البارانويا (جنون الارتياب) | الأعراض والأسباب والعلاج
هل تشعر بانعدام الثقة في الآخرين؟ بأنك مهدد بشيء ما؟ أفهم شعورك بأننا مراقبون، توقف عن التلصص عبر النافذة، وتعال معي نقرأ قليلًا عن البارانويا.
تعريف مرض البارانويا (Paranoia)
البارانويا (Paranoia) هو التفكير المستمر وغير المنطقي بمحاولة الآخرين التنصت عليهم أو تتبعهم ومراقبتهم، من أجل استغلالهم وخداعهم، أو إلحاق الأذى بهم. ويسمى أيضًا جنون الارتياب.
ويؤدي الشك غير المبرر في الآخرين إلى صعوبة تكوين علاقات اجتماعية سوية.
أعراض مرض البارانويا
يميل الأشخاص المصابون باضطراب الشخصية المرتابة (البارانويا) إلى التفكير والشعور بعدة أعراض منها:
- الشعور بالاضطهاد وعدم الثقة في الآخرين.
- محاولة الآخرين إلحاق الأذى الجسدي أو العاطفي بهم.
- تبني التفكير بأسلوب نظرية المؤامرة.
- تعمد الآخرين مضايقتهم وشن الكراهية نحوهم.
- تفسير الكلام على نحو خاطئ يشير إلى إهانتهم أو تهديدهم.
- استهدافهم من قِبل الحكومات والمنظمات.
- محاولة الآخرين سرقتهم والاستيلاء على ممتلكاتهم.
- الإفراط في القلق وصعوبة الشعور بالهدوء والاسترخاء.
قد يمر البعض بعرض أو اثنين بشكل طبيعي، لكن المريض بها تتفاوت لديه شدة الأعراض بشكل مستمر وغير عقلاني، فقد يصل الشك في الآخرين للتفكير في محاولاتهم قتله فيبادر بقتلهم أو الهرب منهم بلا مبرر.
أنواع مرض البارانويا
يرتبط جنون الارتياب بثلاثة اضطرابات رئيسية وهي:
- اضطراب الشخصية الارتيابية (Paranoid personality disorder)
يعتبر النوع الأخف بالنسبة للأنواع الأخرى، بسبب ضعف تأثيره على الحياة اليومية للمريض، حيث يمارس مهامه الحياتية، لكن بمشاعر الشك المطلق في الآخرين دون أدلة واضحة.
- الاضطراب الوهمي بجنون العظمة (Delusional paranoid disorder)
يتميز بسيطرة اعتقاد وهمي خاطئ بتجسس الآخرين عليه والتخطيط لإيذائه، أو اقتناعه بإصابته بمرض خطير رغم نفي الأطباء.
ويمكن لاضطراب جنون العظمة اتخاذ شكل التوهم بعلاقة بممثلة مشهورة، أو ادعاء مقابلته لشخصيات هامة.
- الفصام المصاحب لجنون العظمة (Paranoid schizophrenia)
يعد الأكثر خطورة وشدة وتأثيرًا على وظائف الإنسان اليومية، حيث يتميز بالهلوسة الشديدة والأوهام، ويشعر بأنه مهدد من العالم بأسره، ويحتاج المريض العلاج منه طوال حياته.
أسباب مرض البارانويا
حتى الآن البحوث مستمرة، لأن العلماء غير متأكدين من السبب الرئيس أو الحاسم للمرض، لكن هناك بعض العوامل المحتملة التي تصيب بالمرض، ومنها:
- العامل الوراثي، هناك احتمالية أن يكون السبب هو الجينات التي تحمل داء جنون العظمة.
- الصدمات الناشئة في مرحلة الطفولة التي تعمل على تشويه المشاعر والأفكار.
- قلة النوم والإجهاد، قد تسبب مشاعر عدم الأمان والاتزان، ولكن استمرار الإجهاد على المدى البعيد قد يؤدي إلى رؤية أو سماع أشياء غير موجودة، وهذا يسمى الهلوسة.
- القلق المستمر والتوتر والاكتئاب لفترات طويلة يجعل الشخص أكثر عرضة للإصابة بالبارانويا، كما في اكتئاب ما بعد الولادة. حيث صرحت النساء المصابات به بشعورها بأن الناس تتحدث عنها من خلف ظهرها، ويقولون أنها أم سيئة للغاية.
- المخدرات تحتوي على مواد كيميائية قد تسبب الهلاوس على المدى القصير، أو قد تصيب بالمرض على المدى الطويل بسبب تأثيرها على كيمياء الدماغ. لذلك نجد علاقة بين البارانويا والمخدرات.
تشخيص مرض البارانويا
يصعب تشخيص البارانويا في حد ذاتها، لأن المريض باضطراب عقلي أو جسدي مصحوب بالبارانويا، ربما يشكك حتى في الطاقم الطبي والمستشفيات، وربما يظن أنهم يتآمرون عليه.
يحتاج الطبيب إلى معرفة التاريخ الطبي العائلي، لمعرفة دور العوامل الوراثية في الحالة. وأيضًا يخضع للفحص الطبي والقيام باختبار الدم والأشعة.
وكذلك يقوم أخصائي الصحة العقلية بعمل عدد من الاختبارات النفسية من أجل تقييم كافة الأعراض لمعرفة السبب الحقيقي لها.
علاج مرض البارانويا
من الصعب أن يعيش المرء محاطًا بالأفكار المزعجة ومشاعر الارتياب الشديدة، لذلك نادرًا ما تتواجد البارانويا والصحة النفسية في مكان واحد، لذا العلاج يمكن أن يتخذ أحد الأشكال التالية:
العلاج المعرفي السلوكي
- العلاج بالحوار عن طريق تفهم الضعف ومحاولة زيادة ثقتهم في الآخرين.
- التعبير عن المشاعر، الذي يشمل الطرق الفنية والإبداعية.
- التأملات التي تعمل على تقليل حدة التوتر والقلق.
- ممارسة الرياضة التي تعزز الصحة النفسية للفرد.
- أخذ قسط كاف من النوم والذي يتراوح ما بين سبع إلى تسع ساعات للبالغين.
- محاولة التأقلم مع الآخرين بشكل طبيعي من خلال جلسات تعديل السلوك.
العلاج الدوائي
تختلف الأعراض وشدتها من حالة إلى أخرى، فقد يصف الطبيب المختص بعض الأدوية، مثل:
- الأدوية المضادة للقلق.
- مضادات الاكتئاب.
- لتقليل أفكار جنون العظمة تؤخذ الأدوية المضادة للذهان.
مع الأخذ في الاعتبار لا يستخدم أي علاج دوائي إلا تحت إشراف الطبيب.
البارانويا والزواج
هناك علاقة بين البارانويا والجنس، حيث تؤثر البارانويا العاطفية بشكل كبير على الحياة الزوجية، بسبب الشك العالي الذي ليس له أساس من الصحة.
حيث يفكر المصاب بأن شريكته غير صادقة معه، وأنها بالتأكيد تخونه، حتى ولو لم يكتشف الدليل بعد.
وأن الشخص الذي يكن له الحب، لا يحبه لذاته، لكنه يهدف إلى استمالته لأخذ معلومات شخصية عنه لاستخدامها للإضرار به.
كما أنهم يكونوا غير ناضجين عاطفيًا بشكل يسمح بالتهاون مع زلات الآخرين، فيكونوا عدائيين ودفاعيين معظم الوقت، ولا يستطيعون التسامح والعفو بسهولة.
الأسئلة الشائعة
ما الفرق بين البارانويا والشيزوفرنيا؟
الشيزوفرنيا (الفصام) هو اضطراب عقلي حاد يعمل على تشويه المشاعر والأفكار مما يؤثر بشكل كبير على العيش بشكل طبيعي، ويعد من أشد الأمراض النفسية.
أما البارانويا (جنون العظمة) هي نوع من الشكوك العالية جدًا التي تعد عرض من الأعراض الإيجابية أي الزائدة أو المتطورة لمرض الشيزوفرنيا (الفصام).
فتعمل على تهيئة الهلاوس السمعية والبصرية التي تشعره بأنه شخص عظيم ومراقَب، ويقابل شخصيات هامة، فيمكن أن تكون البارانويا مصاحبة للفصام ويمكن أن يصاب بها المريض وحدها.
أفلام مشهورة ناقشت البارانويا
- (آسف على الإزعاج) الفيلم المصري للنجم أحمد حلمي الذي عانى من أعراض البارانويا التابعة لمرضه الفصام، حيث كان يسمع ويرى أبيه المتوفى، ويظن أنه يراسل رئيس الجمهورية عبر الخطابات.
ويعتبر الفيلم تعريبًا للفيلم الأجنبي (A beautiful mind) عقل جميل، الذي يجسد القصة الحقيقية لعالم الرياضيات الأمريكي (جون ناش) الحائز على جائزة نوبل في علم الاقتصاد. - الفيلم الأمريكي (The machinist) الميكانيكي، بطولة الممثل كريستيان بيل الذي عانى من البارانويا بعد حرمانه من النوم مدة طويلة.
وختامًا إذا كنت تشك في شريكة حياتك، فربما تكون على صواب. ولو كنت تشك في أصدقائك، فاحتمال أن تكون مصيبًا. أما إذا كنت تشك في عائلتك، فمن المحتمل أن تكون على حق.
لكن إذا كنت تشك فيهم جميعًا، فربما من الأفضل أن تشك في البارانويا وتزور طبيبًا.