العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
الجهاز التناسلي هو الجهاز الذي وظيفته إنجاب الأطفال، وبالتالي فإن وجود العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي من الأمور المثيرة للقلق، لأن بعضها يعوق وجوده حدوث الحمل، كما أن بعضها يعوق قيام العلاقة الزوجية بشكل طبيعي.
سنتعرف من خلال الفقرات القادمة على أهم وأشيع العيوب الخلقية للجهاز التناسلي، وتأثيرها على حدوث الحمل لدى المرأة، فلنقرأ معا.
مم يتكون الجهاز التناسلي الأنثوي؟
يقع الجهاز التناسلي للأنثى في أسفل البطن داخل تجويف الحوض، حيث يفتح على خارج الجسم عبر قناة المهبل، ويتكون تشريحيا من الأعضاء الآتية:
المبيضين
هما عضوين صغيري الحجم يشبهان حبات اللوز كبيرة الحجم، يقع كل منهما على أحد جانبي أسفل البطن، وظيفتهما إنتاج البويضات التي إذا تم تخصيبها يحدث الحمل.
وعلى عكس ما يعتقد الكثير من الناس، المبيضان لا ينتجان أي بويضات بعد ولادة الأنثى، فالأنثى تولد وبكل مبيض حوالي 150000 بصيلة تعرف بأمهات البيض، وما يحدث عند البلوغ هو نضج هذه البصيلات لتتحول إلى بويضات ناضجة، ويقوم كل مبيض بإطلاق بويضة منها كل شهر بالتبادل معًا، كل شهر تخرج بويضة من أحدهما، شهر من الأيمن والشهر التالي من الأيسر، وهكذا.
وبرغم أن الأنثى تولد ولديها حوالي 300000 بويضة، إلا أنه لا ينضج منها إلا حوالي 200 بويضة على مدار فترة خصوبة المرأة، والتي تبدأ من سن البلوغ الجنسي، وحتى سن انقطاع الطمث.
الرحم
هو كيس عضلي مجوف يقع أسفل البطن يشبه ثمرة الكمثرى المقلوبة، طوله حوالي 7 سم وعرضه حوالي 5 سم، وظيفته احتواء الجنين وتغذيته خلال فترة الحمل حتى يكتمل تكوينه، فيخرج منه بعملية الولادة.
وللرحم في أعلاه قناتان تفتحان في تجويف الحوض، تنتهي كل منهما بما يشبه القمع يواجه أحد المبيضين، وتعرف تلك القنوات بقنوات فالوب.
يستقبل الجزء المشابه للقمع البويضة المنطلقة من المبيض، ويحملها إلى تجويف تلك القناة، لتلتقي بالحيوان المنوي للذكر، وإذا حدث الحمل تنتقل البويضة المخصبة عبر تلك القناة إلى داخل تجويف الرحم، لتنغرس في بطانته السميكة ويبدأ الحمل.
وخلال الحمل يتمدد الرحم ويزداد حجمه حوالي 22 ضعف حجمه الأصلي، ليستوعب الجنين النامي بداخله وما يحيط به من سوائل خلال الحمل، ثم يتقلص حجمه مرة أخرى بعد الولادة.
المهبل
هو قناة عضلية مرنة يبلغ طولها حوالي 10 سنتيمترات، يفتح فيه تجويف الرحم من أعلى عبر فتحة تعرف بعنق الرحم، ويفتح المهبل من جهته الأخرى على خارج الجسم.
في العادة تكون فتحة المهبل الخارجية مغطاة بغشاء يعرف بغشاء البكارة، به فتحة أو أكثر، وقد ينفض هذا الغشاء بالاتصال الجنسي وقد يبقى موجودًا حتى ولادة أول طفل.
يسمح المهبل بإقامة العلاقة الجنسية، كما تمر عبره دماء الدورة الشهرية من الرحم إلى خارج الجسم، ويمر من خلاله الجنين أيضا أثناء الولادة.
البظر
هو عضو الإحساس والإثارة الجنسية الأكثر حساسية عند الأنثى، يوجد عند نقطة التقاء الشفرين الصغيرين، ومن الجدير بالذكر أن البظر لدى الأنثى والقضيب لدى الذكر يتكونان من نفس الأصل الجنيني، ويحدث التمايز بينهما أثناء فترة الحمل بحسب نوع الجنين.
دور البظر في عملية التناسل هو إثارة الشهوة الجنسية لدى المرأة خلال عملية الجماع، مما يحفز انقباضات المهبل وعنق الرحم لدفع السائل المنوي عبرهما إلى داخل تجويف الرحم.
دور البظر الجنسي مختلف في الثقافات والموروثات المختلفة، فمنها ما يرى تجميله أو ثقبه، ومنها ما يرى إزالته، وبالتالي فإن دوره التناسلي مختلف حسب ثقافات الشعوب المختلفة.
أنواع العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
في المرحلة الجنينية يكون الرحم عبارة عن أنبوبين منفصلين، يلتحمان معًا في مرحلة لاحقة فيكونان تجويف واحد هو الرحم، ولأن معظم التشوهات تحدث أثناء تكون الرحم، فغالبية العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي تكون في الرحم أيضًا، ومن أهم عيوب الجهاز التناسلي ما يلي:
غياب الرحم
وهي حالة نادرة تولد فيها الأنثى بلا رحم على الإطلاق، وتتمثل أعراضها في عدم حدوث الدورة الشهرية عندما تصل الفتاة إلى سن البلوغ، برغم وجود علامات البلوغ الظاهرية، وهذه حالة يستحيل فيها حدوث الحمل لدى تلك المرأة.
الرحم الطفيلي
يعتبر الرحم الطفيلي حالة أقل شدة وأكثر شيوعا من غياب الرحم، حيث يكون الرحم موجودًا ولكن حجمه أصغر من الطبيعي، وقد يكون قريبًا من الحجم الطبيعي فيمكن معه حدوث الحمل مع بعض المضاعفات كالإجهاض والولادة المبكرة، وقد يكون صغيرًا جدًا بشكل لا يسمح بحدوث الحمل بالمرة.
وقد لا توجد أعراض لتلك الحالة بالمرة ولا تكتشفها الأنثى إلا عند مراجعة الطبيب بسبب تأخر الحمل أو الإجهاض، وقد تظهر أعراضها في صورة قلة دماء الحيض وقلة أيام فترة الحيض.
الرحم القلبي (ذو القرنين)
ذكرنا سابقًا أن الرحم في المرحلة الجنينية يكون عبارة عن جزئين أو نصفين يلتحمان معًا لتكوين الرحم الكامل، في حالة الرحم القلبي يكون التحام هاتين القناتين غير مكتمل، فتظلان منفصلتان عند قمة الرحم، فيأخذ الرحم شكل القلب، ويعرف أيضًا بالرحم ذو القرنين.
وعلى حسب عمق الانفصال بين شقي الرحم تكون مضاعفات الحالة، فقد يكون العمق طفيفًا فيمكن معه حدوث الحمل بشكل طبيعي، وقد يكون كبيرًا بشكل يكاد يقسم الرحم إلى قسمين منفصلين، فتزداد مضاعفات عدم حدوث الحمل أو الحمل خارج الرحم أو الإجهاض أو الولادة المبكرة، على حسب شدة الحالة.
الرحم أحادي القرن
في الرحم الطبيعي يعلو الرحم قناتي فالوب، وتفتح كل قناة منهما أمام أحد المبيضين، أما في حالة الرحم أحادي القرن فلا توجد إلا قناة فالوب واحدة، ومبيض واحد، ببساطة يكون لدى المرأة نصف جهاز تناسلي داخلي فقط.
وتظهر مضاعفات تلك الحالة في صورة آلام البطن وعسر الحيض وتعذر الحمل والإجهاض، وحدوث تشوهات في الجنين، مما يفضل معه استئصال الرحم تجنبا لأعراضه ولمضاعفات حدوث الحمل مع وجود تلك الحالة.
الرحم المزدوج
هي حالة لا يحدث فيها اتحاد للأنبوبين المكونين للرحم عند الجنين، فتولد الطفلة ولها رحمان مستقلان تماما، لكل منهما قناة فالوب تفتح أمام أحد المبيضين.
ومن أشهر مضاعفات تلك الحالة أن يكون قسمي الرحم مغلقان باتجاه المهبل مما يعوق خروج دماء الدورة الشهرية، فيتم التدخل جراحيا لفتح أسفل الرحمين ووصلهما بعنق الرحم ليحدث الحيض بشكل طبيعي.
قد لا تسبب تلك الحالة مضاعفات سوى الولادة المبكرة إذا كان حجم أحد القسمين أو حجم القسمين يسمح بحدوث الحمل، وقد يرافقها الإجهاض وتشوه الأجنة.
انقسام الرحم
هي حالة لا يحدث فيها ذوبان كامل للجدار الفاصل بين قسمي الرحم عند تكون الجنين، فيكون الرحم مقسومًا إلى نصفين بغشاء يفصل بينهما، ويمكن علاجها جراحيًا بإزالة الغشاء الفاصل بين القسمين.
تقوس الرحم
هو حالة خفيفة من انقسام الرحم، لا تصاحبها مشكلات تذكر ولا أعراض، ولكنها قد تسبب الولادة المبكرة أو وضعيات الولادة الخاطئة، ويمكن علاجها جراحيا بسهولة عبر تنظير الرحم.
انغلاق المهبل
هي حالة قد تنتج عن عدم وجود فتحة بغشاء البكارة تسمح بخروج دماء الحيض، تعرف بحالة غشاء البكارة الرتق أو المصمت أو انغلاق غشاء البكارة.
وتتمثل أعراضها في حدوث أعراض الحيض مع عدم نزول دماء الحيض واحتباسها داخل تجويف المهبل والرحم والبطن، ولها مضاعفات خطيرة إذا لم يتم علاجها.
أسباب العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
تحدث العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي بشكل أساسي نتيجة لحدوث خلل في تكوينه أثناء التطور الجنيني للطفلة، وقد يحدث ذلك للأسباب الآتية:
- العوامل الوراثية.
- التاريخ العائلي.
- تناول بعض الأدوية المحظورة أثناء الحمل.
وبرغم رجاحة تلك الأسباب إلا أنه لا توجد أسباب مؤكدة لحدوث تلك العيوب الخلقية حتى الآن، فقد تحدث بدون توافر أي من الأسباب السابقة، وقد لا تحدث مع توافرها أيضا.
أعراض العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
قد لا تسبب العيوب الخلقية أي أعراض بالمرة، ولا يتم اكتشافها إلا بسبب مضاعفاتها، وقد تسبب الأعراض الآتية:
- آلام البطن.
- غياب الدورة الشهرية.
- زيادة حجم البطن (تورم البطن).
مضاعفات العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
بعض الحالات الطفيفة من العيوب الخلقية قد لا تسبب مضاعفات بالمرة، وبعضها قد يسبب مضاعفات خطيرة تستوجب العلاج، ومنها:
- احتباس الحيض، وهي حالة خطيرة قد تهدد الحياة إذا لم تكتشف.
- عدم حدوث الحيض بالمرة.
- عدم حدوث الحمل.
- الإجهاض المتكرر.
- الولادة المبكرة.
- الحمل خارج الرحم.
- تشوهات الأجنة.
- وضعيات الولادة الخاطئة.
تشخيص العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
قد لا تظهر أعراض تنبه المريضة لمراجعة الطبيب، لاسيما إن كانت غير متزوجة أو لا ترغب في حدوث الحمل، وقد تظهر أعراض تراجع بها المريضة الطبيب فيلجأ لوسائل التشخيص الآتية:
- فحص البطن بالموجات فوق الصوتية.
- فحص الحوض بالأشعة السينية.
- الفحص بالتصوير المقطعي المحوسب (الأشعة المقطعية).
- الفحص بأشعة الرنين المغناطيسي.
علاج العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي الأنثوي
بعض حالات العيوب الخلقية تستعصي على العلاج، كغياب الرحم والرحم الطفولي شديد الصغر، وبعض الحالات يمكن علاجها هرمونيا أو جراحيا على حسب طبيعة الحالة.
وقد يتم العلاج لمضاعفات الحالة، كربط عنق الرحم لمنع الإجهاض والولادة المبكرة، أو اللجوء للتوليد القيصري في حالة وضعيات الولادة الخاطئة، أو استئصال الحمل خارج الرحم أو استئصال الرحم نفسه لمنع مضاعفات وجوده.
الوقاية من العيوب الخلقية للجهاز التناسلي الأنثوي
لا توجد أسباب مؤكدة لحدوث العيوب الخلقية من هذا النوع، وبالتالي فلا توجد طريقة معروفة للوقاية من حدوثها.
غير أنه من المهم الفحص المبكر للجهاز التناسلي للأنثى قرب مرحلة البلوغ، لأن بعض تلك العيوب يمكن علاجها إذا اكتشفت مبكرًا، فبعض حالات الرحم الطفولي مثلا يمكن علاجها هرمونيا لزيادة حجم الرحم إلى حجم يسمح بحدوث الحمل، ولكن العلاج قد يستغرق أعوامًا طويلة، وبالتالي فللتشخيص المبكر أهميته الكبيرة في الوقاية من المضاعفات.
أسئلة شائعة حول العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي
العيوب الخلقية تشكل قلقًا لدى الكثير من الفتيات، لاسيما عند ظهورها لدى إحدى نساء العائلة، مما يطرح الكثير من التساؤلات حولها سنتعرض الآن لأهمها:
كيف أعرف أن عندي عيب خلقي؟
بعض العيوب الخلقية تحدث أعراضًا واضحة كغياب الطمث أو تعذر الحمل، غير أن معظمها لا يمكن التعرف عليه إلا من خلال الفحص الطبي.
هل يمكنني الحمل مع وجود عيب خلقي؟
إمكانية الحمل مع وجود العيب الخلقي تختلف من حالة لأخرى، فبعض الحالات يستحيل فيها حدوث الحمل، وبعضها يحدث فيه الحمل مع وجود مضاعفات، وبعضها يمكن معها الحمل والولادة بشكل طبيعي تمامًا.
هل غياب الدورة الشهرية معناه غياب الرحم؟
لغياب الدورة الشهرية أسباب متعددة، غياب الرحم أحدها، فقد تغيب لأسباب هرمونية، أو لوجود أمراض بالغدد الصماء، أو أمراض مزمنة، أو كأحد مضاعفات العلاج الكيماوي للسرطان، أو لوجود حالة رتق غشاء البكارة أو رتق المهبل.
ما هو رتق المهبل؟
رتق المهبل هو انغلاق فتحة المهبل، قد يحدث ذلك لأسباب خلقية أو مرضية، وقد يكون المهبل غائبًا تمامًا، أو مشوهًا بشكل لا يمكنه من آداء وظيفته، ويترافق أحيانًا مع متلازمات جينية مثل متلازمة روكيتانسكي ماير كوستر هاورز، وهي متلازمة يغيب فيها الرحم ويتشوه المهبل، رغم وجود الأعضاء التناسلية الخارجية بشكل طبيعي تمامًا.
كم عدد الفتحات عند المرأة، وهل هو مماثل للرجل؟
للمرأة ثلاث فتحات مرتبة كالآتي، فتحة مجرى البول، فتحة المهبل، فتحة الشرج.
أما الرجل فلديه فتحتين فقط، حيث يؤدي القضيب الوظيفة الجنسية ووظيفة إخراج البول معا.
عزيزتي، العيوب الخلقية في الجهاز التناسلي مدعاة للقلق، ولكن لا تجعليها هاجسًا يؤرق استمتاعك بحياتك، فلو لم تظهر أعراض واضحة فلا داعي للخوف من شيء قد لا يكون موجودًا بالمرة، وإذا ظهرت الأعراض فلتراجعي الطبيب.
ولتعلمي تمامًا أن وجود العيوب الخلقية ليس نهاية العالم، فالكثيرات من النساء تعشن حياة طبيعية مع وجودها، والكثيرات منهن أيضًا تحدث لديهن نفس مضاعفاتها حتى مع عدم وجودها، فحياتنا تجري دائما بأقدار الله التي يجب أن نرضى بها ونتعايش معها لنستمتع بالحياة.