الحاجز الرحمي .. مشكلة وراثية نادرة تؤدي للإجهاض
الحاجز الرحمي هو واحد من تشوهات الرحم الخلقية التي تتطور في أثناء المرحلة الجنينية. نسبة حدوث هذا التشوه أقل من 4% في جميع النساء، ولكنه سبب رئيسي بنسبة تصل إلى 35% في حدوث حالات الإجهاض أو ولادة الأطفال الخدج (الطفل الذي يولد قبل الأسبوع 37).
في هذا المقال سنتناول تفصيلًا أسباب هذه المشكلة وكيفية تشخيصها على نحو صحيح وعلاجها، حتى يكون حدوث الحمل آمنًا وصحيًا لكلًا من الأم والجنين.
ما هو الحاجز الرحمي؟
الحاجز الرحمي (Uterine Septum) هو شذوذ خلقي نادر يحدث قبل الأسبوع الجنيني ال 20 للفتاة، حيث يمتد غشاء إلى أسفل منتصف الرحم ويقسمه إلى جزئين، ويسمى بالغشاء الحاجز. يمكن أن يختلف في السمك والطول على حسب نوعه، ويبدأ من الجزء العلوي من الرحم ويمكن أن يمتد إلى عنق الرحم (أسفل الرحم) وأحيانًا إلى المهبل.
الرحم النموذجي هو تجويف واحد مجوف على شكل كمثرى مقلوب، ولكن في حالة الرحم المحجوز، فإن الرحم يحتوي على تجويفين أصغر بدلًا من تجويف واحد.
يمكن أن يسبب أعراضًا لدى بعض السيدات، لكن معظمهن لن يدركن أن لديهن رحمًا محجوزًا حتى يصبحن حوامل أو يتعرضن للإجهاض المتعدد.
أنواعه
نستعرض فيما يلي الأنواع الثلاثة للحاجز الرحمي:
- الحاجز الرحمي الجزئي: عندما لا يشمل نسيج الحاجز عنق الرحم.
- الحاجز الرحمي الكامل: عندما يشمل الحاجز أيضا عنق الرحم (Cervix).
- الحاجز الرحمي والمهبل: عندما يمتد الحاجز إلى المهبل (Vagina).
الأسباب الوراثية لحاجز الرحم
الرحم المحجوز ينشأ في مرحلة تكوين الرحم، وسببه أنه لم تندمج قناتا مولر(Müllerian ducts) (قناتان مزدوجتان تنموان لتصبحا أعضاء تناسلية أنثوية في وقت مبكر من نمو الجنين، تشكل القنوات الرحم وعنق الرحم وقناتي فالوب والمهبل العلوي) في رحمك بشكل صحيح.
في الرحم النموذجي، تندمج هاتان القناتان معًا لتكوين تجويف رحم واحد، ولكن إذا كان لديكِ رحم محجوز، فلن تندمج القنوات معًا؛ عوضًا عن ذلك ينشأ غشاء نسيجي أسفل منتصف الرحم، هذا الغشاء هو الحاجز ويقسم الرحم إلى قسمين.
كيف يؤثر الحاجز على الدورة الشهرية؟
لا يؤثر حاجز الرحم عادة على الدورة الشهرية، ولكن يمكن أن يسبب لكِ ألمًا شديدًا أحيانًا أثناء الحيض. ولكن نظرًا لأن هذه الحالة كانت موجودة منذ الولادة، فقد لا تدركِين أنه من غير الطبيعي أن يكون لديكِ هذا المستوى من الألم أثناء الدورة الشهرية.
ما سبب الإجهاض في حالة الحاجز الرحمي؟
حواجز الرحم ليست أنسجة رحم طبيعية؛ لذلك عادة ما يكون لهذا النسيج غير الطبيعي إمداد دم ضعيف جدًا وبالتالي يقلل من إمداد الجنين بالتغذية مما يؤدي عادة إلى فقدان الحمل. غالبًا ما تعاني السيدات اللاتي لديهن حواجز رحمية من حالات فقدان حمل متكررة أو في بعض الحالات قد يؤدي إلى العقم.
ولكن هناك أبحاثًا تُفيد بأنه من الممكن أن يكون لديكِ حمل صحي حتى مع وجود الرحم ذو الحاجز، سنتطرق إليها لاحقًا في المقال.
التشخيص السليم في حالة الحاجز الرحمي
يُعد فحص الرحم ذو الحاجز جزءًا أساسيًا من الفحص السريري للنساء المصابات بالعقم والنساء اللاتي لديهن تاريخ من حالات الإجهاض المتكررة والولادة المبكرة ومضاعفات الفترة المحيطة بالولادة الأخرى.
سيبدأ الطبيب عادة بفحص الحوض، ولكن ما لم يمتد الحاجز إلى المهبل؛ فإن فحص الحوض لن يظهر عمق أو موضع الحاجز. عوضًا عن ذلك، سيستخدم الطبيب أجهزة فحص أخرى للحصول على أفضل صورة للحاجز وسمكه وموضعه الدقيق في الرحم.
قد يفحص الطبيب رحمك من خلال:
- الموجات فوق الصوتية أو السونار (Ultrasound).
- التصوير بالرنين المغناطيسي – MRI.
- تنظير الرحم (Hysteroscopy).
الفحص السليم سواءًا باستخدام الصورة الإشعاعية أو تنظير الرحم ضروري، لأنه قد يكون من الصعب تمييز الحاجز لأنه قطعة صغيرة من الأنسجة، ويمكن أحيانًا الخلط بينه وبين تشوهات الرحم الأخرى مثل الرحم ذو القرنين (Bicornuate uterus).
كيف يُمكن إزالة الحاجز الرحمي؟
لا يُنصح بالجراحة في مرحلة المراهقة أو في النساء اللاتي لا تظهر عليهن أعراض، ولكن استشارة الأطباء ضرورية لتقديم النصح لكِ حول كيفية إدارة الحمل ومنع الولادة المبكرة.
في حالات فقدان الحمل المتكرر، يكون من اللازم إجراء الجراحة لإزالته والتمكن من الحمل على نحو صحي.
رأب الرحم بالمنظار (Hysteroscopic Metroplasty)
هي العملية الأكثر شيوعا لإزالة الحاجز الرحمي، تُصنف ضمن جراحات العيادة الخارجية التي تستغرق حوالي ساعة، وبعدها يكون بإمكانك الذهاب إلى المنزل وإتمام راحتك وشفائك، أو إذا لزم الأمر، بقائك في المستشفى حتى الصباح.
أولًا، يُدخل الطبيب الأدوات الجراحية من خلال عنق الرحم حتى داخل الرحم، ثم يقطع الحاجز ويزيله من الرحم. بعد إجراء هذه العملية تقل نسبة الإجهاض لدى السيدات على نحو كبير.
تتمكن الكثير من السيدات من الحمل بشكل طبيعي حتى بعد عدة خسائر في الحمل، إذ أظهرت إحدى الدراسات أن معدل الحمل بعد رأب الرحم بالمنظار يبلغ حوالي 65٪. ومع ذلك، يوصي معظم الأطباء بالانتظار لمدة شهرين بعد الجراحة لبدء الحمل.
مضاعفات العملية
تشمل المضاعفات المرتبطة بإزالة الحاجز ما يلي:
- نزيف غير طبيعي.
- عدوى.
- ثقب الرحم.
- أضرار بعنق الرحم.
هل يرجع الحاجز الرحمي مرة أخرى بعد إزالته؟
لا يمكن أن ينمو الحاجز مرة أخرى، ببساطة لأنه ينمو في مرحلة تكوين الرحم في الجنين الأنثى في أثناء الحمل؛ لذلك بمجرد إزالته جراحيًا، لا يمكن لجسمك تجديد الحاجز الرحمي.
هل يمكن أن يكون لديكِ حمل طبيعي في وجود الحاجز الرحمي؟
نعم، من الممكن أن يكون الحمل طبيعيًا مع الرحم ذو الحاجز، ومع ذلك هناك العديد من المخاطر التي يجب أن تكونين على دراية بها:
- النمو المقيد للجنين- انخفاض الوزن عند الولادة.
- إجهاض.
- الولادة المبكرة.
- وضعية الجنين المقعدي (أي يكون المجيء بالمقعدة أولًا وليس الرأس).
يعتبر الطبيب الخاص بكِ أن حملك عالي الخطورة وسيرغب بمتابعة نمو طفلك عن كثب طوال فترة الحمل.
التأثير على الولادة
الأطفال الذين يولدون لسيدات مصابات بالحاجز الرحمي لديهم خطر متزايد من حدوث المجيء المقعدي (Breech Presentation)، وذلك لأن الجنين لديه مساحة أقل للدوران مع رأسه لأسفل بسبب شكل الرحم غير المنتظم. إذا كان الطفل مقعديًا (القدمين أو الأرداف أولًا في الرحم)، فعادة ما تفضل الولادة القيصرية.
هل يمكن أن يعاني طفلك من عيب خلقي إذا كان لديكِ حاجز رحمي؟
كما ذكرنا سابقًا، فإن طفلك مُعرض لخطر متزايد للولادة المبكرة (الولادة قبل 37 أسبوعًا من الحمل). إذا وُلد طفلك مبكرًا جدًا، فقد لا تتطور بعض أعضائه وأنظمته بشكل كامل. هذا يمكن أن يسبب إعاقات خلقية ذهنية أو جسدية. ومع ذلك، فإن وجود رحم ذو حاجز أو خدج، لا يعني حتمًا أن طفلك سيولد بإعاقة.
أخيرًا إذا شُخصتِ بالحاجز الرحمي أو أي تشوهات رحمية أخرى فلا داعي للقلق والفزع، ولكن استشارة طبيبك عن خياراتك المتاحة للعلاج أو الحمل هو أمر ضروري جدًا، فيمكن أن يكون الأمر بسيطًا ولكن سؤالك لغير المختصين قد يربكك وبالتأكيد لن يعود عليكِ بالنفع؛ لذا دائمًا استشيرِي طبيبك فيما يخص أي أعراض تزعجك.