ما هو حديث النفس وكيف يؤثر على صحتك النفسية؟

هل تجد سيلاً من الأفكار ينهمر في رأسك عندما تكون وحدك قليلاً، أو تمر بضغوطات معينة ؟ إنه حديث للنفس. بماذا تحدثك نفسك؟! ربما تفكر فيما يدور بحياتك حاليًا، أو ماذا ستفعل في المستقبل، أو حتى تعيد ذاكرتك عليك ما مضى في بعض الأحيان، ولكن، هل تعلم أن حديث النفس يؤثر بشكل كبير على حالتك النفسية، وصحتك العقليلة؟ كيف يحدث ذلك؟ دعنا نغوص قليلاً فيما يدور برأسك من أحاديث، لكي نحللها بعض الشيء، ونعرف كيف تؤثر عليك، ومن ثَم كيف يمكنك استغلال ذلك لتحسين حالتك؟
ما هو حديث النفس؟
حديث النفس هو الحديث الذي يجري بينك وبين نفسك، سواء كان في داخلك، أو بصوت عالٍ، قد يكون هذا الحديث عشوائيًا يدور بداخلك طوال الوقت دون مراقبة منك أوسماع لأفكارك الداخلية، أو ربما أنك لا تلتفت إليه أصلاً ولا تعلم كيف يمكن لذلك يؤثر على حياتك بشكل كبير جدًا، سلبًا أو إيجابًا، ذلك أن حديث النفس قد يكون سلبيًا، أو إيجابيًا، لذلك يجب أن تتعرف على حديث الذات بالتفصيل وتعلم ما إذا كنت تحدث نفسي بشكل إيجابي أم لا.
حديث النفس السلبي
لن يمكنني فعل ذلك بالتأكيد، لست جيدًا بما يكفي ليتم اختياري، لن أنجح في ذلك، وإلى ذلك من هذه الجمل السلبية التي يحدثنا بها ذلك الصوت الخفي في داخلنا، فينعكس ذلك على حالتنا ومشاعرنا وسلوكنا أيضًا دون أن ندري، تعرف معي على بعض الطرق التي يستخدمها عقلك لينتج أفكارًا سلبية سامة تهدم حياتك:
- الترشيح العقلي: عن طريق التركيز على ما هو سلبي فقط ومحو كل الإيجابيات.
- الإفراط في التعميم: مثلما يحدث عندما تعمم تجربة سيئة حدثت لك على باقي التجارب التي لم تخضها بالفعل.
- التهويل من شيء فوق قدره، أو التهوين من بعض الأمور المهمة.
- القفز إلى الاستنتاجات: مثلما يحدث عندما تتوقع سبب قيام شخص بتصرف ما تجاهك، دون أن تملك المعطيات أو تعرف التفاصيل التي تعينك على الاستنتاج حقًا.
- إضفاء الطابع الشخصي: أو فيما يعرف بالشخصنة، فإذا كنت تأخذ نقدًا موجهًا إليك في عمل ما على أنه نقد لذاتك، فأنت تشخصن الأمور.
- التفكير الثنائي: مما يعني الكل أو اللاشيء، إما أن تسير الأمور كما تريد تفصيلاً، أو تنهي الأمر تمامًا.
- قراءة الأفكار: أي أنك تتوقع أنك بالفعل تعرف فيما يفكر الشخص أمامك، وتبني اعتقاداتك على هذا، ولكن هذا لا يكون صحيح.
- استخدام عبارات اللازم: عندما يخاطبك عقلك دائما بعبارة “لازم تفعل كذا وإلا لن تكون ناجحًا، مقبولًا، إلخ..”.
- المنطق العاطفي: تحاول الاستدلال بعواطفك عند انفعالك، باعتبار ذلك منطقًا لا بد منه.
- الوصم: إساءة وصف ذاتك بصفة معينة باستمرار مثل “أنا شخص كسول”، حتى تلتصق تلك العبارة في عقلك الباطن وتتصرف بناءً عليها وإن لم تكن كذلك، أو حتى إن كنت كذلك فكان يمكنك تغيره.
هذه بعض الأفكار السلبية التي تدور في عقولنا اللاوعية باستمرار، ونخاطب بها أنفسنا دون أن ندري، فإذا كانت هذه طريقة حديثك مع نفسك فكيف تتوقع أن تكون صحتك النفسية، ومعدل إنتاجك واقبالك على الحياة؟
نصائح للتوقف عن حديث النفس السلبي
هل تعلم من هو أسوأ منتقدا لك؟ إنه أنت، الخطوة الأولى للتوقف عن نقد نفسك باستمرار والتفكير بطريقة سامة نحو ذاتك، هو معرفة أنك لن تستطيع إيقاف عقلك عن التفكير، ولكن يمكنك التحكم في الأفكار التي ينشغل بها عقلك، إليك بعض النصائح التي ستساعدك على التوقف عن الحديث السلبي لذاتك:
- راقب أفكارك، لا تدع عقلك يفكر بطريقة عشوائية ويمتليء بكثير من الأفكار السلبية التي تجدها فيما بعد تنعكس عليك بمشاعر سلبية دون معرفة السبب.
- تذكر أن الأفكار التي تدور في رأسك ليست حقيقة، ذكر نفسك بذلك دائمًا كلما راودتك تلك المشاعر السلبية.
- يمكنك أن تقلل من حدة حديثك السلبي مع نفسك، إذا كنت لا تستطيع التوقف عنه تماما، إذا كنت تعتقد أنك لن تستطيع فعل شيء إطلاقًا، أخبر نفسك أنه تحدٍ جديد وأنك ستحاول حتى وإن كنت ستفشل.
- فكر في الأمر كأنك صديق لنفسك، فالكلام الذي لا تستطيع أن توجهه لصديق لك، لا يمكنك أن توجهه لنفسك.
- انظر إلى الأشياء من منظور مختلف، حتى تستطيع الحكم.
- ربما يمكنك منح الناقد بداخلك لقبًا معينًا، والتعامل معه على هذا الأساس.
- أوقف تفكيرك تمامًا عندما تبدأ الأفكار السلبية في التسلل إليك، يمكنك فعل هذا من خلال تخيل هذه الفكرة السلبية يتم القضاء عليها أو إلقائها بعيدًا والتخلص منها.
- ممارسة التأمل باستمرار لإعادة ترتيب عقلك.
إذا واجهت حديثك مع نفسك، يمكنك حينها تحسين حياتك للأفضل واستثمار عقلك الباطن فيما ينعكس عليك بمشاعر إيجابية، حيث يمكنك بعدها تهيئة عقل للحديث الإيجابي فقط بينك وبين نفسك، والقضاء على جميع الأفكار السلبية التي تقضي عليك. تعرف على حديث النفس الإيجابي في السطور التالية.
حديث النفس الإيجابي
يعزز حديث النفس الإيجابي من أدائك، وشعورك بالرضا عن نفسك وعن حياتك، ويساعدك على تقليل التوتر والتحكم في الضغوطات من حولك بشكل أكثر فعالية، كما تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتحدثون مع أنفسهم حديثًا أيجابيًا يكونون أكثر قدرة على التعامل مع الصعاب وإدارة المشاكل التي تواجههم، حيث أن الطريقة التي تتواصل مع نفسك الداخلية تؤثر بشكل قوي على أدائك وسلوكياتك تجاه نفسك والأفراد من حولك، وإليك بعض أمثلة للحديث الإيجابي مع النفس:
- أنا فخور بمحاولتي، يكفي أنني حاولت وكنت شجاعًا.
- أستطيع التعبير عن رأيي، أو تغيير رأيي متى أردت.
- الخوف هو مجرد شعور، لا يمكنه أن يمنعني عن فعل ما أريد.
- أنا أسامح نفسي على أي أخطاء سابقة، وأتقبلها كما هي.
- أحب نفسي بما أنا عليه، وأسعى لتطوير ذاتي.
- أنا أستحق كل شيء جيد.
- أنا أثق بنفسي.
كل هذه العبارات يجب أن تحدث نفسك بها دائمًا، حدث نفسك بما تشعر أنك في حاجة لسماعه، فإذا وجدت صديقًا لك تحبه يمر بفترة صعبة مليئة بالضغوطات، بالطبع ستحاول أن تهون عليه الأمر وتخبره أنه فعل ما يستطيع، وأنه جيد ويستحق، وليس عليه أن يلوم نفسه، وأن كل شيء سيكون على ما يرام مرة أخري. إذن، افعل ذلك مع نفسك أيضًا، دون نقاط قوتك في مفكرة وانظر إليها بين حين وآخر، ضع جمل تحفزك أمامك دائمًا، كن لطيفًا مع نفسك.
يمكنك أيضًا معرفة مزيدًا من طرق التفكير الإيجابية من خلال البرمجة اللغوية العصبية.
عندما لا تهتم بالأفكار التي تدور في عقلك، وحديثك مع نفسك، فإنك تترك الأفكار السلبية التي ينشئها عقلك تستحوذ عليك، مما سيجعلك تشعر تدريجيًا بالاكتئاب، وانعدام القيمة الذاتية، وخيبة الأمل في كل شيء حولك، هذه الأفكار السلبية تمنعك عيش حياة مليئة بالبهجة والحب والمخاطرة والمغامرة والعلاقات الهادفة، لذلك لا تدعها تؤثر عليك، توقف قليلا وراقب نفسك، ثم ضع خطة للتغلب على الأفكار السلبية التي تجدها تتردد في عقلك باستمرار، وخطة لتثبيت أفكار إيجابية أخرى بديلة لها، فيجب أن تعلم أنه دائمًا بامكانك اختيار إعادة توجيه وتغيير روايتك من السلبية إلى الإيجابية، فاعمل جاهدًا لصنع روايتك بنفسك.