تغير درجة الحرارة يسبب إعادة برمجة الجسم بالكامل

يتسبب تغيير درجة الحرارة في إعادة برمجة الجسم بالكامل حيث أن التعرض للحرارة أو البرودة يؤدي إلى تغييرات قوية في التعبير الجيني في أعضاء الفأر المختلفة.

يتعرض الإنسان بإستمرار كباقي الكائنات الحية إلي درجات حرارة متفاوتة من البرودة أو الدفء، هذه التغييرات البيئية تسبب تأثيرات مذهلة على عملية التمثيل الغذائي وهذا يتطلب عملية تكيف مستمرة.

في حين أن بعض هذه التكييفات تمنح تأثيرات مفيدة للصحة، إلا أن تأثير الحرارة أو البرودة على الأعضاء المختلفة في كل الجسم لم يكن معروف، ولفهم آلية العمل البيولوجية في حالة الخطر قام فريق من جامعة جينيف (UNIGE) بتحليل التغيرات في التعبير الجيني في مختلف أعضاء الفأر في نفس الوقت، فاكتشفوا أن كل الأعضاء تتفاعل مع تغيرات الحرارة، وأن كل عضو يظهر تغيره المميز.

لتنشيط البحث وتطبيقاته العلاجية الممكنة، أنشأ العلماء تطبيق علي الانترنت فيه الآلاف من أنماط التعبير الجيني المتاحة مجاناً، وهذه النتائج يمكن قراءتها في مجلة إي لايف (eLife).

تعد الحرارة واحدة من أهم العوامل البيئية التي تتعرض لها الكائنات الحية، حيث أن التعرض للحرارة أو البرودة له تأثير مذهل علي التمثيل الغذائي والصحة، كما أن تأثير الحرارة علي صحة الإنسان يظهر واضحًا في التوزيع الجغرافي لحدوث وانتشار أمراض معينة. 

إلي جانب الاستجابة الفسيولوجية لبعض الخلايا، فإلي أي مدي يساهم العيش في درجات حرارة أبرد أو أدفء في التغيرات البيولوجية للجسم كله؟

كما وضح د.ميركو ترايكوفسكي الأستاذ بقسم علم وظائف الخلايا والتمثيل الغذائي ومركز السكر بكلية الطب في جامعة جينيف والذي يقود البحث، قائلًا “لقد لاحظنا في دراستنا السابقة أن درجة الحرارة لها تأثير كبير على وظيفة بعض الأعضاء”.

نعلم الآن أن التعرض للبرودة يحفز خسارة الوزن نتيجة زيادة توليد الحرارة ويخفف أعراض مرض التصلب المتعدد، بينما التعرض للدفء له تأثيرات وقائية من بعض الأمراض المرتبطة بتقدم السن مثل: هشاشة العظام.

لكن ماذا يحدث علي نطاق الكائن الحي بأكمله، في الحقيقة نتائجنا السابقة تشير إلي تأثير تغيرات درجة الحرارة على الأعضاء والأمراض المختلفة، يختلف تبعًا للظروف، لكن التكيف العام للكائن يحتاج أن يُدرَس بشكل متمكامل.

كل الأعضاء تتفاعل بطريقة مختلفة

لتحقيق هذا الهدف حلل العلماء التعبير الجيني في 11 عضو لثلاث مجموعات من الفئران (كل الخلايا الدهنية والعضلات و الكبد والمخ ومنطقة تحت المهاد واللفائفي والحبل الشوكي والطحال والنخاع)، تم تعريض هذه الفئران لدرجة حرارة ١٠ و ٢٢ و ٣٣ درجة مئوية.

أظهرت البيانات أن الجسم بأكمله يتفاعل بعمق مع التغيرات الحرارية، وأضاف د.ميركو قائلًا “لا يوجد استجابة موحدة فكل عضو يغير تعبيره الجيني بطريقته الخاصة، التي إلى حد ما مختلفة عن باقي الخلايا”.

و لنفهم ما إذا كانت هذه الظاهرة نتيجة التعبير الجيني المتفرد لكل عضو أم لا، قام فريق بحث بعمل تحاليل إضافية تركز على الجينات التي يُعبر عنها في كل الأعضاء، وحتى عند الأخذ في الاعتبار هذه المجموعة المحدودة من الجينات، فإن الفروق في تنشيطها مازالت مذهلة.

التوصيات العلاجية؟

معرفة أن التعرض للتغيرات في درجات الحرارة يؤثر بدرجة كبيرة على بعض الأمراض المرتبطة بالتمثيل الغذائي كالسمنة وهشاشة العظام و حتي أمراض المناعة الذاتية، تشير إلي إمكانية استخدام تغير درجات الحرارة كتدخل علاجي محتمل من خلال نمط الحياة.

كما أضاف د.ميركو “بالرغم من ذلك، فإننا نحتاج أولًا إلي فك شفرة تأثير الحرارة بطريقة تكاملية علي الجسم كله ليس فقط علي مستوي عضو واحد، وعملنا يتيح لنا الفهم والاستقصاء بدقة عن آليات العمل في الأعضاء المختلفة في الوقت ذاته”.

لتعجيل البحث في هذا المجال المستجد، قام فريق جامعة جينيف بانشاء تطبيق مجاني على الانترنت يتيح للمستخدمين سواء العلماء أو عامة الناس البحث عن التعبير الجيني لآلاف من الجينات عند تعرضها للحرارة أو البرودة في الأعضاء المختلفة. 

وفي النهاية فسر د.ميركو هذا قائلًا “هذه النتائج ستكون مفيدة إذا تم مشاركتها واستخدامها بواسطة عدد كبير من الناس”.

بواسطة
جامعة جينيفترجمة طبية: آلاء محمدمراجعة ترجمة طبية: د.سارة أحمد سليمان
المصدر
المقال المترجمالبحث الطبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى