التهاب الدماغ .. أسبابه وأعراضه وطرق الوقاية والعلاج

في يوم من الأيام مرضت ابنة صديقتي وأُصيبت بتشنجات ودخلت إلى غيبوبة بعد عدوى فيروسية وشخصها الأطباء بأنها مصابة بالتهاب الدماغ. وهنا ظننت أنها لن تنجو لا محالة واحترقت قلوبنا عليها ولكن بفضل الله ثم اجتهاد الأطباء في سرعة تشخيص المرض عادت إلى وعيها وتعافت بشكل كامل.

عزيزي القارئ إذا كنت تريد معرفة المزيد عن هذا المرض تابع معانا في السطور التالية.

ما هو التهاب الدماغ؟

التهاب الدماغ (encephalitis) هو حالة غير شائعة الحدوث ولكنه مرض خطير ويهدد حياة الإنسان. قد يصاب أي شخص بهذا المرض ولكن الأطفال وكبار السن هم الأكثر عرضة للإصابة. وينتج عنه التهاب حاد أو تورم في الدماغ بسبب إما عدوى فيروسية أو بكتيرية أو مهاجمة جهاز المناعة لأنسجة المخ عن طريق الخطأ.

سنتعرف فيما يلي عن الأسباب والأعراض وطرق الوقاية والعلاج لهذا المرض.

ما أسباب التهاب الدماغ؟

هناك أنواع مختلفة لهذا الالتهاب، وسوف نستعرض فيما يلي أسباب كل نوع:

1. أسباب التهاب الدماغ الأّولي

يحدث عندما يصيب الفيروس الدماغ والحبل الشوكي مباشرةً وتشمل أسبابه ما يلي:

  • الفيروسات: هناك عدة أنواع من الفيروسات تسبب التهاب الدماغ الفيروسي، وتنقسم هذه الفيروسات إلى ثلاثة أنواع:
    1. فيروسات شائعة: مثل: فيروس الهيربس (herpes simplex) وفيروس ابشتاين (epstein-barr virus). ويعد فيروس الهيربس أكثر شيوعًا في الدول المتقدمة، ويسبب التهاب الدماغ الهيربسي حيث ينتقل الفيروس إلى الدماغ في حالات نادرة مسببًا أضرارًا خطيرةً، ويمكن أن يؤدي إلى تلف الدماغ والوفاة.
    2. فيروسات الأطفال: مثل الحصبة والنكاف.
    3. الفيروسات التي تنتقل عن طريق البعوض والقراد والحشرات الأخرى (arbovirus): مثل التهاب الدماغ الياباني.
  • البكتريا والطفيليات: تسبب أيضًا التهاب الدماغ الجرثومي ولكنها نادرة الحدوث.

2. أسباب التهاب الدماغي الثانوي

بعد حدوث عدوى فيروسية تبدأ الأعراض في الظهور بعد أيام أو أسابيع من العدوى الأولية ويهاجم جهاز المناعة خلايا الدماغ وكأنها كائنات غريبة وحتى الآن لا يعرف سبب هذا الخلل في جهاز المناعة. وتسمى هذه الحالة التهاب الدماغ المناعي الذاتي.

أعراض التهاب الدماغ

قد تشبه الأعراض في البداية أعراض الإنفلونزا مثل ارتفاع درجة الحرارة، والصداع، والغثيان، والقىء ثم تظهر الأعراض الأكثر خطورة في الأيام والأسابيع التالية مثل:

  • التشوش، والتوهان، وهلاوس.
  • تغيرات في السلوك.
  • تشنج الرقبة.
  • صعوبة في الكلام، أو مشاكل في السمع والرؤية.
  • فقدان الذاكرة.
  • نوبات صرع.
  • ضعف أو فقدان الحركة في بعض أجزاء الجسم.
  • فقدان الوعي أو الغيبوبة.

في حالة الأطفال أو الرضع تظهر الأعراض التالية:

  • بقع لينة منتفخة (اليافوخ) عند الرضع.
  • الغثيان أوالقيء.
  • عدم الاستيقاظ من أجل الرضاعة.

في حالة ظهور الأعراض السابقة يجب الحصول على الرعاية الطبية فورًا.

ما طرق التشخيص؟

بعد الفحص السريري للمريض يلجا الطبيب إلى فحص عصبي أيضًا لتقيم أداء الدماغ. ولتأكيد التشخيص يجب الاستعانة بالفحوصات المعملية والأشعة التصويرية كالآتي:

  • البزل القطني (البزل الشوكي): عن طريق أخذ عينة من السائل النخاعي وفحصها معمليًا، وقد يكشف الفحص عن مستويات عالية من البروتين وخلايا الدم البيضاء. ولكن هذا الفحص ليس دائمًا قاطعًا لأن في بعض الحالات تكون النتائج طبيعية على الرغم من إصابة المريض بالتهاب في الدماغ.
  • الأشعة المقطعية (CT): يستخدم هذا التصوير لاكتشاف التغيرات في بنية الدماغ وتلف الأنسجة، واستبعاد الأسباب الأخرى مثل: السكتة الدماغية، أو تمدد الأوعية الدموية، أو الأورام.
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يعد أفضل اختيار لتشخيص التهاب الدماغ.
  • مخطط كهربية الدماغ (EEG): يراقب فحص مخطط كهربية الدماغ النشاط الكهربي للدماغ، ويظهر موجات حادة في أحد الفصوص الصدغية أو كليهما في حالة الإصابة بالاتهاب.
  • اختبارات الدم: للتحقق من وجود البكتيريا أو الفيروسات أو الخلايا المناعية.
  • خزعة الدماغ: في هذا الإجراء يأخذ الطبيب عينة صغيرة من أنسجة المخ لإجراء بعض الاختبارات عليها. ولا ينفذ هذا الإجراء إلا للضرورة القصوى نظرًا لوجود مخاطر عالية، واحتمالية حدوث مضاعفات.

ما طرق العلاج؟

في الحالات الخفيفة يطلب الطبيب الآتي:

  • الراحة.
  • شرب الكثير من السوائل.
  • استخدام الأدوية المسكنة للألم مثل:
    • الباراسيتامول.
    • الأسيتامينوفين.
    • الأيبوبروفين للتخفيف من الصداع والحمى.

كما يعتمد العلاج أيضًا على نوع وشدة الإصابة وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام الآتي:

  • مضاد الفيروسات: يستخدم لعلاج التهاب الدماغ الفيروسي مثل: آسيكلوفير، أو جانسيكلوفير، أو فوسكارنيت.
  • مضاد حيوي: في حالة كون العدوى بكتيرية.
  • كورتيكوستيرويدات: وهي أدوية مضادة للالتهاب للحد من تورم الدماغ.
  • أدوية مضادة للتشنجات مثل: (فينيوتين) للحد من نوبات التشنج أو الوقاية منها.
  • استخدام الأكسجين التكميلي عن طريق قناع الوجه أو أجهزة التنفس الصناعي.
  • معدلات المناعة (immunomodulators) وهي أدوية تهدئ من هجوم جهاز المناعة على الجسم.
  • السوائل الوريدية لتجنب الجفاف وضمان المستويات المناسبة من المعادن الأساسية.
  • التغذية عن طريق الأنبوب إذا كان المريض فاقدًا للوعي.

المضاعفات المحتملة

يعاني معظم المصابين بهذا المرض مضاعفات، والأشخاص الأكثر عرضة للمضاعفات هم:

  • كبار السن.
  • من تأخر في تلقي العلاج.
  • من كان يعاني غيبوبة أو أعراض تشبه الغيبوبة.

وهذه هي المضاعفات الوارد حدوثها:

  • فقدان الذاكرة.
  • الصرع.
  • تغيرات سلوكية وجسدية.
  • إعياء وضعف جسدي.
  • مشاكل في الرؤية أو السمع.
  • الإعاقة الذهنية.
  • مشاكل في الكلام.
  • الغيبوبة.
  • الوفاة.

التعافي بعد الإصابة

يعتمد التعافي على شدة الإصابة، إذ أنه في الحالات الخفيفة قد يختفي الالتهاب في غضون أيام قليلة. أما في الحالات الشديدة، قد يتطلب التعافي أسابيع أو شهور حتى تتحسن حالتهم، وقد لا تتحسن بشكل كامل ويتعايش المريض مع بعض المضاعفات كالتي سبق و ذكرناها.

اعتمادًا على نوع وشدة الإصابة، قد يكون من الضروري تلقي علاج إضافي كالتالي:

  • العلاج الطبيعي: لتحسين القوة والتنسيق الحركي والتوازن والمرونة.
  • العلاج المهني: للمساعدة في إعادة تطوير المهارات اليومية.
  • علاج التخاطب: يسهم في إعادة السيطرة على العضلات اللازمة للتحدث.
  • العلاج النفسي: للمساهمة في تحسين اضطرابات المزاج والتغيرات الشخصية.

الوقاية

لا يمكن دائمًا الوقاية من هذا المرض، ولكن يمكن تقليل مخاطر الإصابة عن طريق التطعيم ضد الفيروسات التي يمكن أن تسبب هذا المرض، وهذه بعض اللقاحات المتوفرة:

  • تطعيم الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية: وهو تطعيم روتيني يعطى لجميع الأطفال في إنجلترا.
  • لقاح التهاب الدماغ الياباني: يوصى به للمسافرين إلى المناطق المعرضة للخطر مثل أجزاء من آسيا.
  • مصل التهاب الدماغ المنقول بالقراد: يوصى به للمسافرين إلى أجزاء معينة من أوروبا.
  • التطعيم ضد داء الكلب: عند السفر للمناطق التي يكون فيها صعب الحصول على الرعاية الطبية.

يمكنك التواصل مع الطبيب لمعرفة ما إذا كنت بحاجة إلى تحديث تطعيماتك أذا كنت تخطط للسفر.

وهذه أيضًا بعض النصائح الأخرى:

  • يجب غسل الأيدي بصورة دورية وخاصةً قبل الأكل وبعد دخول المرحاض.
  • تجنب مشاركة أدوات الطبخ والأكل مع الآخرين مثل: الملاعق، والأكواب، والأطباق.
  • امنع أطفالك من مشاركة أدواتهم مع زملائهم في المدرسة.
  • استخدم طاردًا للبعوض وارتدِ سراويل وأكمام طويلة خاصةً في المناطق المعروفة بتواجد الفيروسات المسببة لهذا المرض.
  • استخدم ناموسية للرضع وتجنب استخدام طارد الحشرات.

الفرق بين التهاب السحايا والتهاب الدماغ

يعد التهاب السحايا أيضًا مرضًا خطيرًا ولكنه غير شائع. ويحدث التهاب السحايا في طبقة الأنسجة الرقيقة التي تغطي الدماغ والحبل الشوكي (السحايا). بينما التهاب الدماغ يصيب أنسجة الدماغ والحبل الشوكي ولا يصب السحايا.

عزيزي القارئ كما هو الحال مع كل الأمراض، فإن الوقاية خير من العلاج؛ لذلك اتبع طرق الوقاية السابق ذكرها ولا تتردد أبدًا في استشارة الطبيب فورًا في حالة ظهور أي من الأعراض السابقة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى