فوائد النيكوتين وتأثيره على الجسم
ارتبط النيكوتين منذ عقود طويلة بالأضرار الصحية التي يسببها الإدمان على التدخين، بشكل لا يتيح لكثير من الناس تصور أنه يمكن أن تكون للنيكوتين أي فوائد.
ولكن من يتصور ذلك ينسى أن هناك قاعدة تقول بأن كل شىء على وجه الأرض سلاح ذو حدين، فلا يوجد ما هو مفيد بلا ضرر، ولا ماهو مضر بلا فائدة.
فحتى الخمر والميسر الذين يحرمهما الدين الإسلامي، قال الله سبحانه وتعالى فيهما، بسم الله الرحمن الرحيم ((فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما)).
سنتعرف من خلال الفقرات القادمة على فوائد النيكوتين وتأثيره على الجسم، فإذا كان الفضول يدفعك لمعرفة تلك الآثار والفوائد، فلتقرأ معنا.
ما هو النيكوتين؟
النيكوتين هو مركب قلويدي عضوي موجود في الطبيعة في صورة سائل زيتي، له طعم حارق ورائحة قوية، عديم اللون في صورته النقية، ولكنه يتأثر بالتعرض للضوء والهواء فيتحول لونه للاصفرار، ثم يتحول للون البني ويصبح قابلًا للذوبان في الماء.
وعلى عكس ما يعتقد غالبية الناس بأن التبغ هو المصدر الوحيد للنيكوتين في الطبيعة، فإن للنيكوتين مصادر نباتية أخرى كالطماطم والباذنجان والفلفل الأحمر والبطاطا، وكذلك يوجد في نبات الكوكا.
ولكن يبقى التبغ هو المصدر الرئيسي له، لأنه يوجد في جميع أجزاء نبات التبغ، ولكن تركيزه الأكبر في أوراق النبات، لذلك تستعمل الأوراق تحديدا لإنتاج منتجات التبغ بمختلف أشكالها.
تنتج النباتات النيكوتين بغرض حماية نفسها من هجوم الحشرات، لأنه مركب سام.
سمية النيكوتين
النيكوتين مركب سام عالي السمية، لو تم تناوله بجرعات عالية فبإمكانه التسبب بوفاة الإنسان، وتقدر الجرعة السامة للبالغين بحوالي 30-60 مليغرام من النيكوتين.
والمدخن يحصل عادة على جرعات قليلة من النيكوتين، لأن التدخين يكون باستعمال أوراق التبغ بكافة مكوناتها وليس النيكوتين وحده، وتلك الجرعات القليلة يستطيع الجسم التعامل معها على الفور بتكسيرها إلى مركبات يتم التخلص منها إلى خارج الجسم، ولذلك لا يحدث التسمم بمعناه المميت مع من يدخنون التبغ.
ولكن التسمم بالنيكوتين يحدث عادة من خلال التسمم بالمبيدات الحشرية المستعملة في الزراعة، والمحتوية على النيكوتين بتركيزات عالية، نتيجة عدم الحذر في التعامل معها، ويمكن أن يحدث التسمم بابتلاعها أو استنشاقها بكميات كبيرة أو تعرض الجلد لها، أو إذا تم ابتلاع مستحضرات النيكوتين كالسجائر وأوراق التبغ بكميات كبيرة ولكن ذلك صعب الحدوث بالخطأ نظرا للطعم المر الحارق لتلك المستحضرات، ولا يحدث غالبا إلا بغرض الانتحار.
أعراض تسمم النيكوتين
يحدث الأثر السام للنيكوتين نتيجة تأثيره على الجهاز العصبي المركزي للمصاب، ويمكن حدوث الموت خلال بضع دقائق نتيجة تثبيط عضلات التنفس.
وتتضمن أعراض تسمم النيكوتين الأعراض الآتية:
- حروق وتقرحات في الفم والحلق.
- الغثيان والقىء.
- ألم البطن.
- الإسهال.
- الدوار.
- نشاط زائد يتبعه خمول.
- هلوسة(تخليط ذهني).
- صداع.
- تعرق غزير.
- اضطرابات السمع والبصر.
- تشنجات.
- اضطراب ضربات القلب.
- ارتجاف إذيني(نوبات قصيرة من توقف ضربات القلب).
- توقف التنفس.
- الوفاة.
ولابد من سرعة تقديم المساعدة الطبية للمتعرض لتسمم النيكوتين، لأن تأخر العلاج يؤدي لحدوث الوفاة.
تأثير النيكوتين على الجسم
الإعتماد على النيكوتين من أصعب أنواع الإدمان في التخلص منه، وذلك لما يحدثه النيكوتين من آثار على الجسم تتمثل في الآتي:
- تناول الجرعة الأولى من النيكوتين يسبب شعور فوري بالتنشيط والانتباه، يتبعه شعور بالهدوء والاسترخاء.
- يعمل على تنشيط الغدة الكظرية فيزيد من إفراز الأدرينالين.
- يعمل الأدرينالين على تحفيز الجسم من خلال رفع سكر الدم وزيادة معدل ضربات القلب والتنفس، ورفع ضغط الدم.
- يتأثر البنكرياس فيقلل من إفراز الإنسولين.
- يزيد إفراز الدوبامين من الدماغ مما يسبب المتعة والهدوء وتحفيز التركيز والانتباه ووظائف الذاكرة.
- يقلل النيكوتين من القلق والتوتر من خلال زيادة مستوى الإندروفين بيتا.
فوائد النيكوتين
على مدار عقود طويلة ارتبط استهلاك النيكوتين بالضرر، ولكن واقع الأمر أنه يجب أن نفرق بين النيكوتين والتدخين، لأنه ربما غالبية الأضرار المعروفة عن النيكوتين ترجع في الواقع إلى التدخين وليس للنيكوتين نفسه، لأنه وعلى عكس المتوقع فإن للنيكوتين فوائد مثل:
- تنشيط وظائف الدماغ كالذاكرة والتركيز والانتباه.
- تنشيط ضربات القلب.
- استرخاء العضلات.
- تقليل الشعور بالضغط العصبي والغضب.
- زيادة سرعة استجابة الجسم لإشارات الحواس.
- تقليل أعراض القلق والتوتر، بل والاكتئاب أيضا.
ونظرا لهذه الأسباب فإن من يعانون من المشكلات النفسية والاكتئاب يجدون صعوبة بالغة في التخلي عن التدخين، ولكن غالبية هؤلاء الأشخاص يبدأون في التدخين قبل حدوث تلك المشكلات النفسية، ثم يستمرون فيه بعد حدوثها وتزداد صعوبة تخلصهم منه كلما تطورت مشكلاتهم النفسية.
لأن حقيقة الأمر أن النيكوتين يعد من أقوى مضادات الاكتئاب، كما يساعد في السيطرة على أعراض الضغط العصبي والقلق والتوتر النفسي التي تصاحب معظم المشكلات النفسية.
هل معنى ذلك أن التدخين مفيد؟
ذكرنا سابقا أنه يجب التفريق بين تأثيرات النيكوتين، وتأثيرات التدخين، فالنيكوتين واحد من عشرات المكونات الموجودة في التبغ، وفوائد النيكوتين لا تقارن بأضرار تدخين التبغ.
فيكفيك أن تعلم أن ما يقرب من نصف الوفيات السنوية في العالم، تحدث بسبب مضاعفات التدخين، وبهذا يتربع التدخين على عرش مسببات الوفاة عالميا.
كما أنه وحتى مع وجود فوائد للنيكوتين فإنه لا يخلو من الأضرار، وتزداد خطورة تلك الأضرار مع وجود أمراض مزمنة، كارتفاع ضغط وسكر الدم وأمراض القلب والشرايين.
وحتى إذا أردت الحصول على فوائد النيكوتين فيمكنك الحصول عليه من مصادره النباتية الأخرى، بدون أن تعرض نفسك للأضرار الناتجة عن تدخين التبغ، فالتبغ كما ذكرنا ليس هو المصدر الوحيد للنيكوتين، فيمكنك ببساطة الإكثار من تناول الخضروات المحتوية عليه، فتحصل بذلك على فوائده بدون التعرض للجرعات الكبيرة التي يمكنها التسبب في الضرر.
وبالتالي فلا يمكن بحال من الأحوال الحكم على التدخين بكونه مفيدا، لمجرد أنه مصدر للنيكوتين الذي يحوي بعض الفوائد، فإذا كان النيكوتين مفيدا، فإن التدخين يرتبط بسلسلة طويلة من الأضرار والمخاطر على سائر أجهزة الجسم، بداية من أثره على صحة الجلد، وحتى تسببه في السرطان.
ولهذا فلا ينبغي لك عزيزي المدخن أن تجعل من فوائد النيكوتين حجة لإقناع نفسك بالاستمرار في التدخين، وعليك طلب المساعدة في الإقلاع عنه لأنه ببساطة عادة سيئة تدمر الصحة على المديين القصير والطويل.
الأسئلة الشائعة عن النيكوتين
تدور الكثير من الأسئلة في اذهان الناس حول النيكوتين، سواء أكانوا مدخنين أم غير مدخنين، او حتى تغريهم أنفسهم بالتجربة، سنحاول الآن الإجابة على أهم تلك الأسئلة:
لاحظ الباحثون أن الذين أقلعوا عن التدخين تزيد لديهم وتيرة حدوث الاكتئاب الشديد، كما أن المدخنين أقل عرضة لحدوث الاكتئاب وأسرع قدرة على التعافي منه إذا حدث، ولهذا ينصح بعض المعالجين النفسيين باستعمال لاصقات النيكوتين للمساعدة في علاج الاكتئاب.
النيكوتين هو ما يجلب السعادة، حيث يحفز إفراز الدوبامين المعروف بهرمون السعادة، وهو المسؤول عن الشعور بالنشوة والمشاعر الإيجابية.
برغم التأثيرات الإيجابية للنيكوتين على الحالة النفسية، إلا أن النيكوتين ليس المكون الوحيد للتبغ، فهناك مكونات أخرى ثبت أنها تزيد من الاستعداد للرهاب ونوبات الهلع وأنواع أخرى من الخوف كاضطراب ما بعد الصدمة.
لا يمكن بحال من الأحوال اعتبار التدخين مفيد، فإنه ينطوي على أضرار خطيرة قد تسبب الأمراض المزمنة وحتى الوفاة.
على عكس المتوقع، فأضرار التدخين تبدأ في الحدوث بعد تدخين سيجارة واحدة، حتى وإن لم يشعر المدخن بأي أعراض سلبية.
والان عزيزي القارىء لابد أن تكون قد توصلت إلى جواب ينهي حيرتك بشأن فوائد النيكوتين، فللنيكوتين فوائد مثبتة، ولكن للتدخين أضرار مثبتة أيضًا، فيجب عليك التفرقة جيدا بين النيكوتين وبين التدخين، لأن السجائر وغيرها من وسائل تعاطي النيكوتين تحوي عشرات المواد المدمرة للصحة، فلا يجب بحال من الأحوال أن تغريك فوائد النيكوتين، بالمغامرة بتعريض جسمك لأضرار التدخين.