بطانة الرحم | رؤية شاملة لتكوينها وأمراضها

بطانة الرحم أو كما تعرف باللغة اللاتينية باسم (Endometrium)، وهي كلمة تتكون من مقطعين، المقطع الأول (Endo) وتعني داخل، والمقطع الثاني (Metrium) وتعني رحم، ومن ذلك نستنتج الاسم داخل الرحم أو بطانة الرحم، يتم استخدام كلمة (Endometrium) في اللغة الإنجليزية أيضًا، الرحم هو عضو خصّ به الله النساء ليكون مسؤولًا عن استقبال ورعاية الطفل طوال فترة الحمل، ونظرًا لتعقيده نتعرف اليوم على أحد أهم أجزائه، ما هي بطانة الرحم؟ كيف يتم تكوينها؟ ما هي الأمراض التي تصيبها؟ كل هذا وأكثر نتعرف عليه في هذا المقال، تابع معنا.

ما هي بطانة الرحم؟

بطانة الرحم هي الجزء المبطن للرحم من الداخل، تتكون من طبقتين طبقة تلتصق مباشرة بعضلات الرحم، وهي الطبقة الأساسية، والتي غالبًا ما تبقى كما هي لا تتغير على عكس الطبقة التالية لها، وهي الطبقة الوظيفية التي تتحكم بها الهرمونات التي تتغير على مدار الشهر.

التغيرات الهرمونية لبطانة الرحم

تمر بطانة الرحم بتغيرات في سمكها شهريًا، ويتحكم في تلك التغيرات الهرمونات التي تفرز من منطقة تحت المهاد، والغدة النخامية، والمبيضين، تتمثل التغيرات في 4 مراحل:

مرحلة الحيض أو الطمث

هي المرحلة التي تنفصل فيها طبقات من بطانة الرحم، ويتخلص منها الجسم عن طريق نزول دماء الدورة الشهرية.

المرحلة الحويصلية أو الجرابية

في تلك المرحلة:

  • تبدأ منطقة تحت المهاد في إفراز هرمون يسمى الهرمون المنبه للحويصلة (Follicular Stimulating Hormone)، وتستمر لمدة 16 يومًا تقريبًا.
  • يقوم الهرمون بتحفيز المبيض لإنتاج الحويصلات، يتكون ما بين 5 إلى 20 حويصلة، تحتوي كل حويصلة على بويضة غير ناضجة.
  • في نهاية المرحلة يُسمح فقط للبويضة الناضجة بالانتقال إلى قناة فالوب.
  • تقوم الحويصلة بإنتاج كميات كبيرة من هرمون الاستروجين، والذي يحفز زيادة سُمك بطانة الرحم.

مرحلة التبويض

في هذه المرحلة تحفز المستويات المرتفعة من هرمون الاستروجين الغدة النخامية، على إفراز هرمون يسمى الهرمون المنشط للجسم الأصفر (Luteinizing Hormone)، وهو المسؤول عن إطلاق البويضة إلى قناة فالوب.

مرحلة الجسم الأصفر

تبدأ هذه المرحلة منذ إطلاق البويضة لقناة فالوب، وتستمر مدة تتراوح ما بين 11 يومًا إلى 17 يومًا، وحتى بداية مرحلة الحيض:

  • في هذه المرحلة تتحول الحويصلة إلى وعاء فارغ يغلق، ويتحول لونه إلى اللون الأصفر، ويسمى بالجسم الأصفر.
  • يبدأ ذلك الجسم في إفراز هرمون البروجسترون، والبعض من هرمون الاستروجين، يحافظ هرمون البروجسترون على سُمك بطانة الرحم، استعدادًا لاستقبال البويضة.
  • في حالة تخصيب البويضة بالحيوان المنوي، يبدأ جسم المرأة في إفراز هرمون موجهة الغدد التناسلية المشيمية البشرية أو ما يعرف باسم هرمون الحمل (Human chorionic Gonadotropin hormone)، والذي يحافظ على وجود الجسم الأصفر لفترة أطول.
  • يستمر الجسم الأصفر في إفراز البروجسترون حتى الأسبوع العاشر من الحمل حتى تنمو المشيمة، وتكون قادرة على إفراز الهرمون.
  • في حالة عدم حدوث حمل، يضمر الجسم الأصفر حتى يتحول إلى قطعة صغيرة ضامرة من الأنسجة، ويقل مستوى البروجسترون في الدم.
  • تبدأ الطبقة المتكونة سابقًا خلال هذه المرحلة في السقوط على هيئة دم الحيض، وتبدأ مرحلة الحيض.

ما هي العوامل التي تؤثر على سمك بطانة الرحم ؟

يتغير سمك بطانة الرحم وفقًا للتغيرات الهرمونية التي تتعرض لها النساء منذ البلوغ، وحتى سن اليأس، أو سن انقطاع الطمث، والذي يختلف من إمرأة لأخرى، ولكن غالبًا ما يتراوح بين 45 عامًا إلى 55 عامًا، فنجد أن الفتيات قبل سن البلوغ يكون سمك بطانة الرحم أقل من سمكه بعد بدء الدورة الشهرية، وهو أمر طبيعي، وبعد سن الطمث تعود بطانه الرحم للانكماش مرة أخرى، كما أن بطانة الرحم السميكة والحمل هما وجهان لعملة واحدة، حيث يزداد سمكها في فترة الحمل، وتمتلئ بالأوعية الدموية لتغذية الطفل، ويُقاس سمك بطانه الرحم غالبًا عن طريق الموجات فوق الصوتية (Ultrasound) على منطقة الحوض أو داخل المهبل، نستعرض الآن أكثر العوامل التي تسبب بطانة الرحم السميكة:

  • الحمل خارج الرحم: أو ما يعرف باسم (Ectopic Pregnancy)، ويحدث عندما يتم زرع البويضة في أي مكان غير الرحم، وغالبًا ما يكون إحدى قناتي فالوب، وهما القناتين اللاتي تصلن بين الرحم والمبيض.
  • سرطان الرحم والمبيضين.
  • السمنة المفرطة.
  • ارتفاع ضغط الدم المزمن.
  • مرض السكري.
  • الأورام الليفية.
  • العلاج بالهرمونات البديلة.

العوامل التي تسبب بطانة الرحم الرقيقة:

  • الالتهابات الرحمية.
  • العلاج الطبي لبعض الأمراض.
  • طبيعة بطانة الرحم.

بطانة الرحم المهاجرة

تعرف بالإنجليزية باسم (Endometriosis)، وهي أحد أكثر الأمراض شهرة فيما يتعلق ببطانة الرحم، وهي ببساطة تمثل نمو خلايا تشبه الخلايا الموجودة داخل بطانه الرحم، ولكن في مكان آخر، مثل:

  • المبيضين.
  • قناتي فالوب.
  • الأنسجة المحيطة بالحوض.
  • أي عضو آخر، ولكن نادرًا.

الأسباب

لم يتمكن العلماء من تحديد السبب حتى الآن، ولكن توصلوا إلى بعض النظريات التي يمكن الاعتماد عليها لتفسير المرض، وهي:

  • الحيض الرجعي: ويحدث ذلك عندما تبدأ مرحلة الطمث، وبدلًا من نزول دم الحيض من خلال المهبل إلى خارج الجسم، يعود إلى الرحم وقناتي فالوب ويبقى هناك فترة، وهو يحتوي على خلايا بطانة الرحم التي تبدأ في النمو حتى بداية الدورة القادمة.
  • تحول الخلايا البريتونية: يظن بعض العلماء أن الهرمونات أو الجهاز المناعي يؤثر على الخلايا البريتونية، ويغير في تركيبها الجزيئي لتصبح مثل: خلايا بطانة الرحم.
  • بعد العمليات الجراحية: قد تلتصق بعد خلايا البطانة بندبة العمليات الجراحية، مثل: إزالة الرحم أو الولادة القيصرية.
  • نقل خلايا بطانة الرحم: حيث تقوم الأوعية الدموية، والليمفاوية بنقل الخلايا من الرحم إلى أي جزء آخر في الجسم.

عوامل الخطر

قد تصاب أي إمرأة ببطانة الرحم المهاجرة، لكن بعض النساء أكثر عرضة من غيرهن، مثل:

  • من لم يسبق لهم الحمل.
  • بداية الدورة الشهرية في سن صغيرة جدًا، وانتهائها في سن كبيرة جدًا.
  • الدورة الشهرية القصيرة الأقل من 27 يومًا.
  • النزيف الشديد خلال فترة الدورة الشهرية، وامتدادها أكثر من 7 أيام.
  • ارتفاع مستوى الاستروجين في الدم عن المعدل الطبيعي.
  • إصابة أحد أفراد العائلة بالمرض.
  • صعوبة خروج دم الحيض نتيجة لأي مشكلة طبية.

الأعراض

تبدأ الأعراض في الظهور بعد سن البلوغ، وتتمثل في:

  • آلام الحوض.
  • ألم لا يحتمل أثناء الدورة الشهرية.
  • بدء الانقباضات قبل فترة من بدء الدورة الشهرية.
  • ألم أثناء العلاقة الحميمية.
  • ألم أثناء التبول أو التبرز خلال فترة الدورة الشهرية.
  • النزيف الشديد خلال فترة الدورة الشهرية.
  • الانتفاخ.
  • الإسهال.
  • الإمساك.

شدة الأعراض لا تعبر بالضرورة عن خطورة المرض، حيث يمكن أن تعاني من أعراض شديدة، ولكن المرض لا يزال في مراحله الأولى، غالبًا ما يخطئ الأطباء في تشخيص المرض، فيعتقد البعض أنه التهاب الحوض، التكيسات المبيضية، التهاب القولون العصبي، وذلك بسبب بعض الأعراض، مثل: الإمساك، أو الإسهال.

بطانة الرحم المهاجرة والحمل

تؤثر البطانة المهاجرة على الحمل بطرق مختلفة، حيث تشعر بعض النساء بتحسن في الأعراض بشكل مؤقت حتى الولادة، ثم تعود الأعراض مرة أخرى، والبعض الآخر تزداد الأعراض سوءًا، وقد تؤدى أحيانًا إلى حدوث مضاعفات، مثل:

  • الإجهاض.
  • الولادة المبكرة.
  • هبوط المشيمة إلى منطقة عنق الرحم.

التشخيص

يبدأ الطبيب التشخيص بالأدوات الأكثر شيوعًا، وفي حالة عدم الوصول إلى التشخيص، يبدأ في استخدام أدوات أكثر تقدمًا، وأغلى سعرًا.

  1. الفحص الإكلينيكي، حيث يستخدم الطبيب يده بالضغط على منطقة الحوض للمريضة، وذلك للشعور بأي زيادة في حجم أي عضو من الأعضاء التناسلية، لكن غالبًا ما لا يخرج الطبيب بالتشخيص من هذه المرحلة.
  2. يجري الطبيب أشعة الموجات فوق الصوتية على منطقة الحوض أو داخل المهبل لرؤية بطانه الرحم، وفحص سمكها، وفحص المبيض للبحث عن أي أكياس.
  3. قد يلجأ الأطباء إلى أشعة الرنين المغناطيسي أحيانًا، ولكن على الرغم من أنها توفر رؤية أوضح للطبيب، إلا أنها لا تتم بشكل روتيني نظرًا لسعرها المرتفع، واحتياطات الاستخدام الكثيرة.
  4. نادرًا ما قد يطلب الطبيب إجراء عملية استكشافية باستخدام المنظار، وعلى الرغم من قدرة المنظار على تحديد مكان البطانة المهاجرة، وسمكها، ومدى خطورة المرض، وأخذ عينة منه لفحصها للتأكد من أنها ليست ورم خبيث، إلا أن الأطباء نادرًا ما يلجأون إليها.

العلاج

وفقًا لخطورة الحالة، وشدة الأعراض تتراوح وسائل العلاج من أدوية علاج الألم إلى العملية الجراحية:

  • أدوية تسكين الألم: قد ينصح الطبيب المريضة باستخدام أدوية مثل: الإيبوبروفين، وغيره من الأدوية التي لا تحتاج إلى وصفة طبيبة لتسكين الألم.
  • العلاج الهرموني: حيث يصف الطبيب أدوية تحتوي على هرمونات تثبط من نمو بطانة الرحم المهاجرة، وبالتالي تقل الأعراض، ويتوقف النزيف، تلك الأدوية مثل: موانع الحمل.
  • الجراحة التحفظية: قد تقرر المريضة الخضوع للعملية رغبةً في تقليل الألم أو لتسهيل الحمل، وفيها تخضع المريضة للعملية لإزالة بطانة الرحم المهاجرة حتى وإن كانت العملية غير ضرورية، وتتم غالبًا باستخدام المنظار أو بالطريقة التقليدية.
  • إزالة الرحم والمبيضين: غالبًا ما يكون ذلك هو الحل الأخير في حالة فشل كل الحلول السابقة، يلجأ الطبيب لإزالة الرحم لوقف النزيف، وإزالة المبيضين يقلل من إفراز الهرمونات، مما يقلل من الألم.

ختامًا يُعد الجهاز التناسلي للمرأة، والذي يشمل بطانة الرحم، من أكثر أجهزة الجسم تعقيدًا بالنظر إلى العوامل التي تساعد في تنظيم وظائفه، ولذلك أي خلل وإن كان صغيرًا قد يؤدي إلى اضطراب الوظيفة، وحدوث أمراض، وبالنظر لقدرة بطانة الرحم على تغذية الطفل خلال فترة الحمل، لا يمكن الاستهانة في التعامل مع أمراضها، لأن أي خلل قد يسبب حدوث إجهاض، أو قد يمنع حدوث الحمل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى