التأثير البصلي الكاذب وأهم أعراضه وطرق علاجه

يمكن أن يتغير سلوك الإنسان بطرق عديدة خاصة بعد النجاة من إصابات الدماغ، والتي قد تؤدي مضاعفاتها إلى الإصابة ببعض الأمراض الأخرى مثل الزهايمر والتصلب المتعدد. وبطبيعة الحال، قد تتأثر بعض القدرات الذهنية بهذه الإصابات، فمثلًا قد يصاب المريض بنوبات من الضحك أو البكاء الخارجة عن سيطرته وهو ما يعرف بالتأثير البصلي الكاذب. ويبلغ عدد المصابين به من 2 إلى 7 مليون مريض في الولايات المتحدة بأعراض تتراوح بين حادة و طفيفة.

ما هو التأثير البصلي الكاذب؟

يتسم التأثير البصلي الكاذب (Pseudobulbar affect) بنوبات من الضحك أو البكاء المفاجئة والتي لا يمكن السيطرة عليها. ويحدث هذا التأثير في الأشخاص الذين يعانون من بعض الأمراض العصبية أو إصابات الدماغ التي تؤثر على تحكم المخ بالمشاعر. ويمكن لمريض التأثير البصلي الكاذب الشعور بالمشاعر بشكل طبيعي، ولكنه يعبر عنها بشكل مبالغ فيه أو غير ملائم في بعض الأحيان، مما يسبب شعور المريض بالارتباك أو الحرج.

ويُعرف التأثير البصلي الكاذب بعدة أسماء أخرى منها التقلقل الانفعالي، وعدم الثبات الانفعالي، والوجدان البصلي الكاذب، والعاطفة البصلية الكاذبة، والبكاء اللاإرادي، وغيرها.

أعراض التأثير البصلي الكاذب

العرض الرئيسي للتأثير البصلي الكاذب هو تعرض المريض لنوبات من الضحك أو البكاء، وتكون هذه النوبات متقطعة وغير إرادية ولا يمكن التحكم فيها، ويكون رد فعل المريض مبالغ فيه أو لا يرتبط بمشاعره الحالية. وتحول الضحك إلى بكاء هو العرض الأكثر شيوعًا كعلامة للإصابة.

وغالبًا تكون الاستجابة للمشاعر بطريقة صارخة سواءً بالضحك أو البكاء وتستمر لعدة دقائق. وعلى سبيل المثال، يمكن أن يضحك المريض بشكل لا يمكن السيطرة عليه استجابة لتعليق مسل بشكل بسيط، أو قد يضحك أو يبكي على موقف لا يستدعي ذلك. وقد تتكرر هذه النوبات عدة مرات في اليوم أو الشهر. وتكون أكثر حدة أو مبالغة أو تكرارًا مقارنة بالسابق، كما يمكن حدوث بعض نوبات الغضب أو الإحباط.

والبكاء من علامات الإصابة بالمرض، ولذلك قد يختلط الأمر أحيانًا ويشخص المريض بالاكتئاب. ولكن نوبات التأثير البصلي الكاذب غالبًا ما تكون قصيرة المدى عكس مرض الاكتئاب والذي يستمر فيه الشعور بالحزن، كما أن الاكتئاب يسبب اضطرابات النوم، أو فقدان الشهية، وهي أعراض لا تتواجد في مريض التأثير البصلي الكاذب. ولكن قد يصاب مرضى PBA بالاكتئاب.

وإذا أهمل المريض في المتابعة مع الطبيب أو في تناول العلاج، قد تظهر عليه الأعراض الحادة للمرض كأحد المضاعفات مثل الشعور بالإحراج، والانعزال الاجتماعي، واضطرابات القلق، والاكتئاب. كما يمكن للمرض أن يعوق القدرة على العمل وإنجاز المهام اليومية خاصة عند المرضى الذين يعانون من الأمراض العصبية.

أسباب الإصابة بالتأثير البصلي الكاذب

السبب الرئيسي للإصابة ليس معروفًا بالكامل، ولكن المرضى الذين يعانون من بعض الأمراض العصبية أو إصابات الدماغ هم الأكثر عرضة للإصابة بالتأثير البصلي الكاذب. وبعض هذه الأمراض هي:

  • السكتة الدماغية.
  • التصلب الجانبي الضموري (ALS)، والمعروف أيضًا بمرض لو جيهريج.
  • التصلب المتعدد.
  • إصابات الدماغ الرضحية.
  • مرض الزهايمر، وأنواع الخرف الأخرى.
  • مرض باركنسون.
  • أورام الدماغ.
  • آفات المخيخ متضمنة ضمور المخيخ والحبل الشوكي.
  • الصرع.
  • الخرف.
  • الزهري العصبي: وهو مرض يصيب المخ والحبل الشوكي نتيجة الإصابة بالبكتيريا الملتوية.
  • الشلل فوق النووي التقدمي: وهو خلل في الدماغ يتسبب في حدوث مشكلات في المشي، والتوازن، والكلام، والتفكير، والرؤية، والحالة المزاجية، والسلوك.
  • داء ويلسون: وهو مرض وراثي نادر يتسبب في تراكم النحاس في الدماغ والكبد والأعضاء الحيوية الأخرى.

تشخيص التأثير البصلي الكاذب

عادة لا يُشخص التقلقل العاطفي، أو ُيشخص خلال التقييم العصبي كأحد الاضطرابات المزاجية خاصة الاكتئاب. وغالبًا يخطىء الاختصاصيون في تشخيصه، فيُشخص المريض بالاكتئاب أو اضطراب ثنائي القطب، أو اضطراب القلق المعمم، أو انفصام في الشخصية، أو داء الصرع، أو اضطرابات الشخصية. ولتحقيق صحة التشخيص، يجب على المريض توضيح معاناته من أي أمراض أخرى خاصة الأمراض العصبية، والانفعالات العاطفية.

ويُعد الاستبيان أو استخدام المقاييس الموحدة هو أحد الطرق الأخرى المستخدمة في التشخيص، وهو إجراء يستند على حوار مع الطبيب، وطرحه عدة أسئلة تتعلق بنوبات الضحك والبكاء، وشدتها، وتكرارها. وبعض هذه الأسئلة:

  • هل تحدث الاستجابة العاطفية، سواءً كانت بكاءً أو ضحكًا، بطريقة غير إرادية، أو فجأة، أو لا يستطيع المريض التحكم فيها؟
  • هل الاستجابة العاطفية المتضاربة لا تماثل الشعور الداخلي للمريض أو حالته المزاجية؟
  • هل يشعر المريض بالراحة بعد التعبير عن مشاعره؟
  • هل تتسبب هذه الاستجابة في حزن ملحوظ، أو تحد من قدرته على العمل أو التواصل اجتماعيًا؟
  • هل تسبب أي أمراض عصبية أخرى هذا الاضطراب؟
  • هل يتناول المريض أي أدوية تؤثر على الحالة المزاجية؟

علاج التأثير البصلي الكاذب

يعتمد العلاج الدوائي على قوة احتمال المريض لهذه الأدوية، والأعراض الجانبية المحتملة. وقد تتداخل بعض هذه الأدوية مع علاجات المريض الأخرى، لذلك يجب متابعته باستمرار. والهدف من العلاج هو الحد من الانفعالات العاطفية وتكرارها، حيث لا يوجد حتى الآن علاج نهائي لهذه الحالة. والعلاج الدوائي هو أساس علاج التأثير البصلي الكاذب ويتضمن:

مضادات الاكتئاب

تُستخدم بعض الأدوية المعالجة للاكتئاب بجرعات منخفضة عن المستخدمة لعلاج الاكتئاب، وتعتبر فعالة وتأثيرها أسرع عن استخدامها في علاج الاكتئاب نفسه، بالإضافة إلى استخدام بعض الأدوية الأخرى التي تساهم في السيطرة على الأعراض مثل:

  • مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل: أميتربتيلين، ونورتريبتيلين.
  • مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية (SSRI) مثل: سيتالوبرام، وفلوكسيتين.
  • مثبطات استرداد السيروتونين والنورابينفرين (SNRIs) مثل: فنلافاكسين، ودولوكستين.

نيودكساتا (دكستروميثورفان وكوينيدين سلفات)

يجمع دواء نيودكساتا بين دكستروميثورفان، وهو مثبط للسعال، وجرعة منخفضة للغاية من كوينيدين سلفات، وهو عقار طُور لعلاج التأثير البصلي الكاذب. ويبدأ تأثير الدواء في الأسبوع الأول من بدء تناوله بجرعة كبسولة مرتين يوميًا، ولا يقل مفعوله مع الاستمرار في تناوله.

أدوية أخرى

يمكن للطبيب اللجوء إلى بعض الأدوية الأخرى إذا لم يستجب المريض للعلاجات السابقة.

طرق التأقلم مع عدم الثبات الانفعالي

يمكن لهذا التأثير أن يسبب الانزعاج أو الإحراج للمريض، لذلك يجب على المريض تفسير حالته لعائلته ليستطيع الحصول على دعمهم ومساندتهم في التعايش مع المرض وتجاوز النوبات. وهذه بعض النصائح للتعامل مع المرض:

  • إخبار المحيطين بك عن المرض، وتأثيره على حياتك وحياة عائلتك، حيث يساهم ذلك في عدم تفاجئهم أو ارتباكهم عند حدوث النوبة.
  • تسجيل وقت حدوث النوبات، وشدتها، ومدتها، والفترة الزمنية بين النوبة والأخرى، ومشاركة هذه المعلومات مع طبيبك لمساعدتك على تحديد العلاج المناسب.
  • التحدث مع مصابين آخرين بالمرض ومشاركة النصائح، فقد يمكنك تلقي بعض النصائح المفيدة للتعامل مع حالتك.
  • خلال النوبة، عليك التنفس ببطء وبعمق حتى انتهائها.
  • التفكير أو التركيز على شيء آخر خلال النوبة.
  • إرخاء الكتفين، وعضلات الوجه لتخفيف التوتر.
  • تغيير وضعية الجسم إذا أمكن.

لا يُعد التأثير البصلي الكاذب أحد الأمراض المهددة للحياة، ولكن يمكنه أن يسبب إزعاجًا وقلقًا للمريض. ويمكن الحد من تطور الأعراض وحدتها باتباع نصائح الطبيب المختص ومحاولة التأقلم مع المرض وتجنب الهلع عند حدوث النوبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى