النقرس .. داء الملوك | الأعراض والأسباب والعلاج ونمط الحياة الواجب اتباعه
النقرس “Gout” أو داء المفاصل أو كما سماه البعض “تندرًا” داء الملوك لكثرة اللحوم على موائدهم.
فهل سبق لك يا عزيزي القارئ أن أصبت بآلام وتورم بإصبع قدمك الكبير؟ إذن صرت ملكا ولا تدري، كما لم نحرمك عزيزتي القارئة من تاج الملكة ولكن دربك شائك.
هل يمكن حقًا أن يكون نمط الغذاء سببًا للإصابة بالمرض؟ وهل هناك أسباب أخرى؟ وما هي أعراض المرض؟ سنجيب عن كل هذا واكثر من خلال هذا المقال فتابع معي.
ما هو النقرس؟
هو شكل من أشكال التهاب المفاصل يحدث عند زيادة نسبة حمض البوليك / اليوريك (uric acid) في الدم.
عند زيادة الحمض في الدم يترسب على هيئة بلورات حادة في إصبع القدم الكبير والمفاصل الأخرى مما يسبب نوبات من الألم والتورم والاحمرار تعرف بنوبات النقرس.
أسباب النقرس
يحدث النقرس عندما تتراكم بلورات حمض اليوريك (uric crystals) في مفصلك، مما يسبب التهابًا وألمًا شديدًا يعرف بنوبة النقرس.
قد تتكون بلورات حمض اليوريك عندما يحتوي الدم على مستويات عالية من حمض البوليك. كما ينتج الجسم حمض البوليك عندما يقوم بتكسير البيورينات (purines) – وهي مواد توجد بصورة طبيعية في الجسم.
توجد البيورينات أيضًا في بعض الأطعمة، كاللحوم الحمراء والمأكولات البحرية مثل الأنشوجة والسردين وبلح البحر والتونة. والمشروبات الكحولية، وخاصة البيرة، والمشروبات المحلاة بسكر الفاكهة (الفركتوز) تعزز مستويات حمض البوليك.
غالبًا، يذوب حمض البوليك في الدم ويمر خلال الكلى إلى البول.
لكن أحيانَا ينتج الجسم الكثير من حمض البوليك أو أن الكلية أفرزت القليل جدًا من حمض البوليك.
في حالة حدوث ذلك يمكن أن يتراكم حمض البوليك مكونًا بلورات حمض يوريك حادة تشبه الإبر في المفصل أو الأنسجة المحيطة به مما يسبب الألم والالتهاب والتورم.
أعراض النقرس
تحدث أعراض النقرس بشكل مفاجئ غالبًا ما يكون ذلك في الليل وتشمل ما يلي:
- الألم، عادة ما يكون شديدًا.
- التورم.
- الاحمرار.
- سخونة في المفصل.
يؤثر النقرس عادة على إصبع القدم الأكبر، ولكنه قد يصيب أي مفصل أيضًا، ومن المفاصل الأخرى التي يكثر إصابتها الكاحلين والركبتين والمرفقين والمعصمين وأصابع اليدين.
ما هي مدة النوبة؟
تحدث نوبات النقرس بشكل مفاجيء، ويتزايد ألم المفصل ليصل إلى أقصاه خلال ١٢-٢٤ ساعة من بداية حدوث النوبة ثم يقل بالتدريج حتى بدون استخدام علاج.
يمكن أن تستمر النوبة أسبوعًا أو أسبوعين. وبين النوبات، قد لا تظهر عليك أي أعراض على الإطلاق.
عوامل الخطر
تزداد فرص الإصابة بداء النقرس في حال ارتفاع مستوى حمض البوليك في الجسم، وفيما يلي نوضح هذه العوامل :
- النظام الغذائي: تناول نظام غذائي غني بالبروتينات الحيوانية، واستهلاك كمية كبيرة من الكحول يزيد من مخاطر الإصابة بنقرس إبهام القدم.
- السمنة أو زيادة الوزن: عند زيادة وزن الجسم عن الطبيعي، ينتج الجسم المزيد من حمض البوليك، وتزداد صعوبة عمل الكلى في التخلص من حمض البوليك.
- حالات طبية معينة: هناك بعض الأمراض التي ترفع من مخاطر الإصابة بالنقرس. مثل ارتفاع ضغط الدم غير المعالَج، وداء السكري والسمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي (الأيض) وأمراض القلب والكلى.
- أدوية معينة: يمكن أن تسبب الجرعات المنخفضة من الأسبرين وبعض الأدوية المستخدمة لضبط ارتفاع ضغط الدم زيادة معدلات حمض البوليك. وكذلك الحال بالنسبة للعقاقير المضادة لرفض الأعضاء المزروعة التي توصف للأشخاص بعد عمليات زرع الأعضاء.
- التاريخ العائلي مع النقرس: إذا كان يوجد أفراد آخرون في العائلة مصابون بداء النقرس، تزداد احتمالية إصابتك به.
- عمر الشخص ونوعه: تزداد الإصابة بالنقرس بين الرجال، نظرًا لأن معدلات حمض البوليك تكون أقل عند النساء بصورة أولية. لكن بعد انقطاع الطمث، تقترب معدلات الإصابة عند النساء من معدلات الرجال. ويصاب الرجال بالنقرس في سن مبكرة، تتراوح عادة بين 30 و50 سنة، بينما تصاب النساء به عادة بعد انقطاع الطمث.
- العمليات الجراحية أو الإصابات الحديثة: قد تزيد العمليات الجراحية أو الإصابات الحديثة من احتمالية حدوث نوبات النقرس. كما قد تؤدي اللقاحات إلى إصابة بعض الأشخاص بالنوبات.
مضاعفات النقرس
قد يصاب مرضى النقرس بحالات أكثر حدة، نذكر منها ما يلي:
النقرس المتكرر
قد لا تتكرر نوبات المرض وأعراضه عند بعض الأشخاص. ولكن البعض الآخر قد تتكرر لديه النوبات عدة مرات خلال السنة الواحدة.
تعمل الأدوية على الوقاية من حدوث النوبات والحد من تكرارها. لكن إذا تم ترك المرض بدون علاج، فقد يتسبب ذلك بتآكل المفاصل وتدميرها.
النقرس المتقدم
قد يسبب النقرس إذا تُرك بدون علاج تكون ترسبات من بلورات حمض اليوريك تحت الجلد في عُقيدات تسمى رواسب رملية.
ويمكن أن تتكون هذه الرواسب في عدة أماكن مختلفة، مثل الأصابع أو اليدين أو القدمين أو المرفقين أو وتر العرقوب بطول الجزء الخلفي من الكاحلين. وعادة ما تكون غير مؤلمة، لكنها قد تتورم وتصبح حساسة أثناء النوبات.
حصوات الكلى
قد تتجمع بلورات حمض اليوريك في الجهاز البولي لدى مرضى النقرس، مسببة حصوات الكلى. ويمكن أن تقلل الأدوية من خطر الإصابة بحصوات الكلى.
متى يجب زيارة الطبيب؟
يمكنك استشارة الطبيب إذا شعرت بألم شديد ومفاجئ في مفصل من مفاصل الجسم.
فقد يؤدي النقرس إذا لم يتم علاجه إلى تفاقم الألم وتآكل المفاصل. لذا يلزم الحصول على الرعاية الطبية على الفور إذا أصبت بالحمى وشعرت بالتهاب وسخونة في المفصل، لأن ذلك قد يكون علامة على الإصابة بالعدوى.
التشخيص
يشخص الأطباء عادة داء الملوك بناء على أعراضك ومظهر المفصل المصاب. وتشمل الاختبارات التي تستخدم في تشخيص المرض ما يلي:
- اختبار سائل المفصل: يتم سحب السائل من المفصل المصاب بإبرة ثم يتم فحص السائل تحت المجهر لرؤية بلورات حمض اليوريك.
- فحص الدم: لقياس مستوى حمض البوليك في الدم. ولكن قد تكون نتائج اختبار الدم مضللة. فقد يعاني بعض الأشخاص من ارتفاع مستويات حمض البوليك، لكنهم لا يعانون من هذا المرض أبدا. وربما يعاني بعض الأشخاص من علامات وأعراض المرض، ولكن ليس لديهم مستويات عالية من حمض البوليك في الدم.
- التصوير بالأشعة السينية: تساعد الأشعة السينية للمفصل في تشخيص المرض واستبعاد الأسباب الأخرى لالتهاب المفاصل.
- الموجات فوق الصوتية: تستخدم الموجات الصوتية للكشف عن وجود بلورات حمض اليوريك في المفاصل أو الحصوات في الكلى.
- التصوير المقطعي المحوسب ثنائي الطاقة (DECT): يقوم هذا الاختبار بتجميع صور الأشعة السينية المأخوذة من عدة زوايا مختلفة ليعطي تصورًا لبلورات حمض اليوريك في المفاصل.
علاج النقرس
يتوافر نوعين من الأدوية لحل مشكلتين مختلفتين:
- النوع الأول يعمل على تقليل الالتهاب والألم المصاحب لنوبات النقرس.
- النوع الثاني يعمل على منع المضاعفات من خلال خفض كمية حمض البوليك في الدم.
يتوقف نوع الدواء المناسب لك على عدة عوامل مثل تكرار الأعراض وشدتها، أو إذا كنت تعاني من أي مشاكل صحية أخرى.
ملاحظة هامة: لا يجب تناول الأدوية إلا باستشارة الطبيب
أدوية لعلاج نوبات النقرس
تشمل الأدوية التي تستخدم لعلاج نوبات المرض ومنع حدوث النوبات المستقبلية ما يلي:
- العقاقير غير الستيرويدية المضادة للالتهابات(المسكنات) NSAIDs:
تشمل مضادات الالتهاب غير الستيرويدية خيارات لا تستلزم وصفة طبية مثل إيبوبروفين (Ibuprofen) ونابروكسين الصوديوم (Naproxen).
بالإضافة إلى مضادات الالتهاب غير الستيرويدية الأكثر قوة مثل الإندوميثاسين (Indomethacin) كعقار (إندوسين Indocin، تيفوربيكس Tivorbex) أو سيليكوكسيب celecoxib (سيليبريكس celebrex).
تزيد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية من مخاطر حدوث آلام في المعدة ونزيف وقرح.
- الكولشيسين (colchicine):
قد يوصي طبيبك بالكولشيسين وهو دواء مضاد للالتهابات يقلل بشكل فعال من آلام النقرس.
ومن آثاره الجانبية الغثيان والقيء والإسهال.
- الكورتيزون (cortisone):
تقلل أدوية الكورتيكوستيرويد، مثل بريدنيزون (Prednisone)، من التهاب المفاصل والألم. قد تكون الكورتيكوستيرويدات على شكل أقراص، أو يمكن حقنها في مفصلك.
قد تشمل الآثار الجانبية للكورتيزون تغيرات المزاج، وزيادة مستويات السكر في الدم، وارتفاع ضغط الدم.
أدوية منع المضاعفات
إذا تكررت لديك النوبات كل عام، أو كانت النوبات لديك أقل تكرارًا ولكنها مؤلمة بدرجة كبيرة، فقد يوصي طبيبك بأدوية لتقليل خطر الإصابة بمضاعفات النقرس.
وإذا أظهرت الأشعة السينية وجود أضرار بالمفصل، أو كنت مصابًا برواسب الجلد أو أمراض الكلى المزمنة أو حصى الكلى، فقد يصف لك الطبيب أدوية لخفض معدلات حمض البوليك في الجسم.
الأدوية التي تمنع إنتاج حمض اليوريك
تساعد الأدوية مثل الوبيورينول(Allopurinol) وفيبوكسوستات(Febuxostat) على الحد من كمية حمض البوليك التي ينتجها جسمك.
تشمل الآثار الجانبية لعقار الألوبيورينول الحمى والطفح الجلدي والتهاب الكبد ومشاكل الكلى. وتشمل الآثار الجانبية للفيبوكسوستات الطفح الجلدي والغثيان وانخفاض وظائف الكبد. وقد يؤدي إلى الوفاة المرتبطة بالقلب.
الأدوية التي تقوم بإزالة حمض البوليك
تساعد الأدوية مثل البروبينسيد Probenecid (بروبالان Probalan) على زيادة قدرة الكليتين على التخلص من حمض البوليك الموجود في الجسم وزيادة إفرازه في البول.
الآثار الجانبية: الطفح الجلدي وحصوات الكلى وآلام المعدة.
نمط الحياة والعلاجات المنزلية
غالبًا ما تكون الأدوية هي الطريقة الأكثر فعالية لعلاج النوبات أو الوقاية من النوبات المتكررة. ومع ذلك، فإن تغيير نمط الحياة مهم أيضًا:
- اختر المشروبات الصحية: تجنب المشروبات الكحولية وقلل استهلاك المشروبات المحلاة بسكر الفاكهة (الفركتوز). وعوضًا عن ذلك اشرب الكثير من الماء.
- تجنب الأطعمة الغنية بالبيورينات: الحد من استهلاك اللحوم الحمراء واللحوم العضوية مثل الكبد، لأنها مصدر غني بالبروتينات. وكذلك المأكولات البحرية الغنية بالبيورين مثل الأنشوجة والسردين وبلح البحر. كما يمكن استخدام منتجات الألبان قليلة الدسم كمصدر أفضل للبروتين للأفراد المعرضين للإصابة بالمرض.
- ممارسة الرياضة بانتظام وإنقاص الوزن: المحافظة على وزن صحي تساعد على تقليل خطر الإصابة بالمرض. كما يمكنك اختيار الرياضات ذات التأثير المنخفض مثل المشي وركوب الدراجات والسباحة، والتي تكون أسهل على مفاصلك.
عزيزي القارئ عليك استشارة الطبيب إذا كنت تعاني من هذه الأعراض للسيطرة على المرض وتلافي حدوث أي مضاعفات بالمفاصل، كما يمكنك تغيير نظامك الغذائي وممارسة الرياضة وضبط الوزن، فالوقاية خير من العلاج.