سرطان الثدي الالتهابي.. وما حوله من مخاوف وتساؤلات
لابد أنك عندما تسمع أو تقرأ كلمة سرطان سينتابك شعور بالقلق وربما وخزة في صدرك أو قبضة في قلبك. ولكن لا عليك فإن السرطان في يومنا هذا -بفضل الله تعالى- قد أصبح مرض في متناول الطب، واضح التشخيص ومحدَد العلاج؛ لذلك فكل ما عليك هو أن تهدأ وتستعين بالله في فهم معلومات هذا المقال عن سرطان الثدي الالتهابي لعله يطمئن بها قلبك ويهدأ بها عقلك ويزداد ثراءً.
سرطان الثدي الالتهابي
هو نوع نادر من أنواع السرطان، فهو يختلف في أعراضه وعلاجه عن سرطان الثدي المعروف، حيث تكون الإصابة به حوالي 1-5٪ من جميع سرطانات الثدي.
يعد سرطان الثدي الالتهابي سرطان موضعي من النوع المتقدم حيث أنه يبدأ من الثدي ثم ينتشر حوله في الأنسجة القريبة منه والعقد الليمفاوية المحيطة به.
أعراض سرطان الثدي الالتهابي
على عكس سرطان الثدي المعروف فإن سرطان الثدي الالتهابي لا يعتبر الورم فقط عرضًا قاطعًا له، وتتراوح فترة ظهور الأعراض وتطور المرض ما بين الثلاث والستة أشهر.
من أهم الأعراض:
- الشعور بالثقل في الثدي.
- تغير اللون والاحمرار.
- تورم جزء من الثدي.
- تسطيح الحلمة أو انغماسها داخل الثدي.
- دفء الثدي المصاب عن السليم.
- ظهور حفر دقيقة على الثدي فيظهر بشكل قشر البرتقال.
- قد يحترق الثدي و يتألم ويعاني من الحكة ويكون طريًا.
- تورم العقد الليمفاوية تحت الإبط أو فوق عظمة الترقوة.
عليك مراجعة الطبيب فورًا عند ظهور أي أعراض أو تغيرات على الثدي ويجب عدم التهاون في ذلك وملاحظة الأعراض بدقة.
ملحوظة: هناك أعراض قد تتداخل مع عدوى الثدي, حيث أن هناك بعض الأعراض التي تشترك بين سرطان التهاب الثدي وبين عدوى الثدي وهي التهاب الثدي وذلك إذا كنت حاملاً أو ترضعين. لذلك إذا لم يأتي علاج عدوى الثدي بنتيجة فيجب عليكِ استشارة طبيبك في القيام بفحص سرطان الثدي الالتهابي.
أسباب سرطان الثدي الالتهابي
لم يُثبت حتى الآن أسباب محددة لسرطان الثدي الالتهابي، ولكن يبدأ المرض عندما يحدث تغيير في خلية الثدي في الحمض النووي DNA وغالباً ما تقع هذه الخلية في احدى القنوات التي تحمل الحليب إلى حلمة الثدي. ويمكن أيضًا أن يبدأ المرض من خلية في النسيج الغدي المنتج للحليب.
ويقوم الحمض النووي بإخبار الخلية عمّا يجب القيام به من وظائف ويبدأ المرض عندما يعطي الحمض النووي أوامر للخلية بالانقسام والنمو سريعًا.
بعد ذلك تتجمع الخلايا المسببة للمرض وتسد الأوعية الليمفاوية في الثدي مما يؤدي لاحمرار الجلد وتورمه وهذه تعتبر علامة شائعة جدًا من علامات سرطان الثدي الالتهابي.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي الالتهابي
قد يبدو لك أن سرطان الثدي الالتهابي يصيب النساء فقط ولكن هذه معلومة خاطئة حيث يمكن للرجال أيضًا أن يصابوا بهذا المرض، ولكن النساء هن الأكثر عرضة للإصابة به.
- الفئة العمرية ما بين ٤٠ و٥٠ عامًا
- النساء السمراوات.
- من يعانون من السمنة أو زيادة الوزن.
فحوصات لتشخيص سرطان الثدي الالتهابي
تنقسم طرق الفحص إلى ثلاثة طرق رئيسية وهم:
- الفحص الفيزيائي: يكون الكشف الفيزيائي لسرطان الثدي الالتهابي متعلق بفحص العلامات المميزة لهذا المرض مثل:
- الاحمرار.
- الورم.
- تسطح الحلمة.
- أي علامات أخر مميزة.
- الفحص التصويري بالأشعة: وفي هذا الفحص يقوم الطبيب بطلب إجراء أشعة إكس راي للثدي (ماموجرام) ليقوم بالكشف عن وجود أي علامة لم يلاحظها في الفحص الفيزيائي.
- أخذ عينة وتحليلها: وهو ما يعرف بخزعه الثدي (biopsy) ويتم عن طريق أخذ عينة بسيطة من النسيج المصاب وتحليلها في المعامل الخاصة حيث يمكن تحديد علامات سرطان الثدي الالتهابي بدقة.
كيفية تحديد مدى انتشار المرض
يمكن أن يطلب منك الطبيب إجراء بعض الفحوصات الإضافية التي تحدد مدى انتشار المرض.
وتكون هذه الفحوصات عبارة عن:
- أشعة مقطعية لأجزاء معينة من الجسم.
- أشعة على العظام.
- التصوير المقطعي بالانبعاثات البوزيترونية (PET)
من الممكن ألا يطلب منك الطبيب إجراء كل هذه الفحوصات ولكن بعضها وذلك يتم تحديده تبعًا لحالتك.
من خلال هذه الفحوصات يقوم الطبيب بتحديد مدى انتشار المرض وتكون النتائج عادة بالأرقام اللاتينية وذلك لمدى تطور المرض.
وعادة ما تتراوح بين ثلاثة إلى أربعة فما فوق وذلك يدل على مرحلة المرض وانتشاره في بقية أجزاء الجسم.
يساعد تحديد مرحلة انتشار المرض وتطوره في إختيار العلاج المناسب تبعًا للحالة.
علاج سرطان الثدي الالتهابي
تكون طريقة علاج هذا المرض مختلفة قليلًا عن علاج سرطان الثدي المعتاد؛ وذلك لأن سرطان الثدي الالتهابي هو أسرع إنتشارًا ويؤثر على جلد الثدي.
لذلك فيمكن أن يستعين الطبيب بأكثر من طريقة للعلاج، فإذا كان المرض غير منتشر يلجأ الطبيب إلى العلاج الكيميائي بالمزامنة مع العلاج الإشعاعي أو الجراحي.
ولكن إذا كان المرض منتشر بعيدًا عن موضع نشأته يلجأ الطبيب الى العلاج بالعقاقير الطبية بجانب العلاج الكيميائي وذلك يعمل على إبطاء سرعة إنتشار المرض.
وتنقسم طرق العلاج إلى:
- العلاج الكيميائي
الهدف من العلاج الكيميائي هو تدمير خلايا السرطان سريعة الإنتشار ويمكن أن يتلقى الجسم العلاج الكيميائي عن طريق الوريد أو تناوله في صورة حبوب.
يعمل العلاج الكيميائي على تقليص حجم الورم قبل اللجوء إلى الجراحة لاستئصال الورم.، فيعمل على زيادة فرص نجاح العملية الجراحية وتقليل فرص عودة المرض مرة أخرى.
- الجراحة
بعد العلاج الكيميائي يمكن أن يتعرض المريض لعملية جراحية لاستئصال الجزء المصاب من الجسم.
عادة ما تكون العملية الجراحية عبارة عن:
- جراحة استئصال الثدي: ويكون فيها الاستئصال لجميع أجزاء الثدي – الفصوص والقنوات والأنسجة الدهنية وأجزاء من الجلد والحلمة.
- جراحة استئصال الغدد الليمفاوية القريبة منه: سيقوم الجراح بإزالة الغدد الليمفاوية القريبة من الثدي وتحت الذراع.
- العلاج الإشعاعي
يُستخدم في هذا النوع من العلاج مصادر إشعاعية عالية الطاقة مثل أشعة إكس راي X-ray ويتم توجيه الجهاز على الجزء المصاب حيث تعمل على قتل الخلايا السرطانية.
في السرطان الثدي الالتهابي يتم اللجوء إلى العلاج الإشعاعي بعد التدخل الجراحي وذلك للتأكد من القضاء على أي خلايا سرطانية متبقية لتقليل فرصة عودة المرض مرة أخرى.
- العلاج الموَجَّه.
يستهدف هذا العلاج القضاء على تشوهات محددة داخل الخلية السرطانية حيث أنها تنتج بروتين بشكل مفرط وهو ما يسمى بمستقبل عامل نمو البشرة البشري 2 (HER2)
فإذا كان فحص المريض إيجابي لهذا البروتين فيقوم الطبيب بدمج العلاج الموجه مع العلاج الكيميائي قبل الجراحة ودمجه مع العلاج الهرموني بعد الجراحة.
- العلاج الهرموني
يستخدم هذا العلاج مع أنواع السرطانات التي تستخدم هرموناتك للنمو، وتنقسم هذه السرطانات إلى:
- مستقبلات هرمون الاستروجين (ER إيجابية).
- مستقبلات البروجسترون (PR إيجابية).
يُستخدم العلاج الهرموني فيما بعد الجراحة لمنع عودة المرض مرة أخرى، أما إذا كان المرض في مرحلة الانتشار فيستخدم هذا العلاج لتقليص مدى انتشاره.
يعتمد العلاج الهرموني على ثلاث طرق أساسية:
- الأدوية تعمل على منع الهرمونات من الارتباط بالخلايا السرطانية.
- أدوية تمنع الجسم من صنع هرمون الاستروجين بعد انقطاع الطمث.
- جراحة أو أدوية لوقف إنتاج الهرمونات.
- العلاج المناعي
في هذه التقنية من العلاج يُستخدم جهازك المناعي لمحاربة السرطان. ولكن في بعض الأحيان لا يهاجم جهازك المناعي السرطان لأن خلايا السرطان تنتج بروتينات تساعد في الاختباء من الجهاز المناعي. لذلك يعمل العلاج المناعي على تعديل هذه العملية.
يستخدم العلاج المناعي عادة في حالات انتشار المرض إلى مناطق أخرى من الجسم.
قد يختبر الطبيب خلايا السرطان لتحديد إذا كان من المحتمل أن تستجيب للعلاج المناعي أو لا.
نصائح لإدراك ما يجب عليك فعله
في أغلب الأحوال قد ينتشر سرطان الثدي الالتهابي سريعًا مما يجعلك مضطرًا للخضوع إلى العلاج قبل البدء في التفكير في الأمور بتأني لذلك عليك اتباع بعض النصائح لتهدئة نفسك وتهيئتها لاستقبال العلاج.
إليك بعض النصائح:
- زيادة وعيك بمرض سرطان الثدي الالتهابي:
وذلك عن طريق سؤال طبيبك عن المصادر الموثوقة للحصول على المعلومات عن هذا المرض؛ حتى لا يزداد خوفك من الأمور يجب أن تكون على دراية بها.
عليك سؤال طبيبك عن ما هي مرحلة المرض لديك وما هي خيارات العلاج المتاحة لك و ما النصائح التي يجب أن تتبعها.
- طلب الدعم النفسي:
من المرجح في بداية علاجك أن تكون مضطرب ومشوش بكثير من التساؤلات والتخوفات لذلك فيجب عليك مشاركة هذا مع شخص مقرب منك من أصدقائك أو أفراد العائلة وإذا لم يكن ذلك متاحًا لك فيمكنك سؤال طبيبك عن مستشار يعمل على دعم مرضى السرطان.
- التواصل مع أحد متعافي السرطان:
عادة ما يكون أفضل مصادر الدعم في هذه الحالة هي اللجوء إلى أحد المتعافين من السرطان فهم أكثر دراية بك ومشاعرك وتفكيرك حينها.
لذلك أسأل طبيبك عن جروبات الدعم القريبة منك وانضم لها واطرح تساؤلاتك ومشاعرك بكل وضوح.
وإذا لم يكن هذا متاح بالقرب منك فيمكن اللجوء الى تجربة الدعم الاونلاين عن طريق https://www.breastcancer.org/.
التحضير لمقابلة الطبيب
من المعروف أن وقت الكشف غالبًا ما لا يكون طويلًا لذلك عليك تحضير نفسك لتلك المقابلة لكي تحصل على الفائدة القصوى منها لفهم حالتك.
ومن النصائح لمقابلة الطبيب:
- اسأل عن ما إذا كان عليك الإلتزام بأي شرط قبل الذهاب للموعد، مثل تعديل نظامك الغذائي.
- قم بتدوين أي أعراض تعاني منها، حتى وإن كانت لا تخص نفس المرض.
- اكتب المعلومات الرئيسية عنك، خاصة إذا كنت تعاني من أي ضغوط كبيرة أو تغييرات في الفترة الأخيرة.
- أذكر جميع الأدوية أو الفيتامينات والمكملات الغذائية التي تتناولها.
- اصطحب معك أحد أفراد الأسرة أو الأصدقاء: أحيانًا يبدو من الصعب تذكر جميع المعلومات اللازمة أثناء الموعد. ولكن الشخص الذي يرافقك قد يتذكر شيئًا فاتك أو نسيته.
- اكتب أسئلة تود معرفتها من طبيبك.
اسئلة هامة يمكنك طرحها على الطبيب
- هل انتشر المرض بعيداً عن منطقة الثدي؟
- ما هي مرحلة المرض لدي؟
- ما طرق العلاج المتوقعة والخيارات المتاحة؟
- ما هي مخاطر كلٍ من الطرق العلاجية؟
- ما هو العلاج الأفضل لي من وجهة نظرك كطبيب؟
- ما المدة المتاحة لي لاتخاذ قرار طريقة العلاج؟
- ما المدة المتوقعة لعلاج مرض سرطان الثدي الالتهابي؟
- ما هو تأثير هذا المرض على حياتي اليومية؟
- هل هناك كتب معينة يمكنني قراءتها لزيادة الوعي بهذا المرض؟
- هل يوجد مواقع معينة لمرض سرطان الثدي الالتهابي ومجموعات الدعم؟
- ما هي تكلفة العلاج المتوقعة؟
- متي يمكنني البدء في العلاج؟
- ما هي الفحوصات اللازمة؟
وبعد الانتهاء من اسئلتك الخاصة سيقوم الطبيب بطرح بعض الأسئلة عليك لذا كن مستعدًا لها.
بعض أسئلة الطبيب للمريض
- متى كانت أول مرة تظهر فيها الأعراض؟
- هل تعاني من اعراض اَخري؟
- هل هناك ما يعمل على تحسين تلك الأعراض أو زيادتها سوءاً؟
- هل الأعراض لديك مستمرة أم عرضية؟
- هل لديك أي تاريخ مرضي وراثي لهذا المرض؟
- ما هي الأمراض الأخرى التي تعاني منها؟
وبعد كل ماتم تناوله في هذا المقال فإن الأهم من معرفتك لهذه المعلومات هو أن تعرف أن لكل داء دواء والسرطان ما هو إلا مجرد داء لا يجب التهاون به.
فمثلما قد يهدد مرض مزمن مثل ضغط الدم حياتك في حالة تهاونك في العلاج، أيضًا قد تنتهي رحلة علاجك من سرطان الثدي الالتهابي سريعًا إذا ما انتظمت في العلاج واستعنت بالله في مواجهة هذا التحدي؛ لذلك كل ما عليك هو الاستعداد النفسي لمواجهة تلك المرحلة بقوة والنجاة منها في أقرب وقت.