الانتباذ البطاني الرحمي: أسبابه وأعراضه وطرق علاجه

الانتباذ البطاني الرحمي (Endometriosis) أو (البطانة الرحمية المهاجرة) هو حالة مرضية تحدث نتيجة لنمو أنسجة مشابهة لنسيج بطانة الرحم (Endometrium) خارج الرحم. عادًة تنمو هذه الخلايا على المبيضين وقناة فالوب، ولكن قد توجد في أي مكان داخل منطقة الحوض، ونادرًا ما تنمو هذه الأنسجة خارج منطقة الحوض.

تعمل الأنسجة المهاجرة كأنها نسيج رحمي طبيعي، يستجيب للهرمونات وينتفخ ويتحلل وينزف مع كل دورة شهرية. ولكن هذا النزيف ليس له طريق للخروج خارج الجسم، فينحبس بداخله ويسبب التهابات للأنسجة المجاورة، ويسبب آلامًا شديدة. يمكن أن يصيب الانتباذ البطاني الرحمي النساء في أي عمر.

أنواع الانتباذ البطاني الرحمي

ينقسم الإنتباذ البطاني الرحمي إلى ثلاثة أقسام اعتمادًا على مكان وجود الأنسجة المهاجرة.

  1. الانتباذ البطاني الرحمي السطحي: هذا هو النوع الأكثر شيوعًا، ويتميز بنمو الأنسجة المشابهة لأنسجة بطانة الرحم علي الغشاء المبطن للحوض.
  2. الانتباذ البطاني الرحمي المبيضي أو الكيسي: يتميز هذا النوع بوجود أكياس مليئة بسائل داكن اللون، وتسمى هذه الأكياس بأكياس الشيكولاتة. هذه الأكياس لا تستجيب للعلاج وقد تتسبب في تلف أنسجة المبيض السليمة.
  3. الانتباذ البطاني الرحمي العميق: ينمو هذا النوع تحت الغشاء المبطن للحوض، ويمكن أن يتضمن أعضاء بالقرب من الرحم، مثل الأمعاء أو المثانة. وقد يتسبب في حدوث التصاقات في أنسجة الحوض. وتصل نسبة حدوث الإصابة بهذا النوع إلى 1-5% من النساء المصابات بالانتباذ البطاني الرحمي.

أسباب الانتباذ البطاني الرحمي

على الرغم من عدم تحديد أسباب قطعية لحدوث حالات البطانة الرحمية المهاجرة، إلا أن هناك بعض الفرضيات التي تشرح إمكانية حدوث هذه الظاهرة ومنها:

  • الحيض الارتجاعي: الحيض الارتجاعي هو السبب الأكثر ترجيحًا. فخلال الدورة الشهرية يتدفق بعض دم الحيض الذي يحتوي على خلايا بطانة الرحم عبر قناة فالوب إلى مناطق أخرى من الجسم، مثل الحوض وتلتصق خلايا بطانة الرحم بالغشاء البريتوني في منطقة الحوض، وتنمو وتكتسب سماكة وتنزف أثناء الدورة الشهرية.
  • العوامل الوراثية: تلعب الجينات دورًا مهمًا في تطور مثل هذه الحالات المرضية. فعندما يكون هناك تاريخ مرضي لحالات البطانة الرحمية المهاجرة في عائلة، تكون فرصة إصابة سيدات هذه العائلة كبيرة.
  • مشاكل الجهاز المناعي: قد يفشل الجهاز المناعي في التعرف على خلايا بطانة الرحم المهاجرة وتمييزها وتدميرها.
  • الهرمونات: أثناء فترة البلوغ قد تحول الهرمونات مثل هرمون الاستروجين الخلايا الجنينية -في الحالات المبكرة- إلى خلايا رحمية.
  • الجراحة: تم العثور على أنسجة بطانة الرحم في ندوب البطن. فأثناء العمليات الجراحية في منطقة البطن، مثل القيصرية أو استئصال الرحم يمكن انتقال خلايا بطانة الرحم عن طريق الخطأ إلى الندب الجراحية.

عوامل الخطر

أثبتت الدراسات أن هناك عوامل تزيد من فرصة حدوث الانتباذ البطاني الرحمي وعوامل أخرى تقلل فرص حدوثه.

العوامل التي تزيد فرص حدوث البطانة الرحمية المهاجرة، مثل:

  • التاريخ المرضي: إذا كان لديك أم أو أخت أو ابنة أصيبت بهذا المرض.
  • بدء الدورة الشهرية في وقت مبكر (قبل 11 سنة).
  • إذا كانت فترة الدورة الشهرية قصيرة (أقل من 27 يوم).
  • فترة الطمث طويلة أكثر من 7 أيام.
  • زيادة مستوى هرمون الاستروجين في الجسم.

هناك بعض العوامل التي تقلل من فرصة حدوث الانتباذ البطانى الرحمي، مثل:

  • تأخر سن نزول الدورة الشهرية.
  • حدوث حمل(الإنجاب).
  • الرضاعة الطبيعية.
  • تناول الفاكهة خصوصًا الفواكه الحمضية.

أعراض الانتباذ البطاني الرحمي

  • الألم، هذا هو العرض الأكثر شيوعًا عند النساء اللاتي تعانين من البطانة الرحمية المهاجرة وتختلف حدة الألم من حالة إلى أخرى وتشمل:
  • تقلصات شديدة ومؤلمة أثناء فترة الحيض وقد تزداد شدة الألم مع مرور الوقت وتطور الحالة.
  • ألم مزمن في أسفل الظهر والحوض.
  • ألم أثناء أو بعد ممارسة الجنس وعادةً ما يوصف هذا الألم بأنه عميق ومختلف عن الألم الذي قد يحس به عند مدخل المهبل في بداية الإيلاج.
  • حركات مؤلمة للأمعاء، آلام عند التبول أثناء الدورة الشهرية ونادرًا ما يوجد دم في البول أو البراز.
  • نزيف بين فترات الحيض.
  • العقم.
  • اضطرابات في الجهاز الهضمي مثل الإسهال، أو الإمساك، أو الانتفاخ، أو الغثيان خصوصًا أثناء فترة الحيض.

الانتباذ البطاني الرحمي والحمل 

يعد الانتباذ البطاني الرحمي من أهم المعيقات للحمل، فوجود الخلايا المهاجرة تتسبب في ضعف المبيضين وبطانة الرحم الأصلية، كما أنها تعيق وصول البويضة إلى الرحم وتؤدي إلى تأخر الإنجاب والعقم.

تشخيص الانتباذ البطاني الرحمي

يعتبر وجود آلام أثناء الطمث وآلام الحوض وأسفل الظهر مع التاريخ المرضي للحالة عوامل أساسية للاشتباه في الانتباذ البطاني الرحمي. وفي هذه الحالة يلجأ الطبيب المعالج لإجراء بعض الفحوصات لتأكيد

التشخيص عن طريق:

  • الموجات فوق الصوتية (Ultrasound): يستخدم السونار العادي أو المهبلي للحصول على رؤية أفضل للأعضاء التناسلية. ولكنه لا يحدد بشكل قاطع ما إذا كان هناك إصابة بالبطانة الرحمية المهاجرة ولكن يمكن من خلاله التعرف على الأكياس المصاحبة للبطانة الرحمية المهاجرة.
  • أشعة الرنين: هذه الأشعة تعطي تفصيلًا عن موضع وحجم الأنسجة المهاجرة.
  • منظار البطن: تستخدم هذه التقنية للبحث عن علامات الانتباذ الرحمي. وعن طريق المنظار البطني يتم توفير معلومات عن حالة وكمية وحجم الأنسجة المهاجرة. وقد يقوم الجراح أثناء إجراء المنظار البطني بأخذ عينة لفحص الأنسجة واستكمال التشخيص.
  • التحليل المجهري للأنسجة المهاجرة: وذلك لفحص طبيعة الأنسجة المهاجرة.

يتم تصنيف الانتباذ البطاني الرحمي إلي مرحلة أولي أو ثانية أو ثالثة أو رابعة استنادًا إلى الآتي:

  • كمية الأنسجة المهاجرة.
  • موضع الانتباذ.
  • عمق الانتباذ سواء كان سطحي أو عميق.
  • وجود التصاقات أو أورام في بطانة الرحم.

ويحدد الطبيب احتمالية حدوث حمل أو لا عند السيدة المصابة استنادًا علي:

  • عمر المصابة.
  • شدة الانتباذ البطاني الرحمى (مرحلته).
  • ما إذا كان حدث حمل من قبل أم لا.
  • الوضع الصحي وسلامة الأعضاء التناسلية عند السيدة المصابة.

العلاج

يتم تحديد العلاج بناءً على الحالة الصحية للمريضة، وشدة الأعراض، وحالة الأعضاء الجنسية، ورغبة السيدة المصابة في حدوث حمل أم لا.

وبشكلٍ عام يلجأ الأطباء في البداية إلى الانتظار الحذر ومراقبة الوضع المرضي.

الأدوية المستخدمة في العلاج:

  • مسكنات المرض: مثل مضادات الالتهاب الغير ستيرويدية مثل الإيبوبروفين.
  • العلاج الهرموني: بما في ذلك موانع الحمل عن طريق الفم مع هرمونات الاستروجين والبروجستيرون لمنع زيادة الحالة وتقليل تدفق دم الدورة الشهرية.
  • ناهضات ومناهضات الهرمون المطلق للموجة التناسلية: هذه الهرمونات توقف إنتاج هرمونات المبيض، مما يؤدي إلى خلق نوع من انقطاع الطمث الطبي.

التدخل الجراحي:

  • الجراحة التحفظية: يتم خلالها إجراء عملية جراحية لإزالة بطانة الرحم مع الحفاظ على الرحم والمبيض. بعد استخدام هذه التقنية يكون هناك فرصة لحدوث حمل، ولكن للأسف قد يعود بعدها الانتباذ البطاني الرحمي ومعه الألم.
  • علاج الخصوبة: إذا كانت المصابة تعاني من تأخر الإنجاب والعقم فقد يوصي الطبيب المعالج بعلاج الخصوبة والذي يشرف عليه اختصاصي الخصوبة. وتعالج الخصوبة عن طريق تحفيز المبيض لإنتاج المزيد من البويضات أو إجراء عملية الحقن المجهري.
  • استئصال الرحم مع الحفاظ على المبيض: يلجأ الطبيب إلى استئصال الرحم في الحالات التي يحدث فيها النزيف الغزير أثناء الطمث، وتقلصات في الرحم. ويتم إجراء هذه الجراحة للحالات اللاتي لا يرغبن في الحمل.

المضاعفات

  • العقم: يعد الانتباذ البطاني الرحمي من الأسباب الرئيسية المسببة للعقم لهذه الأسباب:
    • قد يسبب تلف للخلايا حول المبايض ويمنع إطلاق البويضات من المبيض.
    • وجود هذه الأنسجة المهاجرة يعيق وصول الحيوانات المنوية إلى قناة فالوب.
    • تمنع انزلاق البويضة المخصبة من قناة فالوب إلى الرحم.
  • الإصابة بالسرطان: وجود الأنسجة الرحمية المهاجرة يزيد من خطر الإصابة بسرطان المبيض أو السرطان الغدي المرتبط بـالانتباذ البطاني الرحمي.

الأسئلة الشائعة

هل ينفع الحقن المجهري مع بطانة الرحم المهاجرة؟

نعم في بعض حالات البطانة الرحمية المهاجرة يتم إجراء الحقن المجهري بنجاح.

ما هي مخاطر الانتباذ البطاني الرحمي؟

يتسبب وجود الأنسجة الرحمية المهاجرة في حدوث العقم أو الإصابة بسرطان الرحم أو المبيض.

يختلف الانتباذ البطاني الرحمي من حالة إلى أخرى، ففي بعض الحالات لا يسبب أعراض ويتم اكتشافه عند مراجعة الطبيب لمعرفة سبب تأخر الإنجاب. وفي بعض الحالات الأخرى يتسبب في وجود نزيف غير طبيعي وآلام في الحوض وأسفل الظهر. وبشكل عام فإن سرعة التشخيص الصحيح تزيد فرص الشفاء التام وتقي من تطور الحالة وحدوث مضاعفات شديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى