تعرف على وسائل تخفيف الضغط النفسي
أخيرًا لقد أتى الليل ووقت خلودي للنوم حتى أحاول أن أستريح من ضغوطات العمل والمواصلات ومشكلاتي مع أهلي وأصدقائي، لعلَي أتخفف من ثقلي بعض الشيء.
لعلك وجدت في الكلمات السابقة ما يصف بعضًا من المشكلات التي تودي بك في النهاية إلى الضغط النفسي. فدعني آخذك في رحلة سريعة للتعرف على الضغوطات النفسية التي قد تواجهك وكيفية التعامل معها بغرض التخفيف من أثرها عليك.
الضغط النفسي
الضغط النفسي هو أي تغيير يتطلب من الشخص استجابة ورد فعل، ويمكن أن يسبب له اضطرابات نفسية أو جسدية.
ولكن القليل من الشعور بالضغط يكون مطلوبًا وله أثره الواضح في إنجاز مهامنا اليومية وتفادي مخاطر تاجيلها. وأما إن زاد هذا الضغط النفسي فإنه يعود على الشخص بالاضطرابات النفسية والجسدية الغير محمودة.
لذا يجب علينا التعرف على الطرق المناسبة للتعامل مع ذلك وكيفية تخفيف آثار الضغط النفسي.
وسائل تخفيف الضغط النفسي
يقول دكتور بورلاند: «بينما لا يمكن لأحد تجنب الضغط بشكل كامل، فإنه باستطاعتك العمل على التعامل معه بطرق صحية تزيد من قدرتك على التعافي».
من هنا يمكننا أن نوضح أن الضغط جزء أساسي من حياة الجميع، ولا يمكننا التخلص منه بشكل كامل أو إنهاؤه، ولكن يمكننا التحكم به عن طريق بعض الأساليب لتقليل آثاره السلبية. إليكم بعض الأساليب المثبت فاعليتها:
ممارسة الرياضة بانتظام
تعد الممارسات المنتظمة للرياضة من أهم وسائل تخفيف الضغط النفسي وخصوصًا تمارين التنفس حيث تساعد على الاسترخاء. فالتمارين الرياضية تعمل على إفراز مادة الإندورفين التي تعطي إحساسًا بالنشوة والسعادة وتساعد على تحسين النوم. لذا عليك الاهتمام بأداء الرياضة لتحسين حالتك المزاجية ونومك وشهيتك ومن ثم حالتك النفسية لمواجهة الضغوطات. فإذا كنت تواجه صعوبة في ممارسة الرياضة بانتظام فيمكنك البدء بتمارين محببة لديك ويمكنك تحملها كالمشي أو تمارين التنفس. وإذا كان وقتك لا يسمح باقتطاع جزء منه للرياضة فيمكنك تغيير بعض عاداتك اليومية وتحويلها لصورة أكثر حركة، كالذهاب للعمل بالدراجة بدلًا من المواصلات أو استخدام الدرج بدلًا من المصعد.
النوم الجيد
قد تتسبب الضغوطات النفسية في عدم انتظام النوم، وكذلك عدم النوم بشكل كافي يمثل ضغطًا نفسيًا كبيرًا على صاحبه، فنجد أنفسنا أمام حلقة مفرغة من الضغط وقلة النوم تؤثر بالسلب على صحة الإنسان الجسدية والنفسية.
لذلك دعني أوضح لك بعض العادات الصحية التي يمكنك اتباعها للحصول على نوم جيد:
- ممارسة الرياضة بشكل منتظم وفي أوقات بعيدة عن الوقت المخصص للنوم.
- تعرض لأشعة الشمس.
- في حال أنك من معتادي الكافيين فعليك تقليله، وشربه في أوقات بعيدة عن تلك المخصصة للنوم.
- احرص على بناء عادة الالتزام بوقت معين للنوم.
- ابتعد عن الأجهزة الإلكترونية قبل النوم مدة ما بين 30:60 دقيقة.
- هيئ غرفة نومك بأجواء مناسبة للاسترخاء والنوم، مثل: الهدوء والظلام والسرير المرتب.
واعلم أن النوم الجيد يشحن طاقتك الجسدية والنفسية ويزيد من مستوى تركيزك ويساعدك على إنجاز مهامك بسهولة.
الأكل الصحي الجيد
قالوا لنا قديمًا “إن العقل السليم في الجسم السليم” وبجانب النوم الجيد والرياضة فإنه لا جسم سليم بدون غذاء سليم.
لذا فإن اتباعك لنظام غذائي جيد يعد أحد أهم وسائل تخفيف الضغط النفسي، ويساعد في تقوية مناعتك في مواجهة الأمراض وبالتالي يحميك من ضغوط نفسية أكبر.
وقد بين العلماء بعض العناصر الغذائية التي يمكنها أن تساعد في تخفيف آثار الضغط النفسي على الجسم والعقل،لذا فتأكد من الحصول على قدر كاف منها كجزء من نظام غذائي متوازن وهي:
- فيتامين ج.
- الماغنيسيوم.
- أحماض أوميغا 3 الدهنية.
إلى جانب مضادات الأكسدة التي تحمي خلايا الجسم من الضرر الذي يمكن أن يسببه الضغط النفسي، ويمكنك الحصول عليها في الكثير من الأطعمة مثل الفاصوليا والفواكه والتوت والخضروات، والتوابل مثل الزنجبيل.
التأمل
ممارسة التأمل من أخف الممارسات التي يمكنك فعلها لتخفيف ضغوطك النفسية. فقط عليك البحث عن مكان هاديء، والتنفس بالعمق، والاسترخاء، والتركيز الذهني على أشياء تبعث فيك الهدوء والسلام والسكينة، وتدع لنفسك ولأفكارك الاسترخاء بعض الوقت.
تجنب العادات غير الصحية
قد يواجه بعض الناس ضغوطهم النفسية ببعض العادات غير الصحية بغرض الهروب من الضغط أو تجاهله. هذه العادات قد تكون: الإفراط في تناول الكافيين أو التدخين أو الإفراط في تناول الطعام أو تعاطي المخدرات، أو غيرها من العادات التي تضر بصحتهم فضلًا عن أنها لا تخلصهم من ضغوطهم بل يمكن أن تزيدها.
لذا عليك عزيزي القارىء التعامل مع نفسك وضغوطك اليومية بشكل أكثر إيجابية وفاعلية، واحرص على البعد عن العادات الضارة لضمان حمايتك ومساعدتك لنفسك.
الدعم والرعاية الذاتية
على الإنسان أن يكون أول من يدعم ذاته ويمد لها طوق النجاة.
لذا عليك تخصيص وقت لنفسك لأنه حتمًا سيعينك كثيرًا في تخفيف ضغوطك النفسية. لذا فدعني أبين لك بعض الخطوات التي يمكنك اتباعها:
- الالتزام بالأساليب السابق ذكرها لتخفيف الضغط النفسي تعد أيضًا من وسائل الرعاية الذاتية.
- ذكر نفسك بصفاتك الجيدة وإنجازاتك الحياتية ومواقفك النبيلة، فهذا يزيد من ثقتك بنفسك ويخلق بداخلك شعور صحي بتقدير واحترام الذات.
- يمكنك الاستعانة ببعض الروائح التي تساعدك على الهدوء والاسترخاء عن طريق الشموع أو الزيوت وغيرها.
- تعرف على قيمك ومعتقداتك واختر لنفسك الأعمال التي تناسبها، فهذا يحسن من نفسيتك ويزيد إقبالك على العمل.
- حدد لنفسك أهدافًا وخططًا واقعية، وعليك إدراك أن الإنسان لا يكون ناجحًا 100% في كل جوانب حياته.
- تجنب التسويف والمماطلة في إنجاز مهامك، ولكن حدد للعمل أوقاتًا معينة واحرص على إنجازه بها.
- احرص على أخذ قسطًا كافيًا من الراحة ومارس به أشياءًا تحبها كالسفر أو الرسم أو التأمل، وغيرهم.
- حافظ على مساحتك وحدودك الشخصية عند التعامل مع الآخرين ولا تتردد في قول “لا” بالشكل الملائم عندما تحتاج لذلك.
- وأخيرًا، ابتعد عن الأساليب المعقدة واختر لنفسك أبسط الأشياء وأيسرها وتذكر أن دعمك لذاتك للتخفيف عنها وليس لتحميلها المزيد من الأعباء.
واعلم أن رعايتك لذاتك ودعمها هو أهم خطوة من خطوات تخفيف الضغط النفسي الواقع عليها.
الدعم الاجتماعي
المقصود بالدعم الاجتماعي هنا هو الروابط الاجتماعية التي تجمعك بالآخرين من العائلة والأصدقاء أو غيرهم كالزملاء. والدعم الاجتماعي ليس مهمًا لتخفيف الضغط النفسي فحسب، ولكنه أيضًا مهمًا لتحسين الصحة النفسية بشكل عام.
وقد أثبتت الدراسات أن الأشخاص المنعزلين هم الأكثر عرضة للأمراض النفسية، لذا فلابد من بناء حاجز نفسي واقي من خلال تكوين الروابط الاجتماعية الداعمة والمختلفة. وإذا لم يكن لديك أصدقاء أو عائلة داعمين فيمكنك الانضمام إلى أحد النوادي أو التطوع في نشاط مناسب لك ولأفكارك. فعلاقتك بالاخرين تساعدك على تجاوز الكثير من الأوقات الصعبة وتخفف عنك الكثير من الضغوطات.
متى يجب الذهاب للطبيب؟
إذا قمت بتجربة أكثر من طريقة لتخفيف الضغط النفسي الواقع عليك ولم يحدث فارق تغيير، أو توقفت عن أداء مهامك اليومية الأساسية، أو شعرت بخروج الأمر عن قدرتك وسيطرتك، فعلى الفور توجه للطبيب لطلب الاستشارة الطبية وقد يحتاج الوضع للعلاج في بعض حالات الضغط الشديدة.
التعامل مع الضغط النفسي في فترة الحمل
فترة الحمل من أكثر الفترات التي تتعرض فيها المرأة للضغط النفسي، لذا يجب عليها وعلى المحيطين بها مساعدتها في تخفيف هذا الضغط من أجل الحفاظ على سلامتها وسلامة طفلها.
إلى جانب ما سبق ذكره من وسائل تخفيف الضغط النفسي من الأكل الصحي الجيد، والنوم الجيد، والراحة والاسترخاء، فهناك بعض الأشياء التي يجب على الحامل لانتباه لها كالآتي:
- الانتباه للمحفزات التي تعمل على زيادة الضغط النفسي الواقع عليها وتجنبها أو محاولة التحكم بها.
- تركيزها الفكري على صحتها ومن ثم صحة طفلها.
- ممارسة رياضة خفيفة.
ويجب استشارة الطبيب إذا لم تستطع التحكم بالأمر.
في النهاية فإن الضغوطات النفسية التي تلاحقنا جزء أساسي من الحياة لا يمكننا اجتنابه، ولكن ما نملك هو بذل المحاولات لتخفيف أثرها علينا والاستفادة منها. والوسائل المستخدمة لتخفيف الضغوط شتى لكن ليس بالضرورة أن تنفع جميعها مع جميع الناس بل كلٌ يختار ما يناسبه.
فاختر لنفسك ما يلائمها لأن ذلك يعينك على مواجهة الحياة بطاقة أكبر ويحميك من الأمراض النفسية.
وإذا لم تستطيع أن تجد ما يلائمك فلا تنس استشارة الطبيب.