هل تشعر بالنعاس بعد الأكل؟ تعرف على الأسباب والحلول 

كم مرة شعرت بالنعاس بعد الأكل ؟ كم مرة أجلت وجبتك أو اعتذرت عنها لإلتزامك بمهام تتطلب منك نشاط و صفاء للذهن تعلم أنه لن يتوفر لك بعد تناولك للطعام.

هل سألت نفسك إذا كان هذا الأمر طبيعي أم أنه يستحق القلق؟

الشعور بالخمول والكسل بعد تناول الطعام أمر يشعر به أغلبية الناس حتى أن البعض أطلق عليه اسم (food coma) غيبوبة ما بعد الأكل.

واصطلح على تسميته طبياً postprandial somnolence.

ما هو النعاس بعد الأكل؟

إذا كان أحب الأفعال لك بعد تناول وجبة كبيرة أو دسمة هو الاستلقاء على الأريكة ومتابعة التلفاز والالتزام بالصمت والسكون فإنك في الغالب قد عانيت من حالة النعاس بعد الأكل وهي مجموعة من الأعراض تشمل:

  • الميل للنوم.
  • الكسل.
  • الخمول.
  • عدم القدرة على التركيز.

هل النعاس بعد الأكل أمر طبيعي؟

على الرغم من اختلاف النظريات حول أسباب الشعور بالنعاس بعد الأكل إلا أن كل النظريات المقترحة لتفسير هذه الظاهرة تتضمن الاستجابات أو العمليات الفسيولوجية الطبيعية للجسم.

ما هو سبب الشعور بالنعاس بعد الأكل؟

على الرغم من تواتر ظاهرة النعاس بعد الأكل إلا أنه لم يتم دراستها بشكل كاف؛ فهناك نظريات تم الطعن بصحتها والبعض الآخر قد يكون مقبول علمياً، دعنا نستعرض هنا أهم الأسباب المطروحة لتفسير تلك الظاهرة:

  • تغيرات في الدورة الدموية.

لفترة طويلة كان يُعتقد أن الشعور بالتعب والميل للنعاس بعد تناول الطعام أمر طبيعي ينتج عن زيادة تدفق الدم إلى الأمعاء بما تتطلبه عملية الهضم؛ مما يؤدي إلى انخفاض تدفق الدم إلى المخ وبالتالي الشعور بالخمول والميل للنعاس.

مؤخراً تم الطعن في هذه النظرية بعدما تم إثبات أن الجسم يستطيع الحفاظ على مستوى تدفق الدم إلى المخ في العديد من المواقف الأكثر صعوبة، كممارسة التمارين الرياضية على سبيل المثال عندما تتطلب العضلات المزيد من الدم.

فأصبح من غير المقبول أن تدفق الدم للأمعاء أثناء عملية الهضم أمر كاف للتسبب في النعاس، في الواقع تشير دراسة قديمة إلى أن تدفق الدم إلى الدماغ قد يزداد بعد الوجبات.

  • كمية الطعام المُتناول

غالباً ما يشكو الناس من الشعور بالنعاس بعد الأكل عند تناول وجبات طعام كبيرة، وقد أثبتت الدراسات أن الرجال الذين يفرطون في تناول الطعام تكون طاقتهم أقل ،ولديهم المزيد من التعب الجسدي، والخمول، والنعاس؛ خلال 4 ساعات من تناول الوجبة؛ في حين أن أولئك الذين تناولوا الطعام فقط حتى الشبع بشكل مريح لم يكن لديهم أي آثار سلبية.

وتمت دراسة أخرى على بيان أثر كمية الطعام المتناول على جودة القيادة لدى السائقين فكانت النتيجة أن أصحاب الغذاء الثقيل ذو كميات الطعام الكبيرة كانت لهم عدد إنحرافات أكثر عن مساراتهم وشعور بالنعاس أكبر.

  • نوع الطعام المتناول: تمم الربط بين الوجبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكربوهيدرات والدهون والبروتين وبين الشعور بالنعاس والخمول بعد الأكل خاصة عند تناولها مختلطة ببعضها نوضح ذلك في عدة نقاط:.
    • تناول أطعمة غنية بالتريبتوفان خاصة مع الأطعمة المليئة بالكربوهيدرات يزيد من الشعور بالتعب بعد ساعات قليلة من تناول الطعام، والتربتوفان موجود بشكل أساسي في اللحوم البيضاء كالديك الرومي، والدجاج والحليب، والبيض، والجبن، والأسماك، والتوفو، والخبز والشوكولاتة والتونة المعلبة، وجبن الشيدر، والفول السوداني، والشوفان؛ والتربتوفان من الأحماض الأمينية الأساسية التي تحفز إنتاج هرمونات السيروتونين والميلاتونين وهي هرمونات مرتبطة بالنوم والاسترخاء في الدماغ.
    • تبين أيضاً أن الوجبات ذات السعرات الحرارية العالية والكربوهيدرات المختلطة بالدهون (كالبطاطس المقلية، والمخبوزات، والحلويات) تُسهم في إطلاق بروتينات صغيرة تعرف باسم السيتوكينات؛ والتي ترتبط بالإرهاق.
    • ترفع الوجبات الغنية بالدهون أو البروتين هرمون الكوليسيستوكينين الذي تفرزه الأمعاء ويعمل على تكسير البروتين والدهون وقد أظهرت بعض الأبحاث وجود علاقة بين زيادة هرمون الكوليسيستوكينين بعد تناول وجبة غنية بالدهون والشعور بالنعاس بعد بضع ساعات.
  • علاقة الهرمونات التي تعزز النوم بتناول الطعام

فقد تؤثر هرمونات معينة يتم إفرازها أو تقليلها في وقت قريب من تناول الطعام على النوم، على سبيل المثال: هرمون الأوريكسين الذي يعزز اليقظة والجوع يتم منعه بعد تناول الطعام، وهرمون الميلاتونين الذي له دور في إحداث النوم (ويتم إنتاجه من الأمعاء، والغدة الصنوبرية) يزيد بعد تناول الطعام.

  • وقت تناول الطعام

يتمتع جسم الإنسان بدورة نوم واستيقاظ طبيعية على مدار 24 ساعة تُعرف بإيقاع الساعة البيولوجية أو ساعة الجسم. تظهر الأبحاث أنه بالإضافة إلى مرحلة النوم المتوقعة في الليل، هناك مرحلة نوم أصغر يحتاج إليها الجسم في وقت مبكر من بعد الظهر، وبالتالي إذا تم تناول الطعام في هذا الوقت بالذات ومن ثم تبعه الشعور بالنعاس فإن هذا قد يعود إلى إيقاع الساعة البيولوجية وليس بسبب الطعام في حد ذاته.

في الواقع، لاحظت دراسة قديمة أن تناول الطعام يزيد من طول قيلولة بعد الظهر ولكنه لا يحفزها.

حل النعاس بعد الأكل

على الرغم من أن النعاس بعد تناول الطعام يُعتبرأمراً طبيعاً تمامًا، إلا أنه قد يكون غير مريح عندما تحتاج إلى العمل أو الدراسة، بل إنه خطير إذا كنت بحاجة إلى القيادة أو القيام بأنشطة محفوفة بالمخاطر؛ يمكن التقليل من الشعور بالنعاس بعد الأكل باتباع النصائح التالية:

  • تناول كميات معتدلة من الطعام، يرتبط تناول كميات كبيرة من الطعام بالنعاس، لذا فالمحافظة على حصص الطعام معتدلة والتنبه لمستويات الشبع يعتبر حلاً ممتازً لتلك المشكلة.
  • الالتزام بوجبات غذائية متوازنة، وجدت دراسة أجريت على سائقي الشاحنات البرازيليين أن أولئك الذين اتبعوا نظامًا غذائيًا منخفض الدهون الحيوانية والأطعمة المصنعة شعروا بنعاس أقل أثناء القيادة من أولئك الذين يتبعون نظامًا غذائيًا غير صحي.
  • الحفاظ على رطوبة الجسم قد يقلل من تأثير تناول الطعام على الشعور بالنعاس فالجفاف يسبب التعب، ويُضعف من الوظائف العقلية لذا التأكد من شرب الكثير من السوائل – بما في ذلك الماء والشاي ومنتجات الألبان يعتبر أمراً حتمياً للمساعدة في التخلص من هذه الظاهرة.
  • الحصول على نوم جيد؛ يمكن أن يؤدي قلة النوم ليلاً إلى جعل الانخفاض الطبيعي في مستويات الطاقة خلال فترة ما بعد الظهيرة (وهي الفترة المحتملة لتناول الغذاء عند أغلب الناس) أسوأ لذا يجب النوم لمدة 7-8 ساعات كل ليلة على الأقل.
  • التعرض للضوء الأبيض الساطع يؤدي إلى التقليل من الشعور بالنعاس، وقد يكون استخدام الضوء الساطع مفيدًا بشكل خاص في المكاتب أو في بيئات العمل والدراسة لمنع النعاس بعد الوجبات.
  • أخذ (قيلولة) قيلولة قصيرة مدتها 30 دقيقة قد تساعد في استعادة أداء الدماغ، لذا بدلاً من محاربة الشعور بالنعاس بعد الأكل، فإن أخذ قيلولة قصيرة بعد الظهر قد يكون حلاً مناسباً.

هل النعاس بعد الأكل من علامات الإصابة بمرض السكري؟

يشعر بعض الناس بالقلق من أن التعب والشعور بالنعاس بعد الأكل علامة على الإصابة بمرض السكري.

دعنا نناقش هنا من أين نشأت هذه الفكرة، من الطبيعي عند تناول الكربوهيدرات أن ينتج الجسم هرمون الأنسولين لنقل السكر من مجرى الدم إلى الخلايا، حيث يتم استخدامه للحصول على الطاقة؛ لكن عند الإصابة بمرض السكري أو مقاومة الأنسولين فإن الخلايا تفقد حساسيتها للإنسولين فيفقد الأنسولين قدرته على إدخال السكر للدم، مما يعني أن السكر لا يصل إلى الخلايا ويجعلها تفتقر للطاقة، وهذا بدوره قد يؤدي إلى الشعور بالتعب.

فإذا كنت تشعر بالتعب باستمرار بعد تناول الطعام وتعاني أعراض أخرى، مثل زيادة العطش، وزيادة التبول، أو فقدان الوزن، ومشاكل في الرؤية؛ فقد يكون من الضروري زيارة الطبيب لتحديد السبب.

الشعور بالتعب بعد الأكل هو استجابة فسيولوجية شائعة ولا يدعو للقلق بشكل عام إذا كانت لا تصاحبه، أعراض أخرى، فالالتزام بنظام غذائي صحي ومتوازن، وأخذ القسط الكافي من النوم قد يكونان حلاً مثالياً لهذه المشكلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى