السائل الدماغي الشوكي .. ما أهميته؟
السائل الدماغي الشوكي اسم قد يبدو مفزعًا قليلًا، ولكننا سنتعرف عليه تفيصيليًا اليوم، لطالما كان الجسم البشري لغزًا كبيرًا يحير العلماء، ويثير إعجابهم، وهذا ما كان يثير الدافع داخلهم لدراسته، والتعرف عليه أكثر، ويعتقد بعض الناس أن الدم هو السائل الوحيد الذي يجري في أجسادنا، لكن في الحقيقة إلى جانب الدم يوجد سائل آخر يسمى السائل الدماغي الشوكي، مما يتكون السائل الدماغي الشوكي؟ السائل الدماغي الشوكي أين يقع؟ هل يمكن سحب عينة منه؟ كل هذا وأكثر تناقشه في هذا المقال، تابع معنا.
السائل الدماغي الشوكي
هو سائل شفاف صافي يحيط المخ والحبل الشوكي، يتكون بشكل أساسي عن طريق الضفيرة المشيمية الموجودة داخل البطين الجانبي، والبطين الثالث، والبطين الرابع داخل المخ، ثم يمر خلال التجويفات الموجودة حول المخ، والحبل الشوكي ليحيط بهما، لذلك يمكن تسميته مجازًا باسم السائل الدماغي الشوكي الداخلي، كمية السائل الدماغي هي 150 مليلترًا يتواجد 25 مليلترًا منهم في البطينات بينما يتواجد الباقي في الفراغ تحت العنكبوتي المحيط بالمخ.
يحتوي هذا السائل على البروتين بكمية أقل من 45 مليجرامًا لكل ديستلتر، والجلوكوز بنسبة أكبر من 60 بالمئة من الجلوكوز الموجود في الدم، خلال دوران السائل الدماغي في ممرات حول المخ والحبل الشوكي، يتم امتصاصه بالأوعية الدموية الموجودة على سطح خلايا المخ ثم إنتاجه مرة أخرى بمعدل ثابت حيث تظل كميته ثابتة، وعند حدوث خلل في عملية الامتصاص أو الإنتاج يصاب الشخص بالاستسقاء الدماغي.
وظيفة السائل الدماغي الشوكي
يوفر السائل الدماغي أهمية كبيرة جدًا للمخ والحبل الشوكي تتمثل في:
- وسادة مضادة للصدمات تحمي المخ والحبل الشوكي من الإصابة.
- يعمل على نقل المغذيات، والتخلص من المواد الضارة.
- يحافظ على توازن السائل الخلالي الموجود في أنسجة المخ، وتنظيم وظيفة الخلايا العصبية.
- يمكن استخدامه للتشخيص في حالة وجود أعراض، مثل: ارتفاع درجة الحرارة، وتصلب الرقبة، والعطس.
أمراض السائل الدماغي الشوكي
كحال باقي أعضاء الجسم الخلل في أداء الوظيفة يؤدي إلى الإصابة بالأمراض، سنتعرف الآن على بعض الأمراض الناتجة عن خلل في السائل الدماغي.
الاستسقاء الدماغي
الاستسقاء الدماغي أو ما يعرف باسم (Hydrocephalus) هو عبارة عن زيادة كمية السائل الدماغي وذلك قد ينتج عن إحدى المشاكل الآتية:
- حدوث انسداد في الممرات التي تربط البطينات ببعضها أو البطينات بالفراغ تحت العنقودي المحيط بالمخ مما يؤدي إلى تراكم السائل في تلك الممرات.
- عدم امتصاص أنسجة المخ للسائل مما يحدث خلل في التوازن ما بين الإنتاج والامتصاص.
- زيادة إنتاج السائل الدماغي من الضفيرة المشيمية.
أكثر الأسباب شيوعًا هو حدوث انسداد في الممرات وأقلهم شيوعًا هو زيادة الإنتاج، قد تصاب أي فئة عمرية بهذا المرض، ولكنه أكثر شيوعًا بين حديثي الولادة والكبار فوق 60 عامًا، يوجد 3 أنواع من الاستسقاء الدماغي وهم:
- استسقاء الرأس الخلقي، ويولد به الطفل.
- مواه الرأس المكتسب، ويصاب به الشخص في أي فترة بعد الولادة.
- استسقاء الرأس ذو الضغط الطبيعي، يصاب به غالبًا كبار السن.
أعراض استسقاء الرأس عند حديثي الولادة
تختلف الأعراض باختلاف سن الشخص عند حدوث الاستسقاء، حيث إنه إذا حدث لطفل حديث الولادة تحدث أعراض، مثل:
- ظهور الطفل برأس كبيرة جدًا، ويزداد حجمها باستمرار.
- وجود بروز في الفتحات الموجودة في رأس الطفل.
- الغثيان.
- القيء.
- الإرهاق الشديد.
- التشنجات.
- عدم قدرة الطفل على النظر لأعلى.
أعراض استسقاء الرأس عند الأطفال
أما الأطفال الأكبر في السن قليلًا تظهر أعراض، مثل:
- كبر حجم الرأس.
- الصداع.
- تشوش الرؤية.
- القيء أو الغثيان.
- الإرهاق.
- مشاكل في التعلم.
- العصبية.
أعراض استسقاء الرأس عند الكبار
بالنسبة للكبار وكبار السن تظهر أعراض، مثل:
- الصداع.
- التبول اللاإرادي.
- فقدان الذاكرة.
- صعوبة في المشي والحفاظ على التوازن.
- مشاكل في الرؤية.
العلاج الوحيد للاستسقاء الدماغي هو الجراحة حيث يدخل الطبيب أنبوبة بحيث تفتح من اتجاه مكان السائل المتراكم، والطرف الآخر في إحدى البطينات وهذا هو الحل الأفضل، والأكثر استخدامًا، لكن يمكن توصيل تلك الأنبوبة بالبطن حيث تفتح في الغشاء البريتوني، ويمكن أيضًا توصيلها بالأذين الأيمن في القلب.
تسرب السائل الدماغي الشوكي
تسرب السائل الدماغي الشوكي يسمى باسم (Cerebrospinal Fluid Leak)، ويحدث نتيجة وجود فتحة في الغلاف الخارجي المحيط بالسائل ويسمى بالأم الجافية، يوجد نوعين من تسرب السائل، ويختلفان في السبب والأعراض والعلاج.
تسرب السائل الدماغي الشوكي من النخاع الشوكي
يحدث نتيجة الحالات الآتية:
- البزل القطني.
- حقن الإبيدورال المخدرة، والتي تستخدم أثناء الولادة.
- إصابة في الظهر أو الرأس.
- وجود روابط بين قنوات السائل الدماغي والأوردة.
أعراض التسرب من النخاع الشوكي
- الصداع.
- ألم في الرأس يزداد بالوقوف ويقل بالاستلقاء.
- ألم في الرقبة والكتف.
- مشاكل في السمع.
- طنين الأذن.
- الغثيان أو القيء.
- الدوار.
- مشاكل في السمع.
تسرب السائل الدماغي الشوكي من المخ
وهو النوع الثاني ويحدث نتيجة الحالات الآتية:
- إصابة في الرأس.
- زيادة الضغط داخل الجمجمة.
- تشوهات في الأذن الداخلية.
أعراض التسرب من المخ هي:
- خروج سائل شفاف من الأنف أو الأذن.
- فقدان حاسة السمع.
- الالتهاب السحائي.
- الشعور بطعم معدني في الفم.
يستخدم الأطباء أشعة تسمى الرنين المغناطيسي بصبغة الجادولينيوم لتشخيص تسرب السائل في المخ أو الحبل الشوكي، كذلك العلاج يمكن الاعتماد على الراحة في السرير فقط لعلاج التسرب في بعض الأحيان، لكن إذا كانت الحالة خطيرة تتعدد الخيارات أمام الطبيب أولهم هي أخذ عينة من دم المريض ثم حقنها في القناة الشوكية مما يُكون جلطة، والتي تغلق فتحة التسرب.
التحاليل الطبية
يمكن استخدام تحليل السائل الدماغي في الكشف عن أمراض خطيرة، مثل: الالتهاب السحائي، والسرطان خاصةً إذا كان الطبيب يريد التأكد من انتشار السرطان في الجهاز العصبي المركزي أم لا، غالبًا يُطلب هذا التحليل في حالة وجود أعراض، مثل:
- الصداع الشديد.
- تصلب الرقبة.
- الهلوسة.
- التشنجات.
- العطس.
- سيلان الأنف.
- الدوار.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- رهاب الضوء.
الأسئلة الشائعة
كيف يُجرى تحليل السائل الدماغي الشوكي؟
تسمى العملية باسم البزل القطني، وفيها ينام المريض على جانبه كاشفًا ظهره بالكامل، ويقوم الطبيب بتخدير تلك المنطقة بمخدر موضعي وتعقيمها جيدًا حتى لا تنتقل البكتيريا من سطح الجلد إلى السائل، ثم تدخل الحقنة بين الفقرتين القطنيتين الثالثة والرابعة أو الرابعة والخامسة ثم يسحب السائل بالحقنة ويتم وضعه داخل علبة معقمة وتنقل فورًا إلى المعمل، ويطلب الطبيب من المريض البقاء في وضع الاستلقاء قليلًا.
هل يعتبرالسائل الدماغي الشوكي علاج؟
نعم، يستخدم السائل الدماغي الشوكي كعلاج في حالة ورم المخ الكاذب لكن غالبًا ما يستخدم في التشخيص.
متى لا يمكن إجراء تحليل السائل الدماغي؟
لا يمكن إجراء هذا التحليل في الحالات التالية:
- إذا كان الجلد في منطقة الحقن مصابًا بالعدوى.
- أجرى المريض أشعة مقطعية وأثبت وجود تشوهات في الشكل التشريحي للنخاع الشوكي.
- عند زيادة الضغط داخل الجمجمة.
- حالات تجلط الدم.
ختامًا السائل الدماغي الشوكي هو أداة وصل بين أجزاء الجهاز العصبي كما يمثل طريقة لنا لتشخيص بعض الأمراض التي لا يمكن اكتشافها بتحاليل الدم والأشعة، ينصح في حالة القيام بتحليل السائل الدماغي اللجوء لطبيب مختص في هذه العملية لأن أي خطأ، وإن كان صغير قد يؤدي لحدوث شلل أو انتقال البكتيريا من سطح الجلد إلى داخل الجسم، وهو ما قد يمثل خطرًا على حياة المريض.