضل عندما يتعرض أكبر قدر ممكن من الجلد للضوء خلال الخطوات الآتية:

  • خلع ملابس الطفل.
  • وضع الطفل في حاضنة للتدفئة في أثناء العلاج.
  • تغطية عيون الطفل بأغطية العين الواقية المناسبة، ووضع الطفل أيضًا في الحفاض.

يعمل العلاج بالضوء عن طريق تكسير أو تغيير البيليروبين في الجلد إلى شكل لا يسبب الصمم أو تلف الدماغ.

ومن المفاهيم الخاطئة حول علاج يرقان المولود بالضوء هو إمكانية علاجه منزليا باستعمال مصباح أبيض (فلوروسنت)، وهذا غير صحيح بالمرة حيث يتطلب العلاج التعرض لأطوال موجية معينة من الضوء لا تتوفر إلا عبر جهاز مخصص لهذا الغرض.

والحالات التي نجح فيها علاج اليرقان باستعمال المصباح المنزلي ما هي إلا محض صدفة، حيث كان المولود يعاني صفراء غير مرضية (فسيولوجية) وزالت تلقائيا بلا علاج، فظن الأهل أن المصباح المنزلي هو سبب علاجها، ومن هنا شاع الاعتقاد بأن المصباح الأبيض المنزلي فعال فى علاج صفراء المواليد.

هل العلاج بالضوء يضر الرضيع؟

العلاج بالضوء آمن وفعال، ولا يحتوي على أي أشعة تضر بالطفل، مع مراعاة تغطية العين ولبس الحفاض، ويجب أن يكون بالمستشفى تحت إشراف الطبيب المختص؛ إذ إن العلاج بالضوء ليس المقصود به العلاج بأشعة الشمس.

كم مدة العلاج الضوئي للصفار؟

 يحتاج الطفل إلى العلاج بالضوء حتى ينخفض ​​مستوى البيليروبين لديه إلى مستوى أكثر أمانًا، ولذلك قد يحتاج الطفل إلى فحوصات دَم منتظمة لقياس مستوى البيليروبين، عادةً ما يتلقى الأطفال علاجًا بالضوء لمدة 48 ساعة، وربما تطول المدة إذا ظلت مستويات البيليروبين مرتفعة.

علاج صفار المواليد بالبيت 

من الممكن علاج صفار المواليد في حالة اليرقان الخفيف الذي لم يتجاوز 15 مجم/ ديسيليتر في البيت بإتباع النصائح والإرشادات الآتية:

  • إرضاع الوليد بشكل متكرر خلال اليوم لتجنب الجفاف، ولتسهيل خروج البيلروبين من جسم الرضيع.
  • تعريض الطفل لأشعة الشمس الهادئة لتكسير البيليروبين المتراكم، ومساعدة كبد الطفل من التخلص منه.
  •  تدليك الطفل حيث أشارت البحوث أن التدليك بالزيت المهدئ في ضوء الشمس اللطيف في الصباح كل يوم يمكن أن يحسن حركة الأمعاء عند الأطفال، ويساعد على التخلص من البيليروبين عن طريق تقليل الدورة الدموية المعوية الكبدية.

لا يُعد صفار المواليد أمرًا مقلقًا في أغلب الأحيان، ويحدث لكثير من حديثي الولادة، ولكن ينبغي متابعة الطفل بعناية تحت إشراف الطبيب المختص لحين زوال الأعراض، وتجنب تفاقم الحالة.

المصدر
nhskidshealthmedlineplus

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى