الأطفال ذوي صعوبات التعلم وطرق وبرامج العلاج
الأطفال ذوي صعوبات التعلم يعانون من مشكلات تعيق التعلم لديهم. وقد لا يتعلمون بنفس الطريقة التي يتعلم بها الأطفال العاديين. وقد يواجهون صعوبة في تطوير بعض جوانب التعلم الأساسية. ويحتاجون إلى طرق تدريس خاصة بهم.
ما هو مفهوم صعوبات التعلم؟ وما هي أسباب وأنواع صعوبات التعلم؟ في هذا المقال نستعرض كل ما يخص الأطفال ذوي صعوبات التعلم.
تعريف صعوبات التعلم
صعوبات التعلم (Learning Disabilities) وتسمى أيضًا إعاقة أو اضطراب التعلم. وتعني أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم لديهم مشكلة تتعلق بقدرة الدماغ على معالجة المعلومات. والتي تمنع الشخص من تعلم مهارة ما واستخدامها بشكل فعال. تؤثر صعوبات التعلم بشكل عام على الاطفال ذوي الذكاء المتوسط أو فوق المتوسط. يترتب على ذلك ظهور الصعوبات على شكل فجوة بين المهارات المتوقعة بناءً على العمر والذكاء، وبين الأداء الأكاديمي.
مفهوم صعوبات التعلم
يشير مفهوم صعوبات التعلم إلى أنها اضطراب يظهر في مرحلة الطفولة. يرجع إلى وجود خلل في الجهاز العصبي المركزي، والذي يظهر في صورة صعوبات تعلم نمائية في كل من الانتباه، الإدراك، الذاكرة، اللغة، التفكير والصعوبات البصرية الحركية والتي تتعلق بأداء المهارات الكبيرة والدقيقة والتي تؤدي إلى صعوبات أكاديمية في القراءة والكتابة والحساب. وبالرغم من هذه الصعوبات إلا أن الأطفال ذوي صعوبات التعلم يتمتعون بدرجات ذكاء متوسطة او فوق متوسطة.
ما هي أسباب صعوبات التعلم؟
تشمل العوامل المسببة لصعوبات التعلم الآتي:
- تاريخ العائلة الوراثي: قد يكون التاريخ العائلي المرضي للطفل سببًا لوجود اضطرابات التعلم لديه.
- مخاطر ما قبل الولادة: تم ربط ضعف النمو في الرحم والتعرض للكحول أو المخدرات أثناء الحمل، والولادة المبكرة وأيضًا الوزن المنخفض عند الولادة باضطرابات صعوبات التعلم.
- الصدمة النفسية: للصدمة النفسية أو سوء المعاملة في مرحلة الطفولة المبكرة أثر بالغ في نمو الدماغ، وتزيد نسب الإصابة باضطراب صعوبات التعلم.
- الصدمة الجسدية: إذا تعرض الطفل لحادث في رأسه أو حدثت التهابات في الجهاز العصبي، فإن هذا يلعب دورًا في تطور إضطراب صعوبات التعلم.
- العوامل البيئية: وتتمثل في التعرض لمستوى شديد من السموم، مثل الرصاص. ويؤدي ذلك لزيادة خطر الإصابة باضطراب صعوبات التعلم أيضًا.
الأعراض المصاحبة للأطفال ذوي صعوبات التعلم
تظهر الأعراض بصور مختلفة من طفل إلى أخر. قد يعاني أحد الأطفال من صعوبة التهجي والقراءة، بينما يصعب على الطفل الأخر فهم الرياضيات. وقد نجد طفل يعاني من فهم ما يقوله الأخرين أو التواصل بصوت عالٍ. الصعوبات مختلفة للغاية، ولكنهم جميعًا من أطفال ذوي صعوبات التعلم.
ليس من السهل تحديد صعوبات التعلم لدى الأطفال. ولكن هناك علامات شائعة لها. إذا كانت الأم أو القائمين على تربية الطفل على دراية بها، فسوف يساعد ذلك في اكتشاف تلك الصعوبات مبكرًا. ومن هذه العلامات ما يلي:
العلامات المصاحبة لسن ما قبل المدرسة
- يواجه الأطفال ذوي صعوبات التعلم صعوبة في نطق الكلمات.
- يعانون من استعمال الكلمات المناسبة.
- صعوبة استخدام القافية.
- صعوبة في تعلم الحروف الأبجدية أو الأرقام أو الألوان أو أيام الأسبوع.
- صعوبة في استخدام الأقلام الرصاص أو أقلام التلوين أو التحكم في التلوين داخل إطار دون الخروج عنه.
- يعانون من صعوبة في إتباع الأوامر أو توجيهات التعلم.
العلامات المصاحبة لسن من 5 إلى 9 سنوات
- يعاني الأطفال ذوي صعوبات التعلم في هذه المرحلة من صعوبة في المزج بين الحروف و أصواتها.
- لا يستطيعون المزج بين الأصوات لتكوين كلمات.
- يخطئون في تهجئة الكلمات باستمرار.
- بطيئون في تعلم المهارات الجديدة.
- لديهم مشاكل في تعلم مفاهيم الرياضيات الأساسية.
- صعوبة تعلم الوقت وتذكر تسلسل الأحداث.
العلامات المصاحبة لسن من 10 إلى 13 سنة
- صعوبة في القراءة وفهم الرياضيات والاستيعاب.
- يكرهون الكتابة والقراءة مع تجنب القراءة بصوت عالٍ.
- يعانون من مشاكل في أسئلة الأختبار المفتوحة والمسائل الكلامية.
- خط اليد مهزوز وضعيف.
- لديهم مشكلات في متابعة مناقشات الفصل والتعبير عن أفكارهم بصوت عالٍ.
- المهارات التنظيمية لديهم ضعيفة. مثل(المكتب فوضوي، الواجبات المنزلية بدون ترتيب وغير منظمة).
- تهجي نفس الكلمة بشكل مختلف داخل الدرس واحد.
أنواع الصعوبات لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم
تنقسم صعوبات التعلم لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم إلى نوعين هما (صعوبات التعلم النمائية، وصعوبات التعلم الأكاديمية). تظهر صعوبات التعلم النمائية أولًا في مرحلة الطفولة المبكرة أي (مرحلة ما قبل المدرسة). ويترتب على ظهور الصعوبات النمائية لدى الطفل ظهور الصعوبات الأكاديمية مع دخوله المدرسة. وغالبًا ما تنحصر الصعوبات لدى الاطفال ذوي صعوبات التعلم في مجموعة المهارات المدرسية. وعادةً ما تدور اضطرابات التعلم حول القراءة أو الكتابة أو الرياضيات.
- صعوبات التعلم النمائية: وتشمل الصعوبات النمائية لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم الآتي.
- اضطرابات الانتباه: تعد اضطرابات الانتباه هي الأكثر شيوعًا بين الأطفال الذين يعانون من صعوبات التعلم والأطفال المصابين باضطراب تشتت الانتباه وفرط الحركة ADHD. والانتباه عامل رئيسي و المدخل الأهم لجميع المهارات التعليمية.
- اضطرابات التذكر: تسمى اضطرابات الذاكرة أيضًا. وهي قدرة واحدة متكاملة تشمل الذاكرة طويلة المدى وقصيرة المدى، الذاكرة السمعية، الذاكرة البصرية، والذاكرة الحس حركية.
- اضطرابات الإدراك: اضطراب الإدراك هو القدرة على إدراك التنبيهات الحسية الواردة والمثيرات عبر الحواس المختلفة ومعالجتها ذهنيًا في إطار الخبرات السابقة، والتعرف عليها وإعطائها معانيها والدلالات المعرفية المختلفة.
- اضطرابات التفكير: هو صعوبة تكوين المفهوم عن مجموعة أشياء أو وقائع تتميز بخاصية معينة، عن مجموعة أشياء أو وقائع أخرى تتميز بخاصية معينة أخرى.
- صعوبات التعلم الأكاديمية: وتتضمن صعوبات التعلم الأكاديمية مجموعة المهارات المدرسية الأساسية الآتية.
صعوبات التعلم في القراءة (Dyslexia)
هناك نوعان من صعوبات تعلم القراءة.
- صعوبات القراءة الأساسية: وتحدث عندما يكون لدى الأطفال ذوي صعوبات التعلم مشكلة في فهم العلاقة بين الأصوات والحروف والكلمات.
- صعوبات الفهم القرائي: وتحدث عندما يواجه الاطفال ذوي صعوبات التعلم مشكلة في فهم معاني الكلمات والعبارات والفقرات.
صعوبات التعلم في الكتابة (Dysgraphia)
تسمى أيضًا باسم (قصور التصوير) أو عدم الانسجام بين البصر والحركة، فقد لا يستطيع بعض الأطفال ذوي صعوبات التعلم الذين يعانون من اضطرابات كتابية مسك القلم بشكل صحيح، وقد يواجه آخرون صعوبة في كتابة بعض الحروف فقط. في حين أن البعض الآخر يجد صعوبة في الكتابة التعبيرية وتنظيم الأفكار على الورق.
صعوبات التعلم في الرياضيات (Dyscalculia)
تظهر صعوبات التعلم في الرياضيات مختلفة بشكل كبير. تتأثر قدرة الطفل على فهم واستيعاب الرياضيات لوجود اضطراب بصري أو صعوبة في التسلسل أو الذاكرة أو التنظيم.
يعاني الأطفال ذوي صعوبات التعلم القائمة على الرياضيات من الحفظ أو تنظيم الأرقام أو التفرقة بين علامات العمليات الحسابية، وقد يواجهون أيضًا مشاكل في مبادئ العد.
مثال لحالة طالب لديه صعوبات في الرياضيات
طلب المعلم من الطالب (يوسف) البالغ من العمر8 سنوات إيجاد ناتج عملية الجمع التالية:
(5+5) وكانت إجابة يوسف هي (10).
ثم طلب المعلم من يوسف إيجاد حاصل ضرب العملية التالية:
(5×5) وكانت إجابة يوسف لحل تلك العملية أيضًا هي (10) بينما الناتج لعملية الضرب هذه هو (25)
ومن هنا وجد المعلم أن الطالب يوسف لديه صعوبة في التفرقة بين علامات العمليتين الجمع(+) والضرب(×) فهو لا يفهم الفرق بينهما أو يراه. لاحظ المعلم أن تحصيل يوسف الأكاديمي لا يتقدم عن تحصيله في العام الماضي، ومع مناقشة الوالدين أكدوا أنهما لا يستطيعان مساعدة طفلهما في التحصيل، وتم تحويل يوسف إلى المعلم المختص بالصعوبات الأكاديمية.
طرق وبرامج علاج الأطفال ذوي صعوبات التعلم
تعتمد الطرق والإستراتيجيات المستخدمة مع الأطفال ذوي صعوبات التعلم على التدخل المبكر، وعمل برنامج فردي يتناسب مع نقاط القوة والضعف لدى كل طفل من ذوي صعوبات التعلم يساعد في تطويره. إن دعم الأطفال ذوي صعوبات التعلم في وقت مبكر يزيد من فرصة النجاح في المدرسة والتعلم الأكاديمي لاحقًا. ومن طرق وبرامج علاج الأطفال ذوي صعوبات التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة (مرحلة ما قبل المدرسة) الآتي.
برامج تركز على العلاج
يركز هذا النوع من البرامج على علاج الصعوبات والنواحي الداخلية الخاصة بالطفل صاحب الصعوبة في التعلم دون التركيز على المحتوى. وتسمى أحيانًا هذه البرامج (تدريب القدرة أو العملية). ويكون الهدف من هذه البرامج علاج الضعف والقصور في جانب معين. مثل (الجانب الإدراكي البصري أو جانب تركيز الانتباه أو جانب التمييز السمعي) وتلك الجوانب هي جزء من أجزاء الصعوبات النمائية والتي يترتب عليها فيما بعد الصعوبات الأكاديمية.
إن الانتباه هو المدخل الرئيسي لتعلم المهارات الأعلى منه، فبدون الانتباه لن تكون هناك ذاكرة قوية أو إدراك مناسب أو تطور في مهارات التفكير فيما بعد. وفيما يلي نشاط لحالة طفل يعاني من اضطرابات الانتباه.
نشاط من واقع جلسة علاجية
الطفلة (مريم) ذات الأربعة أعوام تعاني من تشتت في الانتباه ونقص التركيز. وقد تم عمل خطة علاجية تدريبية لها داخل الروضة.
تقوم المعلمة بعمل نشاط لغوي للطفلة مريم الهدف منه زيادة مدة تركيز الانتباه البصري لديها. تعطي المعلمة للطفلة الكاميرا وتشير لها على زر التصوير، ثم تطلب منها الخروج إلى حديقة الروضة وتصوير المناظر والأشياء التي تفضلها. بعد عودة الطفلة تطلب منها المعلمة شرح عناصر وتفاصيل الصور التي التقطتها.
البرامج التعويضية
يصمم هذا النوع من البرامج لتزويد الأطفال ذوي صعوبات التعلم بالخبرة التعليمية من خلال الطرق والقنوات الغير تقليدية. من خلال المواد المسجلة والتقنيات البصرية ويطلق عليها (العلاج القائم على تدريب المهارة).
مثال:
إذا لم يستطع الطفل إتقان قراءة الجملة في اللغة، فإن المعلم القائم على تدريب الطفل يبحث عن المهارات السابقة لاتقان قراءة الجملة. مثل إذا كان الطفل ينطق الحروف بشكل صحيح أو قدرته على دمج الأصوات لتكوين كلمات. وهنا يتطلب التعلم إستراتيجية (تحليل المهارة) أى تجزئة المهارة إلى عدة أجزاء تبدأ بالأسهل وتنتهي بالأصعب.
البرامج التي تركز على المنهج البديل
تقوم هذه النوعية من البرامج على تقديم مناهج مختلفة ومتعددة بعكس المناهج التقليدية. تكون هذه المناهج البديلة مناسبة للمتغيرات الخاصة بالمتعلم من ذوي صعوبات التعلم.
ختامًا; إن الأطفال ذوي صعوبات التعلم لديهم ذكاء متوسط أو أعلى من المتوسط، والخطط التدريبية التي تحاكي علاج تلك الصعوبات أصبحت متعددة ومتنوعة في مجال التربية الخاصة. والعامل الأساسي الوحيد لتطور هؤلاء الأطفال هو الكشف والتدخل في سن مبكرة.