تنمية مهارات طفل التوحد
إن تنمية مهارات طفل التوحد تحتاج إلى تدخل مبكر مختص في كافة المهارات المختلفة لغويًا وحركيًا واجتماعيًا ومعرفيًا وحياتيًا. فعادًة تتطور مهارات طفل التوحد بمعدلات وترتيب مختلف عن الأطفال العاديين.
تنمية مهارات طفل التوحد (Developing the skills of an autistic child) تبدأ مع ظهور اضطرابات التوحد وقصور واضح في مهارات الطفل بعد تطويرها، مثل أن يبدأ الطفل في إستخدام بعض الكلمات المفردة عند السنة الأولى من عمره ولكنه لا يجيد استخدام اللغة لتقديم طلب أو إلقاء التحية، وبعض الأطفال عند بلوغهم عمر العامين أو الثلاث أعوام يفقدون المهارات اللغوية التي طوروها من قبل. ولا يقتصر قصور الطفل على المهارات اللغوية وحسب بل على تفاعله الاجتماعي والحركي والمهارات المعرفية والحياتية.
المهارات اللغوية
لتنمية مهارات طفل التوحد اللغوية نستعرض الآتي:
يبدأ الأطفال في تطوير اللغة منذ يوم ولادتهم، حيث يحدث هذا التطور من خلال التواصل واللعب مع الآخرين. السبب الرئيسي لضعف اكتساب اللغة لدى الأطفال المصابون بالتوحد هو سبب بيولوجي، على الرغم من أن الضعف اللغوي يمكن أن يتزايد نتيجة للظروف البيئية المعاكسة. إلا أن وجود ضعف اللغة لدى الطفل المصاب باضطراب طيف التوحد لا يقتصر على صعوبة اكتساب اللغة المنطوقة فقط، ولكن غالبًا ما يؤثر على اكتساب اللغة غير اللفظية أيضًا بشكل متساوٍ.
دعم وتنمية مهارات طفل التوحد اللغوية
- ابتكار نشاطات لاستخدام اللغة
يمكن ابتكار نشاطات تجعل الطفل المصاب بالتوحد يستخدم اللغة داخل الأنشطة اليومية، مثل جعل لعبته المفضلة بعيدة عن متناول يديه حتى يحتاج إلى طلبها. أو فتح الكتب المصورة المحببة إليه وإعطائه الوقت الكافي حتى يتمكن من قول ما يشعر به. يمكننا تدريجيًا جعل الأنشطة أكثر صعوبة.
- استخدام اللعب
اللعب من أكثر الطرق تميزًا في تقديم التعلم للأطفال، بما في ذلك تعلمهم للغة فمن خلال اللعب مع طفل التوحد يمكن خلق فرص لاكتساب اللغة، مثل أن تقوم بلعب الأدوار مع الطفل وإعطائه دور بسيط مع استخدام أدوات، فيقوم الطفل بالتواصل البصري وطلب الأدوات أثناء اللعب.
- التقليد
يمكن تعليم طفل التوحد كيفية الاستجابة أو طلب شئ عن طريق التقليد، يتضمن التقليد استخدام التحدث والإيماءات وتعابير الوجه مع اعطاء امثلة تتناسب مع مستوى الطفل، مثل قول “افتح” عند فتح باب الغرفة. ومن الأفضل استخدام كلمات مفردة إذا كان الطفل غير متحدث، واستخدام جملة من كلمتين إذا كان ينطق بعض الكلمات المفردة.
- تعزيز الطفل على استخدام اللغة
من المهم جدًا تعزيز الطفل عند استخدام الكلمات أو تقديم طلب لتحفيزه على المزيد من التحدث. ولا يعنى هذا مكافأة الطفل بالحلوى ولكن يمكننا ذلك عن طريق إعطائهِ قطعة لاستكمال لعبة أو سرد قصة محببة إليه. وأفضل طريقة تحفز الطفل على تطور الكلام هى تبادل الحوار معه عن الأشياء التي يهتم بها.
المهارات الاجتماعية
تنمية مهارات طفل التوحد الاجتماعية تعد جزًءًا مهمًا من الخطة التدريبية لطفل التوحد، وغالبًا ما يود المصابين بالتوحد المشاركة والتفاعل مع الآخرين، ولكن ليس لديهم المهارات اللازمة لذلك.
دعم وتنمية مهارات طفل التوحد الاجتماعية
- عزز ما يقوم به الطفل جيدًا اجتماعيًا، استخدم الثناء والتعزيز الملموس إذا لزم الأمر لتشكيل السلوك الاجتماعي المقبول.
- تعليم الطفل المصاب بالتوحد التقليد الحركي واللفظي المناسب لمختلف المواقف الاجتماعية. مثل “إذا كان هناك شخص واقف يتحدث مع الطفل فيجب على الطفل أن يكون واقفًا أيضًا”
- تقسيم كل مهارة إلى أجزاء بسيطة حتى يستطيع الطفل تنفيذها بسهولة.
- يتحلى الأطفال المصابين بالتوحد بنقاط قوة، مثل حب الموسيقى أو أحساس عالٍ بالألوان أو مهارات حفظ قوية أو حس فكاهي جيد. يمكننا استخدام هذه النقاط لتشجيع الطفل على الاهتمام بالتفاعلات الاجتماعية.
المهارات الحياتية
يعد تنمية مهارات طفل التوحد الحياتية أمرًا غاية في الأهمية لتحقيق الاستقلال لدى الطفل في المنزل والمدرسة والمجتمع. من خلال بدء تعلم هذه المهارات في وقت مبكر.
دعم وتنمية مهارات طفل التوحد الحياتية
تعرف المهارات الحياتية على أنها مهارات الحياة اليومية أو مهارات العيش المستقل. وتتضمن أنشطة الرعاية الذاتية، التسوق، كيفية إدارة المال، الطهي، تنظيم المنزل.
يعد تدريب طفل التوحد على المهارات الحياتية والتي تتضمن مجموعة واسعة من المجالات أمرًا غاية في الأهمية. ومن المهم جدًا تضمين مهارات الوظائف التنفيذية أو مهارات التفكير. مثل التخطيط والتنظيم وتحديد الأولويات واتخاذ القرارات المتعلقة بمختلف المهارات الحياتية. تنمية مهارات طفل التوحد الحياتية تختلف من طفل لأخر. فقد يتمكن أحد البالغين المصابين بالتوحد من العيش مستقلًا بفردهِ مع قليل من الدعم الخارجي، في حين يحتاج مصاب آخر إلى دعم على مدار 24 ساعة في اليوم. لذلك إن تطوير المهارات الحياتية في سن مبكرة سيحدث فارفًا كبيرًا.
المهارات المعرفية
يؤثر اضطراب طيف التوحد على المهارات المعرفية للطفل بدرجات متفاوتة. تميل التحديات المعرفية إلى الارتباط بنظرية قراءة العقل ومهارات الوظائف التنفيذية والتي تحتاج بطبيعة الحال إلى تنمية مهارات طفل التوحد المعرفية.
- “نظرية قراءة العقل” هي إدراك أن الآخرين لا يشاركوننا نفس المشاعر والأفكار. وهي أيضًا القدرة على فهم أن الآخرين لديهم مشاعرهم وأفكارهم الخاصة. وبسبب غياب نظرية قراءة العقل، قد يعتقد الأطفال المصابون بالتوحد أن الآخرين يعرفون ما يفكرون فيه أو يشعرون به، ويواجهون صعوبة في إدراك المواقف والأشياء من وجهة نظر الآخرين.
- “مهارات الوظائف التنفيذية” هي مجموعة ضخمة من المهارات المعرفية تساعد على تنظيم الأفكار والسلوك والتحكم فيه وإدارته. ومن الوارد أن يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في تلك المهارات، مثل التخطيط، المرونة، الذاكرة العاملة، الأنتباه، البدء.
ومن الجدير بالذكر أن تدريب الأطفال المصابون بالتوحد على البرامج التي تحاكي نظرية قراءة العقل ومهارات الوظائف التنفيذية تحدث فارقًا عظيمًا في تنمية مهارات طفل التوحد المعرفية، وتجعل سلوكه الاجتماعي وتفاعله مقبول أكثر اجتماعيًا. حيث يستطيع الاستقلال والتصرف وحده في أغلب المواقف الاجتماعية.
المهارات الحركية
تتأثر المهارات الحركية بوجود اضطراب طيف التوحد لدى الطفل. يتحكم الجهاز العصبي المركزي في المهارات الحركية الدقيقة والمهارات الحركية الكبرى. تشمل المهارات الحركية الدقيقة الحركات الصغيرة. مثل مسك القلم والكتابة والتلوين. وتشمل المهارات الحركية الكبرى حركات أكبر. مثل المشي ورمي الكرة.
تطور وتنمية مهارات طفل التوحد الحركية
أكد الباحثون أن الأطفال المصابون بالتوحد يعانون من درجات متفاوتة من الصعوبة في المهارات الحركية الدقيقة والكبرى. وقد يتأخرون ستة أشهر فقط عن أقرانهم العاديين. مما يدل أن هذه الصعوبات يمكن التغلب عليها عن طريق عمل برنامج لتنمية مهارات طفل التوحد الحركية يحاكي القصور الحركي الذي يعاني منه الطفل.
وفي النهاية أصبحت هناك برامج تدريبية لا حصر لها لتنمية مهارات طفل التوحد في المنزل والمدرسة والمجتمع حتى يتطور بشكل مقبول إجتماعيًا بحلول مرحلة البلوغ والمراهقة. ولكن كلما تم التدخل في وقت مبكر كلما كانت نتائج تطور أطفال التوحد مرضيٌة حتى يمكنهم العيش بشكل مستقل أو بدعم جزئي يتيح لهم الأندماج داخل المجتمع.