الشخصية الانعزالية | أسبابها وأعراضها وكيفية علاجها

تعد الشخصية الانعزالية نوع من الشخصيات التي يتسم أفرادها بالعزلة، والخجل، وتجنب الأنشطة الاجتماعية. ويمثل ذلك اضطرابًا نفسيًا يعرف باضطراب الشخصية الانعزالية أو اضطراب الشخصية شبه الفصامية (Schizoid personality disorder).

 فما هو ذلك الاضطراب؟ وما هي أعراضه؟ وكيف يمكن علاجه؟ هذا ما سنطرحه في المقال التالي.

ما هو اضطراب الشخصية الانعزالية؟

اضطراب الشخصية الانعزالية هو من المشكلات النفسية النادرة نسبيًا، والتي تصيب الفرد نتيجةً لتعرضه لبعض العوامل أثناء مرحلة الطفولة، والتي تسبب خللًا في التعامل والتفكير؛ مما يؤثر سلبًا على علاقاته الاجتماعية، وبالتالي التأثير على نوعية وجودة الحياة.

أسباب اضطراب الشخصية الانعزالية

أسباب اضطراب الشخصية الانعزالية غير معروفة. ويعتقد أن العوامل الوراثية والبيئية تلعب دورًا في ظهور هذا الاضطراب.

العوامل الوراثية:

قد تلعب الجينات دورًا في تطور اضطراب الشخصية شبه الفصامية ويظهر ذلك في الآتي:

  • ميل أحد الوالدين إلى الانطواء والانعزال عن المجتمع.
  • انتماء الأشخاص المعرضين لهذا الاضطراب لعائلات مصابة بأمراض من طيف الفصام.

العوامل البيئية:

  • يعتقد أن غياب الدفء والعاطفة في تربية الأطفال يؤدي إلى تطور اضطراب الشخصية الانعزالية.
  • استخدام أسلوب الشدة والعنف في التربية يفقد الطفل سمات التكامل النفسي فيلجأ إلى الانطواء والانسحاب من المشاركة في النشاطات الاجتماعية.
  • المناخ النفسي المحيط بالطفل من أهم أسباب الاستقرار النفسي له. فالعيش في بيئة يسودها الحب والتفاهم والاهتمام وعدم وضع الطفل محل الاتهام، يكسبه الصلابة النفسية والثقة بالنفس.

أعراض اضطراب الشخصية الانعزالية

قد يعاني الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الانعزالية من بعض الأعراض منها:

  • انعدام الرغبة في تكوين علاقات شخصية وثيقة مع الآخرين.
  • تجنب الأنشطة الاجتماعية التي تتطلب تفاعل مع الآخرين.
  • الميل إلى العزلة والانطواء.
  • الشعور بالخجل والارتباك عند التحدث مع أشخاص جدد.
  • عدم المبالاة بالنقد أو الرفض.
  • صعوبة في التعبير عن المشاعر.
  • ضعف الثقة بالنفس.
  • البرود العاطفي تجاه الآخرين.
  • القليل من الدوافع والأهداف.

عادةً ما يبدأ اضطراب الشخصية شبه الفصامية في مرحلة متأخرة من البلوغ، ولكن من الممكن ملاحظة بعض الأعراض أثناء مرحلة الطفولة. وقد تؤدي تلك الأعراض لتأخر الأداء الدراسي، والتأثير على مجالات الحياة المختلفة.

مضاعفات اضطراب الشخصية الانعزالية

قد يكون الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب عرضةً للآتي:

  • اضطراب الشخصية الفصامية، أو الفصام، أو اضطرابات التوهم.
  • اضطرابات القلق.
  • الاكتئاب الحاد.
  •  اضطرابات شخصية أخرى.

تشخيص اضطراب الشخصية الانعزالية

في حالة ظهور أعراض اضطراب الشخصية شبه الفصامية، يقوم الطبيب بعمل فحص بدني شامل لاستبعاد وجود أية أمراض قد تكون أدت إلى ظهور تلك الأعراض.

ويعتمد تقييم الطبيب النفسي على ما يلي:

  • إجراء تاريخ طبي شامل.
  • مناقشة شاملة للأعراض.
  • تشخيص الاضطراب النفسي وفقًا للمعايير الواردة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية -الإصدار الخامس (DSM)- الذي أصدرته الجمعية الأمريكية للطب النفسي.

علاج اضطراب الشخصية الانعزالية

نادرًا ما يسعى الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى العلاج، مما يجعل العلاج أمرًا صعبًا، وذلك لاعتيادهم الانعزال عن المجتمع، أو أن سلوكهم وأفكارهم لا تسبب لهم الضيق، أو أنهم لا يثقون في قدرتهم على تغيير نمط حياتهم الذي يتسم بالعزلة.

وتتضمن خيارات العلاج ما يلي:

  • العلاج المعرفي السلوكي (Congnitive behaviorl therapy)

يركز هذا النوع من العلاج على تحسين التفاعل الاجتماعي من خلال تعلم كيفية تغيير الأفكار والسلوكيات في المواقف الاجتماعية؛ مما يؤدي إلى إكساب المريض مهارات تساعده على التخلص من الرهاب الاجتماعي، وتوفر له الدعم النفسي الذي يساعده على زيادة ثقته بنفسه.

  • العلاج الجماعي (Group therapy)

يساعد العلاج الجماعي على ممارسة المهارات الاجتماعية، من خلال تواجد الفرد ضمن فريق، مما يساعد على زيادة التفاعل الاجتماعي وتطوير مهارات التواصل مع الآخرين.

  • العلاج الدوائي (Medication therapy)

لا توجد أدوية معتمدة لعلاج اضطراب الشخصية شبه الفصامية، ولكن يمكن استخدام أدوية لعلاج مشكلات نفسية أخرى قد تحدث نتيجةً لهذا الاضطراب، مثل القلق والاكتئاب.

تأثير اضطراب الشخصية الانعزالية على الفرد

  • يواجه الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية الانعزالية صعوبة في التواصل مع الآخرين؛ مما يؤثر على المستوى التعليمي والدراسي، وعلى الأداء الوظيفي لهم.
  • كثير من الأشخاص المصابين بهذا الاضطراب لديهم القدرة على شغل وظائف، والعيش حياة طبيعية إلى حدٍ ما.

 ولكنهم يفضلون الوظائف التي تتطلب العمل بشكل منفرد بعيدًا عن الوظائف الجماعية التي تتطلب العمل ضمن فريق.

نصائح للأشخاص المصابين باضطراب الشخصية الانعزالية

  • إذا كنت مصابًا بهذا الاضطراب، فحاول أن تطلب المساعدة أو الدعم من المحيطين بك.
  • عليك ممارسة هواياتك من خلال الانضمام إلى مجموعة أو فريق له نفس الهوايات والاهتمامات.
  • لا ترهق نفسك بالبحث عن علاقات اجتماعية كثيرة. يكفيك عدد قليل من الأشخاص أو الأصدقاء المقربين، تشعر معهم بالارتياح وعدم التوتر.
  • إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا بهذا الاضطراب، فعلينا التحلي بالصبر، وتجنب الدفع به في علاقات اجتماعية تشعره بعدم الارتياح أو بالضغط.

أسئلة المرضي الشائعة

ما الفرق بين اضطراب الشخصية الانعزالية شبه الفصامية والفصام؟

اضطراب الشخصية شبه الفصامية هو نمط من السلوك يستمر مدى الحياة، ويتسم بالانعزال وانعدام الاهتمام بالعلاقات الاجتماعية، ولا تنتج عنه معاناة شديدة للفرد.

أما الفصام أو انفصام الشخصية (Schizophrenia)، فهو اضطراب نفسي شديد يتسم بسلوك اجتماعي غير طبيعي، وعدم القدرة على تمييز الواقع. يبدأ في مرحلة البلوغ المبكرة ويستمر لفترة طويلة. وتتضمن أعراضه تشوش الأفكار، والأوهام، وهلاوس سمعية وبصرية، واضطراب بالغ في السلوك والأفكار، والانسحاب الاجتماعي وغيرها من الأعراض الشديدة التي تعرقل أداء الوظائف اليومية.

هل الشخص الانعزالي عدواني؟

على العكس، فإن الشخص الانعزالي نادرًا ما يظهر مشاعره في المواقف الاجتماعية، ويجد صعوبة في التعبير عن مشاعره، خاصةً مشاعر الغضب. فهو لا يتفاعل بشكل مناسب مع أحداث الحياة الطبيعية، لذا فهو شخص مسالم يوصف عادةً باللامبالاة.

هل يشعر الشخص الانعزالي بالوحدة؟

لا، بل يشعر الشخص الانعزالي بتحسن عندما يكون بمفرده أو عند التعامل مع الآخرين بطريقة غير مباشرة. ولكن قد يساعد العلاج على تعلم كيفية تكوين علاقات وثيقة أكثر إرضاءً من أجل تحسين جودة الحياة.

هل من فوائد للعزلة الاجتماعية؟

نعم، حيث أثبتت دراسات جديدة أن هناك جوانب إيجابية للعزلة الاجتماعية منها:

  • تعزيز الإبداع: حيث تتيح العزلة التفكر وإمعان النظر الضروريان للعملية الإبداعية.
  • التركيز وزيادة الإنتاج: إحدى فوائد العزلة الاجتماعية هي حالة الراحة الدماغية وعدم الشرود الذهني؛ والذي يؤدي إلى زيادة التركيز، وبالتالي زيادة الإنتاج.
  • السلام النفسي: حيث تتيح العزلة الاسترخاء، وإدراك الذات، والتأمل؛ مما يؤدي إلى تعزيز الصحة النفسية للفرد.

وأخيرًا، فإن صحة الفرد النفسية شأنها كشأن صحته الجسدية، فهي تضمن له الاستمتاع بحياة عملية وعلاقات اجتماعية سويَّة. فلا بد من المحافظة على التوازن النفسي من خلال إتقان التعامل مع ضغوطات ومشكلات الحياة اليومية، والتكيف معها بشكل جيد؛ كي لا تتحول هذه المشكلات إلى أمراض نفسية خطيرة تؤثر على جودة الحياة التي نطمح إليها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى