تعرف على تحليل هرمونات السمنة وسبب زيادة وزنك
يُعاني بعض الأشخاص من السمنة المفرطة على الرغم من اتباع الحميات الغذائية المناسبة وتقليل كمية الأكل وممارسة الرياضة، في هذه الحالات يلجأ الطبيب المُتابع للحالة إلى تحليل هرمونات السمنة؛ لأن سبب تلك الحالات غالباً ما يكون مشكلة صحية متعلقة بالهرمونات.
لتعرف ما هي هرمونات السمنة وكيف تؤثر على صحة الأشخاص، والفحوصات والتحاليل اللازمة في هذه الحالات، تابعنا في هذا المقال.
ما هي الهرمونات؟
الهرمونات عبارة عن رسائل كيميائية تفرز من الغدد الصماء في مجرى الدم مباشرة، تُنظم العمليات الحيوية في أجسامنا، والبعض منهم يكون أحد العوامل المسببة للسمنة عن طريق تأثيرها على الشهية أو على عملية الأيض أو على توزيع الدهون في الجسم.
تحليل هرمونات السمنة
هرمون اللبتين
تفرز الخلايا الدهنية هرمون اللبتين في مجرى الدم مباشرةً، يعمل اللبتين على التقليل من شهية الشخص عن طريق العمل على مراكز معينة في الدماغ لتقليل الرغبة لديه في تناول الطعام.
يتحكم اللبتين أيضًا في كيفية تصرف الجسم في مخزون الدهون لديه.
ولأن اللبتين يفرز عن طريق الخلايا الدهنية، فإن مستواه يكون أعلى في الأشخاص الذين يعانون من السمنة مقارنةً بالأشخاص ذوي الوزن الطبيعي.
على الرغم من وجود مستويات أعلى من اللبتين المخفض للشهية في الأشخاص المصابين بالسمنة، إلا أن هؤلاء الأشخاص ليسوا حساسين لتأثيرات اللبتين، وهذا ما يجعلهم لا يشعرون بالشبع أثناء تناول الوجبات أو بعدها.
يعمل الباحثون على محاولة اكتشاف سبب عدم وصول رسائل اللبتين إلى الدماغ لدى الأشخاص المصابين بالسمنة المفرطة.
هرمون الأنسولين
يُفرز هرمون الأنسولين بواسطة البنكرياس، ويقوم بتنظيم عملية الأيض الخاصة بالكربوهيدرات والدهون.
يُحفز الأنسولين امتصاص الجلوكوز من الدم في الأنسجة مثل العضلات والكبد والدهون؛ لتوفير الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية التي يقوم بها الجسم، والحفاظ على مستويات الجلوكوز الطبيعية في الدم.
في الأشخاص المصابين بالسمنة، قد تُفقد إشارات الأنسولين وتصبح الأنسجة غير قادرة على التحكم في مستويات الجلوكوز، ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى داء السكري من النوع الثاني، ومتلازمة التمثيل الغذائي.
الهرمونات الجنسية
يلعب توزيع الدهون في الجسم دورًا مهمًا في تطور الحالات المرضية المرتبطة بالسمنة، كأمراض القلب والسكتة الدماغية وبعض أشكال التهاب المفاصل.
تُعد الدهون التي حول البطن عامل خطر للإصابة بالأمراض أعلى من الدهون المُخزنة في الفخذين والوركين والمؤخرة.
وُجد أن الهرمونات الجنسية مثل الإستروجين (هرمون الأنوثة) والإندروجين (هرمون الذكورة) يُساعدان في توزيع الدهون في الجسم، لذا فهما من ضمن تحليل هرمونات السمنة.
يتواجد هرمونا التستوستيرون والإستروجين في الدم على هيئتين، فإما أن يكونا مُرتبطين ببعض أنواع من البروتينات كالألبيومين وغيرها من البروتينات، وإما أن يتواجدا بشكل حر غير مرتبطين.
تُمثل الهرمونات الجنسية غير المرتبطة (الحرة) حوالي ٢٪ فقط من إجمالي نسبة الهرمونات الجنسية (الكُلية)، ويكون هذا الجزء الحر من الهرمونات هو الفعال والنشط بيولوجيًا، وجزء صغير جدًا من الهرمونات المرتبطة يمكنه أن يُستخدم بواسطة الخلايا الجنسية.
وبالتالي فإن مستويات الهرمونات الإجمالية تعكس مستوى الهرمونات المرتبطة وغير المرتبطة، ويعتمد مستوى الهرمونات بشكل كبير على نسبة البروتين المرتبط بها، فمثلًا مع تقدم العمر يزداد تركيز البروتينات المرتبطة بهرمون التستوستيرون، وبالتالي تزداد نسبة الهرمون المرتبط وتقل نسبته الحرة مما يقلل من كفاءة الهرمون.
هرمون الإندروجين (التيستوستيرون)
يجب قياس هرمون التيستوستيرون في الصباح عندما تصل تركيزاته في الدم إلى ذروتها.
أثبتت الدراسات أن نقص هرمون التستوستيرون لدى الرجال يؤدي إلى السمنة، وفي نفس الوقت، تؤدي زيادة السمنة إلى قصور في الغدد التناسلية.
تُقلل السمنة من عدد الخلايا المُنتجة لهرمون التستستيرون الموجودة في الخصيتين، كما تعمل على تدمير الخلايا الموجودة عن طريق زيادة مستوى المواد المُسببة للالتهابات.
هرمون الإستروجين
ترتبط زيادة وزن الجسم والأنسجة الدهنية بخلل في مستوى الهرمون الجنسي لدى النساء سواءً قبل انقطاع الطمث أو بعد انقطاعه.
أثبتت الدراسات أن النساء المصابات بالسمنة لديهن مستويات من هرمون الذكورة أعلى من النساء ذوات الوزن الطبيعي حتى لو لم يكن مصابات بمرض تكيس المبايض.
يُعتقد أن توقيت الحيض يتأثر بالعوامل الوراثية، لكن أُجريت بعض الدراسات على بعض الفتيات في المملكة المتحدة وأمريكا حيث وجد أن متوسط العمر عند الحيض قد انخفض خلال الثلاثين عامًا الماضية متأثرًا بالتغيرات التي حدثت في العادات الغذائية، حيث وُجد أن زيادة مؤشر كتلة الجسم ترتبط بالحيض المُبكر.
لا يُنتج الرجال والنساء بعد سن اليأس الكثير من الإستروجين في الخصيتين والمبايض، حيث يتم إنتاج معظم الإستروجين في دهون الجسم.
إن التغيرات التي تحدث في مستويات الهرمونات الجنسية لكل من الرجال والنساء مع تقدم العمر ترتبط بتوزيع الدهون في الجسم.
تُخزن الدهون في النساء في سن الإنجاب بنسبة أكبر في الجزء السفلي من الجسم، لكن تُخزن الدهون بعد سن اليأس في النساء والرجال الأكبر سناً بنسبة أكبر حول البطن.
بعض النساء بعد سن اليأس يتناولن مكملات هرمون الإستروجين فلا تتراكم الدهون حول البطن.
أوضحت بعض الدراسات أن نقص هرمون الإستروجين يعمل على زيادة الوزن بشكل مفرط.
هرمون النمو
يُفرز هرمون النمو من الغدة النخامية في الدماغ، ويُساعد في بناء العظام والعضلات فيؤثر على طول الشخص، ويؤثر أيضًا على عملية التمثيل الغذائي.
في الأشخاص المصابين بالسمنة تكون مستويات هرمون النمو أقل من مستواها في الأشخاص ذوي الوزن الطبيعي، لذلك يجب قياس مستواه أثناء تحليل هرمونات السمنة.
علاقة مرض السمنة بالعوامل الالتهابية
يرتبط مرض السمنة بالتهاب مُزمن منخفض الدرجة داخل الأنسجة الدهنية، ويؤدي التخزين المفرط للدهون إلى تفاعلات إجهاد داخل الخلايا الدهنية، والتي بدورها تؤدي إلى إطلاق العوامل المؤيدة للالتهابات من الخلايا الدهنية نفسها والخلايا المناعية داخل الأنسجة الدهنية.
هرمونات السمنة كعامل خطر للإصابة بالأمراض
يرتبط مرض السمنة بزيادة خطر الإصابة ببعض الأمراض، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية والسكتة الدماغية، وأنواع متعددة من السرطانات وقصر العمر الافتراضي، وهنا تظهر أهمية تحليل هرمونات السمنة في الوقت المناسب.
فمثلًا ترتبط زيادة إفراز هرمون الإستروجين في دهون النساء الأكبر سنًا المُصابات بالسمنة بزيادة خطر الإصابة بسرطان الثدي، مما يوضح أهمية مصدر إنتاج هرمون الإستروجين.
علاقة هرمونات السمنة بسلوك الأشخاص
إن الأشخاص الذين يعانون من السمنة لديهم مستويات هرمونية تحفز تراكم الدهون في الجسم.
بعض السلوكيات مثل الإفراط في تناول الطعام، وعدم ممارسة الرياضة بانتظام، بمرور الوقت، تعمل على إعادة ضبط العمليات التي تنظم الشهية وتوزيع الدهون في الجسم، فتجعل الشخص أكثر عرضةً من الناحية الفسيولوجية لاكتساب الوزن.
دائمًا ما يحاول الجسم الحفاظ على التوازن، ولذلك فهو يقاوم أي اضطرابات قصيرة المدى مثل اتباع نظام غذائي قاسٍ.
بعض الدراسات أظهرت أن مستوى هرمون اللبتين في الدم ينخفض بعد اتباع نظام غذائي منخفض السعرات.
قد يؤدي انخفاض مستويات اللبتين إلى زيادة شهية الشخص أو الإبطاء من عملية التمثيل الغذائي، وقد يُفسر هذا سبب استعادة الأشخاص الذين يتبعون حميات غذائية قاسية لوزنهم المفقود.
من الممكن أن يُساعد علاج اللبتين في يوم من الأيام الأشخاص الذين يتبعون الحميات الغذائية في الحفاظ على فقدان الوزن على المدى الطويل.
بعض الأدلة تُشير إلى أن التغيرات السلوكية طويلة المدى، مثل الأكل الصحي وممارسة التمارين الرياضية بصورة منتظمة، قد تعمل على إعادة تدريب الجسم على التخلص من الدهون الزائدة في الجسم وإيقافها.
أوضحت الدراسات أيضًا أن فقدان الوزن نتيجة اتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة أو جراحة السمنة، يؤدي إلى التحسين من مقاومة الأنسولين والتقليل من الالتهابات والتعديل المفيد لهرمونات السمنة.
يرتبط فقدان الوزن أيضًا بانخفاض خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية وداء السكري من النوع الثاني وبعض أنواع السرطانات.