الشخصية الهستيرية وكيفية التعامل معها

من الطبيعي أن يرغب الإنسان في لفت انتباه الآخرين، وأن يحاول أن يكون محور اهتمام المحيطين به خصوصَا في المناسبات الخاصة. فمثلًا في أعياد الميلاد يحرص صاحب المناسبة أن يكون محط أنظار الموجودين، ويعمل على لفت الانتباه سواء عن طريق منظره، أو حديثه، أو تصرفاته. ولكن إذا كان هذا الشعور بشكل دائم ومبالغ فيه، غالبًا ما يكون هذا الشخص لديه اضطراب في الشخصية يسمى اضطراب الشخصية الهستيرية. وهذا ما سوف نتناوله في هذا الموضوع بشكل تفصيلي.
ما هي الشخصية الهستيرية؟
اضطراب الشخصية الهستيرية هو واحد من مجموعة من الاضطرابات النفسية تسمى اضطرابات الشخصية “مجموعة ب”، ويتم تصنيف الاضطرابات في هذه الفئة بشكل عام على أنها دراماتيكية أو عاطفية أو غير منتظمة.
السمة المميزة للأشخاص المصابين بالاضطراب الهستيري هي أن لديهم رغبة ملحة للفت انتباه الآخرين، كما أنهم ينزعجون بشدة إن لم يكونوا محور انتباه الآخرين وذلك يدفعهم للتصرف بشكل دراماتيكي أو مبالغ فيه أو غير لائق للحصول على اهتمام الآخرين.
عادةً ما يتم تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية عند النساء أكثر من الرجال وقد يرجع ذلك إلى أن النساء يحكون عن معاناتهم بشكل أكبر من الرجال.
الشخصية الهستيرية الدرامية الاستعراضية الزائفة
يطلق على الشخصية الهستيرية بالشخصية الدرامية المسرحية الاستعراضية الزائفة. ويرجع ذلك لأن هذه الشخصية عادًة ما يكون كلامها بالمبالغات كأنها على مسرح. كما أنها تحب دائمًا ارتداء الألوان الصارخة والحلي المبالغ فيها كأنها تستعرض على المسرح، وهذا كله بسبب رغبتها الملحة في لفت الانتباه والحصول على اهتمام الآخرين.
أعراض الشخصية الهستيرية
عادةً ما يكون الشخص المصاب بالاضطراب الهستريوني أكثر نشاطًا ولديه الكثير من العلاقات الاجتماعية ولكنه متقلب المزاج وسرعان ما يتغير مزاجه لأسباب غير منطقية ويؤثر ذلك على علاقاته الاجتماعية والرومانسية وهذا ما قد يجعله يلجأ إلى العلاج من الاكتئاب بعد الخروج من علاقة رومانسية.
أهم ما يتصف به الأشخاص المصابون بالاضطراب الهستريوني:
- الانزعاج -بشكل غير طبيعي- من عدم اهتمام المحيطين به.
- ارتداء ملابس مستفزة أو إظهار سلوكيات غير لائقة للفت الانتباه مثل الغزل أو الإغراء.
- قد يلجأ الشخص المصاب بالتهديد أو محاولة الانتحار للحصول على اهتمام الآخرين.
- متقلب المزاج فسرعان ما يتحول مزاجه من الجيد إلى السيئ أو العكس لأسباب غير منطقية.
- التصرف بشكل دراماتيكي (تمثيلي) مبالغ فيه كما لو كان يؤدي أمام الجمهور ومع ذلك يبدو أنه يفتقر إلى الإخلاص.
- الاهتمام بشكل مفرط بشكله ومظهره.
- يكوِّن ثقته بنفسه من خلال اهتمام الآخرين به.
- شديد الحساسية للنقد والرفض.
- سريع الشعور بالملل وكثيرًا ما يبدأ المشاريع دون الانتهاء منها.
- اتخاذ قرارات سريعة ومتهورة.
- يواجه الشخص المصاب بالاضطراب الهستريوني صعوبة في الحفاظ على العلاقات وعادةً ما تبدو علاقاته مزيفة أو ضحلة.
- تبدأ أعراض الشخصية الهستريونية في الظهور في سن المراهقة.
- كثير من الناس لديهم بعض هذه الصفات، ولكنهم لا يزالون قادرين على التعامل بشكل طبيعي، وليس لديهم اضطرابات واضحة.
- اضطراب الشخصية هو نمط طويل الأمد من السلوك والتفكير والعواطف التي تسبب الضيق للشخص المصاب أو من حوله، وتجعل من الصعب على الشخص المصاب التعامل في حياته اليومية.
أسباب حدوث اضطراب الشخصية الهستيرية
اضطرابات الشخصية ليس لها سببًا محددًا وكذلك اضطراب الشخصية الهستيرية، ولكن هناك بعض العوامل التي تؤدي إلى ظهور هذا الاضطراب، مثل:
العوامل الوراثية
يميل ظهور اضطراب الشخصية الهستيرية إلى الحدوث في العائلات، لذلك يعتقد العلماء إلى وجود ارتباط بين الجينات وبين ظهور هذه الحالات.
عوامل اجتماعية
مثل التعرض للصدمة أثناء الطفولة ، قد يتعامل الأطفال مع الصدمة مثل المعاملة السيئة من الأبوين أو وفاة أحد أفراد الأسرة كأنه شخص كبير بالغ. وقد يكون هذا مدمرًا لنفسية الطفل ويؤدي إلى ظهور اضطرابات في الشخصية.
وكذلك الأساليب التربوية الخاطئة المتبعة في تربية الأطفال، فقد يتبع الأبوان أسلوبًا تربويًا يفتقر إلى المساحات بين الأشخاص مما يؤدي إلى ظهور علامات اضطرابات الشخصية.
كما أثبت العلماء والباحثون أن المشاكل الأسرية بين الأبوين تساعد على ظهور اضطرابات نفسية عند الأطفال مثل اضطراب الشخصية الهستيرية.
تشخيص اضطراب الشخصية الهستيرية
من الطبيعي حدوث بعض الاضطرابات الشخصية خلال جميع مراحل النمو لدى الأطفال لذلك لا يتم تشخيص الاضطرابات في الشخصية قبل عمر 18 سنة.
معظم الأشخاص الذين يعانون من علامات اضطرابات الشخصية لا يعتقدون أن هناك مشكلة في تصرفاتهم وسلوكهم. وذلك يجعل تشخيص هذه الحالات صعبًا على أخصائي الصحة النفسية.
ويلجأ هؤلاء الأشخاص لطلب المساعدة والعلاج بسبب دخولهم في حالات اكتئاب بسبب فشل العلاقات الاجتماعية والعاطفية، وليس بسبب اضطراب الشخصية نفسه.
عندما يشتبه أخصائي الصحة النفسية والعقلية في وجود علامات اضطراب الشخصية، فإنه غالبًا ما يطرح أسئلة عامة واسعة النطاق لا تخلق عداوة بينه وبين المريض. وعادةً ما يتعمد إلقاء الضوء على:
- التاريخ الماضي.
- العلاقات.
- تاريخ العمل السابق.
- اختبار الواقع.
- التحكم في الاندفاع.
قد يفتقر الشخص المشتبه بإصابته باضطراب الشخصية الهستيرية إلى الوعي بسلوكياته فقد يطلب أخصائي الصحة النفسية والعقلية جمع هذه المعلومات من أهل المريض والمحيطين به.
يعتمد التشخيص على ملاحظة سلوكيات الشخص المشتبه بإصابته باضطراب الشخصية الهستيرية. ويتم التشخيص عندما يتوفر خمسة أو أكثر من هذه الصفات:
- الانزعاج بشدة عندما لا يكون محور انتباه الآخرين.
- سلوك مغر أو استفزازي.
- المشاعر المتغيرة والضحلة.
- يستخدم المظهر للفت الانتباه.
- خطاب انطباعي وغامض.
- مشاعر درامية أو مبالغ فيها.
- يمكن اقتراحه (يسهل التأثير عليه من قبل الآخرين).
- يعتبر العلاقات أكثر حميمية وأعمق مما هي عليه.
كيفية علاج الشخصية الهستيرية
في معظم الحالات لا يعترف الأشخاص المصابة باضطراب الشخصية الهستيرية بأن تصرفاتهم غريبة. بالعكس يبالغون في تصرفاتهم ومشاعرهم كنوع من كراهية الروتين. مما يجعل خطة العلاج ليست سهلة.
العلاج النفسي
يعتبر العلاج النفسي هو الأفضل في علاج حالات اضطراب الشخصية وخاصًة اضطراب الشخصية الهستيرية.
الهدف من العلاج هو مساعدة الشخص على التعرف على الأسباب والدوافع المرتبطة بسلوكه وتصرفاته. ومساعدته على تعلم طرق التعامل مع الّاخرين بشكل أكثر إيجابية.
أنواع العلاج النفسي
العلاج الجماعي
في هذا النوع من العلاج يجتمع مجموعة من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الشخصية الهستيرية أو غيرها من اضطرابات الشخصية لوصف ومناقشة مشاكلهم تحت إشراف الطبيب النفسي.
العلاج النفسي الديناميكي
يركز هذا النوع من العلاج على الجذور النفسية للمعاناه العاطفية، من خلال التأمل الذاتي والفحص الذاتي حيث ينظر الشخص الذي يخضع للعلاج في سلوكياته وطريقة تعامله في العلاقات الاجتماعية والعاطفية في حياته.
العلاج النفسي الداعم
يهدف هذا النوع من العلاج إلى تحسين الأعراض والحفاظ على احترام الذات ومهارات التأقلم واستعادتها وتطويرها، يتضمن العلاج النفسي الداعم فحص العلاقات وأنماط الاستجابة السلوكية والعاطفية.
العلاج السلوكي المعرفي
العلاج المعرفي السلوكي هو علاج محدد وموجه نحو الهدف من العلاج. حيث أن الطبيب النفسي يساعد المريض على إلقاء نظرة فاحصة على أفكاره وعواطفه وتفهم كيف تؤثر أفكاره على أفعاله. فمن خلال العلاج السلوكي المعرفي يتمكن الشخص المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية أو غيرها من اضطرابات الشخصية من التخلص من الأفكار السلبية.
مضاعفات الشخصية الهستيرية
بعض الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الهستيرية يستطيعون التعايش في الحياة العملية بشكل طبيعي، ولكن الكثير منهم يواجه الكثير من المشكلات في العلاقات العاطفية والاجتماعية والتعايش في المجتمع بشكل عام. وذلك يجعلهم أكثر عرضة لتطور حالتهم النفسية وحدوث مضاعفات مثل
- الاكتئاب: يعد الاكتئاب من أهم تطورات الاضطرابات الشخصية. فإن لم يتم التعامل بشكل صحيح مع الحالات والتدخل السريع للعلاج النفسي، تزداد فرص الدخول في حالات الاكتئاب وقد يصل إلى محاولة الانتحار.
- الإدمان: قد يلجأ الشخص المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية إلى تعاطي المخدرات والإدمان اعتقادًا منه أن هذه الأشياء سوف تعوض له إهمال المحيطين به.
الشخصية الهستيرية والزواج
يعتبر الاضطراب الهستيري من أقوى الاضطرابات النفسية التي تؤثر على العلاقات الاجتماعية بشكل عام ،ومن بينها العلاقة الزوجية.
الشخصية الهستيرية شخصية سطحية جدًا، واهتمامها الأساسي دائمًا يكون بنفسها و مظهرها، فهي شخصية غير قادرة على الاهتمام بمن حولها سواء كان زوجًا أو أولاد بل تريد منهم الاهتمام بها. لذلك عادًة ما تفشل العلاقة الزوجية عندما يكون أحد الطرفين لديه اضطراب الشخصية الهستيرية.
الشخصية الهستيرية والجنس
على الرغم من أن النساء المصابات بالاضطراب الهستيري يمتلكن قدر عالي من الجمال ولكن ليس لديهم اهتمام بممارسة العلاقة الحميمية، فبعض الشخصيات الهستيرية لديها ملل جنسي واضطرابات بالرغبة الجنسية، وعدم رضا عن العلاقة الزوجية بشكل عام.
الشخصية الهستيرية والحب
يتميز الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الهستيرية بالاضطراب العاطفي و المزاجية الشديدة في التعاملات اليومية. فالأشخاص المصابون بالهستيريا عادة ما يبالغون في إظهار مشاعرهم وعواطفهم للآخرين، ويطالبون الطرف الآخر بمبادلتهم نفس مشاعر الحب وكلام الغزل المبالغ فيه. وفي نفس الوقت فهم شخصيات متقلبة المزاج وسرعان ما يتقلب مزاجهم من الجيد إلى السئ، لهذه الأسباب فهم كثيري الفشل في العلاقات العاطفية.
كيفية التعامل مع الشخصية الهستيرية
يحتاج المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية إلى تعامل من نوع خاص، فعلى المحيطين به الحرص الشديد أثناء التعامل معه ومعرفة كيفية التعامل حتى لا يكونوا سببًا في تدهور حالته.
1. إظهار الاهتمام به
يحب الشخص المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية الشعور باهتمام الآخرين به بشكل دائم، وعدم تجاهلهم خصوصًا عند الوقوع في مشكلة فعلى المقربين منهم إبداء الاهتمام بهم والتعاطف معهم.
2. عدم النقد
فعلى المحيطين بالشخص المصاب باضطراب الشخصية الهستيرية ذكر إيجابيات هذا الشخص والتحدث عن مميزاته دائمًا وعدم التطرق في الحديث عن سلبياتهم وعيوبهم.
3. التقرب منهم وتقوية العلاقات معهم
أصحاب الشخصية الهستيرية يميلون إلى الشعور بمحبة من حولهم، لذلك على المحيطين بهم وضعهم دائمًا في دائرة الاهتمام.
الأسئلة الشائعة
عادًة ما تفشل الشخصيات الهستيرية في العلاقات العاطفية، ويرجع ذلك إلى أنها شخصية مزاجية، لا تهتم بالطرف الآخر في العلاقة العاطفية وتطلب منه دائمًا الاهتمام بها والمبالغة في مغازلتها ومدحها.
يعد الاضطراب الهستيري من أصعب الاضطرابات النفسية التي تحدث للإنسان، فإن لم يتم التعامل معها بشكل سليم ممن حولها وتدخل الطبيب النفسي بالعلاج فقد تتطور وتدخل في حالة اكتئاب وتؤدي إلى محاولة الانتحار.