السُل | من حقبة الوباء إلى مرض له دواء

السُل أو الدرن كما يُطلق عليه أحيانًا، هو عدوى تحدث نتيجة تعرض الشخص لنوع معين من البكتيريا. بعض الدراسات تناقش ظهور هذا المرض منذ آلاف السنين على سواحل البحر المتوسط، وفي دولتي الهند والصين، ولكن قام العالم روبرت كوخ (Robert koch) بوصف البكتيريا المسببة له لأول مرة في عام 1882 ميلادي، وفي بداية ظهوره كان يمثل هذا المرض وباءًا، حيث تسبب في وفاة شخص من بين كل سبعة أشخاص أوروبيين في هذا الوقت، ولكن لحسن الحظ بعد مرور قرن أو أكثر بدأ اكتشاف سبل لعلاجه والوقاية منه مما قلل من معدلات الوفاة بشدة، ونتعرف في هذا المقال على ما هي عدوى السُل؟ ما أعراضه؟ كيف يمكن الإصابة به؟ ما هي طرق العلاج؟ وما مضاعفاته؟ كل هذا وأكثر نتعرف عليه الآن، تابع معنا.

ما هو السل؟

السل أو ما يعرف بالإنجليزية باسم (Tuberculosis) واختصاره (TB) هي عدوى بكتيرية تنتج عن دخول بكتيريا تسمى مايكوباكتيريم تيوبيركيلوزيس (Mycobacterium Tuberculosis) إلى جسم الإنسان.

ما هي أسباب الإصابة بالسل؟

السل يصيب بشكل أساسي الرئتين، وتنتقل العدوى عن طريق التعامل المباشر بين شخصين، وانتقال رذاذ الأنف، أو الفم المحتوي على البكتيريا من شخص مصاب سواء ظهر عليه أعراض المرض، أو كان في فترة الاحتضان حيث وجود البكتيريا داخل الجسم بدون ظهور أعراض المرض، ولكن بعض الأشخاص يكونون أكثر عرضة من غيرهم للإصابة بالعدوى.

من هم الأشخاص الأكثر عرضةً للإصابة بالسل؟

يمكن لأي فرد الإصابة بالعدوى، ولكن وجود بعض الأمراض قد يزيد من فرص حدوث الإصابة، وتلك الأمراض، مثل:

  • فيروس نقص المناعة المكتسبة أو الإيدز.
  • مرض السكري.
  • أمراض الكُلى.
  • بعض انواع السرطان.
  • العلاج الكيماوي.
  • أدوية علاج التهاب المفاصل الروماتويدي.
  • سوء التغذية.
  • السفر لأماكن ذات معدلات المرتفعة من العدوى.
  • تعاطي المخدرات.
  • الإفراط في استخدام الكحوليات.
  • التدخين.
  • العمل في المستشفيات، وأماكن توفير علاج العدوى.
  • التواجد في الأماكن المزدحمة.

أعراض السل

في بعض الأحيان قد تتواجد البكتيريا داخل الجسم، لكن يهاجمها الجهاز المناعي للفرد مما يمنع ظهور الأعراض، فتوصل الأطباء إلى أن عدم ظهور الأعراض لا يستبعد الإصابة بالفيروس، ولذلك تم تقسيم العدوى إلى عدوى نشطة، وعدوى كامنة.

العدوى الكامنة

العدوى الكامنة أو الغير نشطة أو ما تعرف بالإنجليزية باسم (Latent Infection)، والتي لا يصاحبها أعراض نتيجة نشاط الجهاز المناعي ومقاومته للبكتيريا، وفي تلك الفترة لا يمثل الفرد خطرًا على الآخرين حيث لا يمكن للعدوى الانتشار في هذه الفترة، لكنها تبقى داخل الجسم في انتظار إتاحة الفرصة للنشاط، ولذلك لا بد من تلقي العلاج في هذه المرحلة.

العدوى النشطة

العدوى النشطة أو ما تعرف بالإنجليزية باسم (Active Infection)، هي العدوى المصاحب لها ظهور الأعراض، وغالبًا ما يمثل الفرد وسيلة لنشر العدوى في هذه المرحلة، ويعاني الفرد من أعراض، مثل: 

  • المعاناة من السعال لمدة ٣ أسابيع أو أكثر.
  • خروج المخاط أو الدم أثناء السعال.
  • فقد الوزن.
  • ارتفاع درجة الحرارة.
  • التعرق الليلي.
  • آلام في الصدر مصاحبة للتنفس أو السعال.
  • فقدان الشهية.
  • الشعور بالإرهاق.

وقد تصيب العدوى أعضاء أخرى غير الجهاز التنفسي مثل: الكلى، والعمود الفقري مسببة أعراض مثل: آلام الظهر، وظهور دم في البول.

كيف يتم تشخيص السل؟

قد تكون الأعراض مؤشر لإثارة شكوك الطبيب في وجود العدوى، ومنها يبدأ الطبيب بالفحص الإكلينيكي للغدد الليمفاوية للفرد للكشف عن وجود تورم، أو سماع الطبيب لصدر المريض عن طريق السماعة الطبية، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها في التشخيص، ولذلك يلجأ الطبيب للفحوصات المعملية لتأكيد التشخيص.

  • اختبار الجلد

اختبار الجلد أو ما يعرف باسم (Skin Test)، ويرجع إسمه إلى طريقة أداء الاختبار حيث يتم حقن مادة تسمى تيوبركلين (Tuberculin) تحت الجلد في منطقة الساعد والانتظار لمدة من 48 ساعة إلى 72 ساعة، ثم يفحص الطبيب المنطقة التي تم حقنها للبحث عن وجود تورم، وفي حالة وجود تورم غالبًا ما يكون المريض مصابًا بالعدوى، لكن قد تظهر النتائج سلبية في حين وجود العدوى أو إيجابية في حين عدم وجودها، أو إذا كان المريض قد تلقى اللقاح الخاص بالسل لكنه لم يصاب بالعدوى.

  • اختبار الدم

قد تستخدم اختبارات الدم في تأكيد التشخيص، كما أنها يمكن استخدامها في حالة وجود أعراض المرض لكن جاءت نتيجة اختبار الجلد سلبية أو إذا كان المريض قد تلقى اللقاح مؤخرًا.

  • الأشعة

قد يطلب الطبيب أشعة سينية (X-rays) أو أشعة مقطعية (CT scan) على الصدر في حالة إيجابية اختبار الجلد لفحص الرئتين، وقد تظهر بقع بيضاء ترمز البكتيريا محاطة بالخلايا المناعية، لكن عدم وجود تلك البقع لا يستبعد وجود العدوى.

  • اختبارات البلغم

يمكن للطبيب طلب عينة من البلغم الخاص بالمريض لفحصها للبحث عن وجود البكتيريا، كما يمكن استخدامها لإجراء اختبار حساسية للبكتيريا المقاومة للعلاج التقليدي، لتحديد علاج أفضل يمكنه القضاء على البكتيريا، لكن هذا الاختبار يحتاج إلى مدة طويلة تتراوح ما بين 4 أسابيع إلى 8 أسابيع لظهور النتائج.

علاج السل

لحسن الحظ بعد بدء حقبة المضادات الحيوية تمت السيطرة على وباء السل، ولكن لم يتم القضاء عليه تمامًا حيث يتواجد الدرن فى بعض الدول حتى الآن، وبنسب مرتفعة، في حالة تأكد الطبيب من إصابتك بالدرن غالبًا ما يصف الطبيب مجموعة من المضادات الحيوية لمدة تتراوح ما بين 6 شهور إلى 9 شهور، وقد تتغير المدة وفقًا لحالة المريض ومكان العدوى وسن المريض، المضادات الحيوية المستخدمة غالبًا ما تكون:

  • ايزونيازيد (Isoniazid).
  • ريفامبيسين (Rifampicin).
  • إيثامبيوتول (Ethambutol).
  • بيرازيناميد (Pyrazinamide).

في حالة عدم قدرة المضادات الحيوية السابق ذكرها في القضاء على العدوى يتم استخدام مجموعة أخرى من المضادات الحيوية تعرف باسم الفلوروكينولون (Fluoroquinolone)، وحقن مثل: الأميكاسين (Amikacin)، وكابريوميسين (Capreomycin)، ويمكن إضافة لينوزوليد (linezolid)، وفي حالات البكتيريا المقاومة للعلاج التقليدي تزداد مدة العلاج إلى 20 شهرًا إلى 30 شهرًا.

مضاعفات السل

لا ينصح بالتهاون في التعامل مع عدوى السل حيث أنه إذا أهمل المريض العلاج قد يؤدي ذلك إلى الوفاة، أو إلى مضاعفات أخرى قد يكون من الصعب التخلص منها حتى بعض التخلص من العدوى، تلك المضاعفات مثل:

  • آلام الظهر.
  • التهاب المفاصل خاصة مفصلي الفخذ والركبة.
  • الالتهاب السحائي (التهاب أغشية الدماغ).
  • يؤثر على وظائف الكلى والكبد.
  • يسبب في حالات نادرة التهاب في الغشاء المحيط بالقلب(التهاب التامور) مما قد يؤثر على وظيفته في ضخ الدم.

كيف يمكن الوقاية من السل؟

الوقاية خير من العلاج، لذلك ينصح دائما باتباع بعض النصائح في حالة الإصابة، أو عدم الإصابة بالعدوى لحماية نفسك والآخرين، تلك النصائح مثل:

  • في حالة عدم إصابتك بالعدوى يفضل تلقي اللقاح الخاص بالسل (BCG vaccination).
  • عند التعامل مع أفراد لديهم أعراض المرض يفضل الابتعاد بمسافة جيدة عند التحدث معهم، وتجنب التلامس مع الأشياء الخاصة بهم.
  • في حالة إصابتك بالعدوى ينصح باستخدام الأدوية بانتظام وفقًا لوصفة الطبيب، والمداومة على زيارات الطبيب.
  • يفضل تجنب زيارة الآخرين أو دعوتهم إلى منزلك.
  • يفضل عدم الذهاب إلى العمل أو المدرسة حتى انتهاء فترة العدوى.
  • تغطية الأنف والفم أثناء العطس وغسل اليدين باستمرار.
  • تجنب ركوب المواصلات العامة، أو التواجد في الأماكن المزدحمة.

الأسئلة الشائعة

في هذه الفقرة نجيب عن أكثر الأسئلة الشائعة فيما يخص السل.

هل يظل المريض مصدرًا للعدوى طوال فترة تواجد البكتيريا داخل جسمه؟

يظل المريض لمدة أسبوعين إلى 3 أسابيع من التشخيص مصدرًا للعدوى، لكن قد يكون من الصعب نقل العدوى بعد ذلك خلال الفترة المتبقية من العلاج، لكن يفضل اتباع نصائح الوقاية.

ما هي أكثر الدول إصابة بالسل؟

يجب الحذر عند السفر لبعض الدول ذات النسب المرتفعة من العدوى حيث ينصح بتلقي اللقاح كاملًا قبل السفر، واتباع نصائح الوقاية، تلك الدول مثل:

  • دول شرق، وغرب، وجنوب أفريقيا.
  • الهند.
  • الصين.
  • باكستان.
  • اندونيسيا.
  • بنغلاديش.
  • روسيا.
  • دول أمريكا اللاتينية.
  • الفلبين.
  • كمبوديا.
  • ڤيتنام.

ما هي معدلات السل في مصر؟

انخفضت معدلات السل في مصر بنسبة كبيرة بفضل الاعتماد على اللقاح بشكل أساسي وإلزامي، حيث يدرج ذلك اللقاح إلى جانب لقاحات أخرى يتلقاها الطفل، ولكن هذا لا يمنع وجود بعض حالات السل في مصر لكنها منخفضة جدًا، وغالبًا ما يكون مصدرها العائدين من الدول ذات المعدلات المرتفعة، أو السياح من تلك الدول.

ختامًا قد يظهر السل من وجهة نظر البعض على أنه نهاية العالم والإصابة به تعني الموت الحتمي، أو يظهر على أنه عدوى سهلة يمكن التخلص منها، لكن في الحقيقة وجهتي النظر غير صحيحتين، حيث أنه يمكن للفرد الشفاء من العدوى باتباع وصفة الطبيب والالتزام بالتعليمات، كما يمكن للفرد الموت من المرض نفسه، أو المضاعفات في حالة عدم تلقي المريض العلاج، لذلك ينصح بعدم التهاون في التعامل مع العدوى، واستشارة الطبيب في حالة الشكوى من أعراضه.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى