الصدفية.. أنواعها وأعراضها وعلاجها

الصدفية مرض جلدى شائع أكثر مما نتصور, لعله من أكثر أمراض المناعة الذاتية شيوعا, ولكن فى الكثير من الحالات تكون أعراضها طفيفة فلا تلفت نظر المريض, وربما ظنها أمر طبيعى يحدث لدى جميع الناس, كما أن حتى من يعرفونها ويعلمون أعراضها وأنواعها, يحبطهم كونها مرض مزمن, ويشيع بينهم أن علاجها صعب وغير مجدى فلا يتكبدون عناء البحث عنه.

لهذا لا نسمع إلا عن الحالات الشديدة منها والتى تكون أعراضها مزعجة للمريض أو ملحوظة للمحيطين به بشكل يدفعه للبحث عن علاجها.

حول الصدفيه تدور فقرات هذا الموضوع من موضوعات دكتور كشكول, لنتعرف معا على أنواعها وأشيع أعراضها, وكذلك على طرق العلاج ومتى يجب أن يلجأ لها المريض أو يتوقف عنها.

الصدفية وسبب تسميتها

لكى نستطيع فهم ما هو مرض الصدفية, فيجب أن نتفهم أن لكل خلية من خلايا الجسم دورة حياة خاصة بها, حيث تتكون ثم تعيش وتؤدى وظائفها ثم تموت وتستبدل بغيرها, وتتم هذه الدورة فى مدة زمنية ثابتة لكل نوع من خلايا الجسم, ولا تستثنى هذه القاعدة إلا فى حالات الطوارىء, حينما تصاب الخلايا بالتلف لأى سبب طارىء, فيضطر الجسم لزيادة سرعة إستبدالها بغيرها لتعويض ما تلف منها.

وبالطبع تسرى ذات القاعدة على خلايا الجلد, فلها دورة حياة ثابتة لا يجب أن تختل.

ما يحدث فى مرض الصدفية ببساطة أن الجهاز المناعى للجسم يهاجم خلايا الجلد فيدمرها, فيؤدى ذلك إلى إستنفار الجسم لإنتاج بديل لها, فيقوم جهاز المناعة بمهاجمته وتدميره بدوره, وهكذا دواليك.

فتكون نتيجة ذلك أن تتراكم خلايا الجلد الميتة التى دمرها الجهاز المناعى على سطح الجلد على هيئة طبقات قشرية تشبه الأصداف أو قشور السمك, ولهذا عرف المرض بالصدفية حيث يبدو جلد المريض وكأنه مغطى بالأصداف البحرية.

أنواع الصدفية وأعراضها

الصدفية فى واقع الأمر ليست نوعا واحدا وإن كان مسببها واحد, ولكنها تتنوع على حسب أعراضها والمكان من الجلد الذى يستهدفه جهاز المناعة, ولهذا تنقسم إلى:

  • صدفية الطبقات: وتعد من أشهر وأشيع أنواع المرض, وهى الحالة التى يعرفها معظم الناس ويتعرفون عليها بمجرد رؤيتها على جسم المريض, وفيها يجف الجلد ويتحول إلى طبقات ميتة مثيرة للحكة بشدة,وقد تصيب أى مكان من الجسم, وفى بعض الحالات قد تصيب الجلد كاملا,وتتسبب فى تسلخ الجلد حول المفاصل, وللأسف هى من أكثر الأنواع ألما وإحراجا للمريض.
  • الصدفية البثرية: وتكون أعراضها فى صورة إحمرار وحكة فى موضع معين من الجلد, تظهر عليه بعدها بعدة ساعات فقاقيع صغيرة,ثم تجف الفقاقيع وتتغطى بقشور سميكة تشبه قشور السمك, لا تلبث تلك القشور أن تسقط ثم تعاد الكرة من جديد بعد فترة قد تطول أو تقصر.
  • الصدفية القطرية (النقطية): بفتح القاف لا بضمها , وتسميتها تلك ترجع لكونها تظهر فى صورة قطرات تشبه قطرات الماء مغطاة بقشور رقيقة, وتظهر عادة على الأطراف وفروة الرأس, وعادة يصاحب ظهورها الإصابة بحالة معدية كإلتهاب الحلق أو نشاط الميكروب السبحى, وتظل موجودة طالما ظلت العدوى موجودة, وتظهر كلما تكررت العدوى, وتصيب غالبا الأشخاص تحت سن ثلاثين عاما.
  • صدفية الثنيات الجلدية: وتصيب عادة الأشخاص ذوى الوزن الزائد, وتظهر أعراضها فى مناطق الإحتكاك وثنيات الجلد, كمناطق بين الفخذين أو ما تحت الثديين أو الإبطين, تسؤ أعراضها فى فترات الجو الحار وحين يتعرق المريض لأى سبب, وتقل ألأعراض إذا فقد المريض وزنه الزائد واختفت مناطق الإحتكاك لديه, وقد تختفى الأعراض تماما, وتكون الأعراض فى صورة إحمرار وحكة جلدية شديدة قد تؤدى بالمريض إلى خدش جلده أو جرحه, ويرجعها معظم المرضى للإلتهاب الفطرى أو البكتيرى, إلا أنها لا تستجيب لما يستعملونه عليها من المضادات الحيوية ومضادات الفطريات, ولا تستجيب إلا لمستحضرات الإستيرويد (الكورتيزون).
  • صدفيه التهاب المفاصل: وهى تصيب غضاريف المفاصل فيتسبب فى ألم واحمرار المفصل وتيبس حركته, ويؤدى ذلك إلى تشوه المفصل وفقدانه لحركته ووظيفته بمرور الوقت, كما أن هذا النوع قد يصيب أيضا ملتحمة العين ويتسبب فى التهابها, وتتفاوت أعراض هذا النوع ما بين الطفيفة والشديدة.
  • الصدفية المحمرة للجلد: وفيها يتغطى الجلد كاملا بطفح أحمر متقشر مثير للحكة وحارق, ويشعر المريض وكأنه مصاب بحرق فى الجلد يشبه حرق الماء الساخن, ويحدث هذا النوع عادة عند إصابة المريض بحروق الشمس التى تثيره وتهيجه, ويخلط بعض المرضى بينها وبين أعراض حرق الشمس نفسه, كما أن أى نوع آخر من الصدفية يمكن أن يتحول إلى ذلك النوع إذا لم تتم السيطرة عليه.
  • صدفية الأظافر: وهو نوع شائع جدا من المرض ولكن معظم مرضاه لا يعلمون أنه مرض من الأساس, يتسبب فى نمو غير طبيعى للأظافر يجعلها تتخذ شكل الحراشيف نتيجة سمكها الزائد, ويتراوح لون تلك الأظافر الحرشفية بين الرمادى والأصفر الشاحب والأسود, ثم لا تلبث أن تسقط بدون ألم ولا نزف أو يزيلها المريض بنفسه بأدوات تقليم الأظافر, ثم تتكون من جديد بنفس الشكل وهكذا, وعادة يصيب هذا النوع أظافر القدمين, إلا أنه قد يحدث فى أظفار اليدين أيضا.
  • صدفية الشعر: وهى من الأنواع الشائعة أيضا, وتتسبب فى ظهور قشور مثيرة للحكة على فروة الرأس يعتبرها الجميع نوع من قشرة الشعر ليس أكثر, ويختلط تشخيصها أحيانا عند الأطفال مع قلنسوة المهد التى تظهر لدى بعض الرضع, إلا أن صدفية الشعر يمكن أن تظهر فى أى سن وليست قاصرة على الرضع فقط كقلنسوة المهد, كما أن قلنسوة المهد تزول عند بلوغ الرضيع شهره الرابع, أما الصدفية فتستمر.

هل الصدفية معدية؟

فى حالات الصدفية الشديدة التى يلاحظها المحيطين بالمريض, يعانى المريض من ألم الصدفية بالإضافة إلى ألم ابتعاد الناس عنه, ظنا من بعضهم أن الصدفية حالة معدية قد تنتقل إليهم بالتعامل مع المريض أو الإقتراب منه.

وفى هذا الصدد يطمئن دكتور كشكول الجميع بأن الصدفية حالة مناعية تخص جسم المريض بها فقط, فليس مسببها عدوى بكتيرية مثلا أو فيروسية, ولكنها تحدث بسبب الجهاز المناعى للمريض, ولهذا فهى لا تنتقل بأى صورة من صور نقل العدوى, ويمكن للجميع التعامل مع المريض بكافة أشكال التعامل دون أدنى خوف, فالجواب ببساطة أن الصدفية ليست مرضا معديا بالمرة.

هل الصدفية وراثية؟

نعم الصدفية حالة وراثية, شأنها شأن جميع أمراض المناعة الذاتية, وليس شرطا أن يكون من يرث عنه الشخص المرض لديه نفس النوع من الصدفية, فيمكن مثلا أن ينجب مريض بالصدفية النقطية طفلا مصابا بصدفية التهاب المفاصل.

ولكن يحدث فى كثير من الحالات أن تظل حالة الصدفية كامنة لدى المريض بدون أعراض إلى أن تظهر لديه عوامل مساعدة, تعد بمثابة مثير لظهور الأعراض, كما أن هذه العوامل قد تكون أسبابا لظهور طفرة جينية تؤدى لظهور الصدفية عند من لم يرثها من عائلته.

أسباب مرض الصدفيه

  • التدخين.
  • السمنة.
  • التوتر النفسى.
  • العدوى وبخاصة عدوى الجهاز التنفسى كنشاط الميكروب السبحى والإلتهابات الرئوية المتكررة وفطريات الفم .
  • إصابات الجلد المتكررة.
  • شرب الكحوليات.
  • برودة الطقس.
  • كثرة التعرض لأشعة الشمس المباشرة فى وقت الظهيرة.
  • الإصابة بأمراض مناعة ذاتية أخرى.

هل تشفى الصدفيه؟

كما ذكرنا من خلال عرضنا لهذا الموضوع , فالصدفية حالة مناعية ذاتية , وبالتالى فهى حالة مزمنة تظل مع المريض مدى حياته.

ولكن هدف العلاجات المتبعة حيالها هو السيطرة عليها وتقليل نوبات ظهورها, وقد يؤدى العلاج إلى إختفاء أعراض المرض فتظل مختفية لسنوات فيظن المريض أنه شفى تماما, ولكن حقيقة الأمر أن نوبات المرض تباعدت ليس إلا, ولا يوجد ما يمنع عودتها فى أى وقت وبخاصة عند توافر الأسباب سابقة الذكر.

علاج الصدفية

كما فى جميع حالات المناعة الذاتية, تقوم فكرة العلاج على تثبيط جهاز المناعة بشكل يؤدى لوقف مهاجمته لخلايا الجلد, وبالتالى منع أعراض المرض.

كما يستهدف العلاج أيضا التعامل مع الأعراض نفسها بمستحضرات التقشير والترطيب المناسبة, ومضادات الهستامين لتقليل شعور المريض بالحكة التى قد تسبب تقرح الجلد.

هل يجب أن يستمر علاج الصدفيه مدى الحياة؟

فى الحالات التى تستمر فيها أعراض الصدفية بشكل دائم, بالطبع يجب أن يستمر المريض فى تعاطى العلاج, ولكن فى كثير من الحالات تزول أعراض المرض بتلقى العلاج وقد لا تعاود الظهور إلا بعد أعوام طويلة, وفى تلك الحالة لا ينصح بتعاطى العلاج إلا فى حالة ظهور أعراض المرض, حيث لن يفيد المريض من تعاطيه بلا أعراض, كما أنه سيتحمل عبء آثاره الجانبية بلا داع.

ولكن بالطبع لا ينصح دكتور كشكول المرضى بإيقاف الأدوية من تلقاء أنفسهم وبدون الرجوع إلى أطبائهم, لضمان الحصول على أفضل أثر علاجى وتقليل نوبات المرض بقدر المستطاع إن كان قد إختفى بالعلاج, فليس أقدر من الطبيب على تحديد ما إذا كانت الحالة ستعاود الظهور بمجرد إيقاف العلاج أم لا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى