العلاج بالمشيمة ومشتقاتها واستخدام الخلايا الجذعية في العلاج

طالما جذبت المشيمة اهتمام الأطباء والباحثين نظرًا لتركيبها الخلوي والكيميائي الثري، وعلى مدار المئة عام الماضية تكونت أخيرًا صورة واضحة عن طرق العلاج بالمشيمة بعد أبحاث وتطبيقات تجريبية وسريرية عدّة. عزيزي القارئ دعني اصطحبك في جولة أنقل لك فيها أحدث طرق العلاج بالمشيمة.

ما هي المشيمة؟

هي ذلك العضو المؤقت الذي ينشأ داخل الرحم بعد فترة وجيزة من حدوث الحمل وتلتصق بجدار الرحم، بينما يتصل الجنين بالمشيمة عن طريق الحبل السري.

تعمل المشيمة والحبل السري معًا بمثابة شريان الحياة للطفل أثناء وجوده في الرحم حيث تقوم بالوظائف التالية:

  • تمد الجنين بالغذاء والأكسجين اللازمان للحياة.
  • تخلص الجنين من الفضلات الضارة وثاني أكسيد الكربون.
  • تنتج الهرمونات التي تساعد على نمو الجنين.
  • تساعد في انتقال المناعة من الأم للجنين.

ونظرًا للدور الذي تلعبه المشيمة في نقل الدم والأكسجين؛ فإن المشيمة غنية بالأوعية الدموية. أثناء عملية الولادة الطبيعية تطرد الأم المشيمة والأغشية الجنينية ويبقى الدم داخل المشيمة. لذلك من الممكن جمعه وحفظه لاستخدامه في العلاج بالمشيمة.

العلاج بالمشيمة

استخدم الباحثون في دراساتهم لتطبيقات استخدام المشيمة ومشتقاتها في العلاج الآتي:

  • أنواع مختلفة من الخلايا الجذعية.
  •  خلايا دم الحبل السري.
  • مستخلصات المشيمة.
  • مصل دم الحبل السري.
  • الغشاء الأمينيوسي والكوريوني.

تم استخدام هذه المواد المشيمية في شكلها الأصلي وكذلك بعد المعالجة الكيميائية والحرارية، ثم حفظها بالتبريد في بنوك الخلايا الجذعية.

اختلفت طرق استخدامها من الحقن الوريدي، أو العضلي، أو الحقن تحت الجلد، أو عن طريق الفم في صورة كبسولات.

استخدامات الخلايا الجذعية المستخلصة من المشيمة في العلاج

تحتوي المشيمة على أكثر من نوع من الخلايا الجذعية منها الوسيطة. تملك الخلايا الجذعية الوسيطة المشتقة من المشيمة جوانب عدة تجعلها أكثر أهمية في الطب التجديدي من نظيراتها المشتقة من نخاع العظام أو الأنسجة الدهنية لذلك تستخدم في علاج أمراض عدة مثل: 

العلاج بالمشيمة في حالة الذبحة القلبية

تحدث الذبحة القلبية عندما ينقطع تدفق الدم إلى عضلة القلب ويتبعه نقص في الارتواء الدموي للقلب. ونظرًا لأن خلايا أنسجة القلب لا تتجدد فإن عضلات القلب التالفة تستبدل بأنسجة الندبات، وهذا ينتج عنه انخفاض في وظائف القلب.

لذلك فإن العلاج بالمشيمة عن طريق زرع الخلايا الخذعية استيراتيجية واعدة لاستعادة وظيفة القلب والحد من تليف عضلة القلب إذ إن تلك الخلايا لديها القدرة على التمايز والتحول إلى خلايا قلبية.

العلاج بالمشيمة في حالة نقص التروية الحرجة للأطراف

يُقصد بنقص التروية نقص تدفق الدم للأطراف، ويكون مصاحب له تضيق تدريجي يصل إلى حد الانسداد في الشرايين الطرفية. ويعد البتر هو الخيار العلاجي الوحيد في كثير من الحالات، حيث لا يمكن علاج الشعيرات الدموية ويحدث ضيق في الأوعية بشكل دائم.

أثبتت الدراسات قبل السريرية فوائد العلاج بالمشيمة في علاج تلك الحالات وأن العلاج الخلوي يساهم في تكوين الأوعية الدموية في العديد من فئران التجارب المصابة بنقص الإمداد الدموي للأرجل الخلفية. وعندما تم حقن الخلايا الجذعية في المنطقة المصابة لُوحظ تحسن تدفق الدم وتعزيز تكوين الأوعية الدموية الجديدة.

العلاج بالمشيمة في حالة السرطان

السرطان هو أحد المشكلات الصحية الرئيسية على مستوى العالم، وعلى الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه في فهم مرض السرطان والتقدم السريع في التشخيص؛ فإن استراتيجيات العلاج الحالية مازالت محدودة والوفيات لا تزال عالية، ولكن أصبح العلاج بالمشيمة قفزةً نوعيةً كعلاج مضاد للسرطان نظرًا لخصائص الخلايا الجذعية الوسيطة وهي:

  • يمكن أن تهاجر إلى موقع الورم وتؤثر بشكل مباشر على تركيب الورم.
  • يمكن الاعتماد عليها لتوصيل الأدوية إلى الورم تحديدًا وبالتالي تقليل الجرعات المعطاة والحد من الآثار الجانبية المصاحبة للأدوية.
  • لديها القدرة على منع انتشار الخلايا السرطانية.

العلاج بالمشيمة في حالة الأمراض العصبية

يحدث تلف للخلايا العصبية بشكل تدريجي ولا يمكن استعادة تلك الخلايا العصبية التالفة مرة أخرى كما هو الحال مع مرض الزهايمر، ومرض باركنسون، والتصلب المتعدد.

حديثًا أصبح من الممكن الاعتماد على العلاج الخلوي بالخلايا الجذعية كبديل علاجي حيث يمكن للخلايا الجذعية استبدال الخلايا العصبية المفقودة، كما أن لديها القدرة على أن تعمل بشكل وقائي عن طريق إطلاق عوامل تغذي الأعصاب.

العلاج بالمشيمة في حالة أمراض العظام والغضاريف

تعد الخلايا الجذعية خيارًا علاجيًا مناسبًا لتجديد العظام حيث إنها لديها القدرة على التمايز إلى خلايا عظمية.

كما أن الخلايا الجذعية تستطيع التمايز أيضًا إلى خلايا عضلية هيكلية داخل العظام والغضاريف لذلك يعد العلاج بالمشيمة كعلاج خلوي تجديدي مثاليًا في حالات التهاب المفاصل.

تليف الكبد

تليف الكبد هو حالة لا يمكن الشفاء منها وتهدد حياة المريض وتعد زراعة الكبد هي البديل الوحيد للشفاء ولكن نقص المتبرعين والحاجة المستمرة لتثبيط المناعة تُشكل قيودًا تعوق عملية الزراعة. لذلك تعد زراعة الخلايا الجذعية ذات نتائج جيدة لأن لديها القدرة على التمايز إلى خلايا تشبه الكبد، وعندما حُقنت الخلايا الجذعية في حيوانات تجارب لُوحظ الآتي:

  • انخفاض معدل التليف.
  • تجدد خلايا الكبد.
  • انخفاض معدل موت الخلايا.

العلاج بالمشيمة في حالة سلس البول الإجهادي

بسبب ضعف العضلات والأربطة عند مريض سلس البول الإجهادي يحدث تسريب للبول لا إرادي أثناء النشاط البدني أو العطس أو السعال وعادةً ما يكون العلاج في هذه الحالة عن طريق التدخل الجراحي.

عند تطبيق العلاج بالمشيمة عن طريق حقن خلايا جذعية حول مجرى البول في فئران مصابة بسلس البول لُوحظ أن العضلة القابضة الإحليلية استعادت وظيفتها و أنسجتها الطبيعية.

نظرًا لأن المشيمة مصدر غني بالخلايا الجذعية، فإن شركة مثل (LifebankUSA) أصبحت تقدم خدمة حفظ وادخار دم وأنسجة المشيمة لاستخدامها لاحقًا في العلاج بالمشيمة. مؤخرًا أصبح هناك عدد متزايد من الشركات التي تقدم خدمات تخزين دم وأنسجة المشيمة في مختلف أنحاء العالم.

استخدام خلايا دم الحبل السري في العلاج

دم الحبل السري مصدر غني للخلايا الجذعية المكونة للدم والتي تعد بديلاً لنخاع العظام. وعند زراعة خلايا دم الحبل السري للمرضى الذين يعانون أمراض الدم والتمثيل الغذائي وتم تحقيق معدلات نجاح عالية.

أثبتت الدراسات أن استخدام الخلايا الجذعية لدم الحبل السري فعال للغاية في علاج ضعف الانتصاب وتقليل مستوى السكر في الدم أثناء الصيام لمرضى السكري.

يزيد محتوى الهيموجلوبين في كرات الدم الحمراء في دم الحبل السري عن 90٪، بينما يقل في دم البالغين عن 10٪. وعلى الرغم من أن الكمية التي يمكن الحصول عليها من دم الحبل السري لا تتجاوز 100 مل، فإن نقل كرات دم الحبل السري مفيد في علاج الرضع وخاصةً الأطفال المبتسرين وكذلك فعال لعمليات نقل الدم داخل الرحم ويسرع بشكل كبير من التعافي.

استخدامات مستخلص المشيمة في العلاج

يتم الحصول على مستخلص المشيمة عن طريق تحليل أنسجة المشيمة التي تم جمعها أثناء الولادة. ولا يحتوي المستخلص على خلايا ولكنه غني بالبروتينات والمعادن والأحماض الأمينية والهرمونات الستيرويدية. يمتلك مستخلص المشيمة خصائص علاجية عديدة كالتالي:

  • مضاد للأكسدة.
  • مسكن للألم ومضادة للالتهاب.
  • مضاد للحساسية.
  • يحفز عملية إصلاح الخلايا وتكاثرها.

أثبت مستخلص المشيمة فعاليته في علاج مجموعة متنوعة من الحالات المرضية في الجراحة وطب الأعصاب وأمراض النساء والأمراض الجلدية كالتالي:

  • تم تسجيل نتائج إيجابية واضحة في علاج الجروح والحروق والقرح المستعصية بالإضافة إلى الحد من الألم المصاحب لتلك الحالات.
  • المستخلص يساعد في سرعة التئام الجروح خاصةً لمرضى السكري.
  • عند استخدام المستخلص في علاج اضطرابات انقطاع الطمث لُوحط قلة عدد وشدة الهبات الساخنة واستعادة ضبط التوازن الهرموني.
  • يساعد المستخلص في الحد من الإجهاد الجسدي.
  • أظهر المستخلص كفاءة عالية في علم الأعصاب من خلال دعم تجديد الأنسجة العصبية.
  • كانت مستخلصات المشيمة فعالة في علاج التهاب المفاصل الروماتويدي والفشل الكلوي.

استخدام مصل دم الحبل السري في العلاج

اُستخدم مصل دم الحبل السري في علاج الأضرار الكيميائية والحرارية التي تصيب القرنية، وتآكل القرنية، وكذلك في التعافي بعد عمليات الليزر.

أيضاً اُستخدم مصل دم الحبل السري في عمليات الحقن المجهري لعلاج السيدات التي تعاني من مرض متلازمة أضداد الفوسفوليبيد، حيث أن المصل أدى إلى انخفاض الأجسام المضادة، وهذا يعد تمهيد لزرع الجنين.

استخدام الغشاء الأمنيوسي والكوريوني للمشيمة في العلاج

تمتلك تلك الأغشية خصائص فريدة مثل الشفافية، والقدرة على تحفيز انتشار وهجرة الخلايا الجذعية وكذلك القدرة على قمع الأوعية الدموية. لذلك غالبًا ما يستخدم الغشاء الأمنيوسي في طب العيون لإغلاق عيوب القرنية.

كما أن تلك الأغشية لها استخدامات أخرى مثل:

  • علاج القرح المستعصية.
  • جراحات إعادة بناء المهبل.
  • الوقاية من الالتصاقات.
  •  علاج أمراض العظام.
  • جراحات استبدال الغشاء البريتوني في الحوض.
  • علاج الناسور المعوي الجلدي.

بعد أن تناولنا لمحة عن أهم طرق العلاج بالمشيمة لا يوجد شك أن المشيمة مصدرًا غنيًا للمواد الفعالة بيولوجيًا والخلايا الجذعية في ذات الوقت، وكانت ومازالت محط اهتمام العلماء. ولكن يجب إخضاع تلك النتائج التي توصل إليها العلماء لاختبار الوقت وملاحظتها إحصائيًا لتحديد مدى فعاليتها ودراسة الآثار السلبية على المدى القصير والبعيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى