تعرف على اضطراب الاكتناز القهري وعلاجه
الاحتفاظ بالأشياء القديمة والبالية بحجة الاحتياج لها والاستفادة منها فيما بعد عادة قد يعاني منها الكثير. ولكن ماذا إذا لم يكن هذا عاديًا؟ وكان بصورة مَرَضية تُدعى الاكتناز القهري. فدعني أذهب بك لرحلة شيقة نتعرف فيها على هذا المرض وكيف يمكننا التخلص منه. فهيا بنا.
ما هو الاكتناز القهري؟
الاكتناز القهري (Hoarding Disorder) ويعرف أيضًا باسم اضطراب الاكتناز هو اضطراب نفسي يتميز بصعوبة التخلص من الممتلكات أو الانفصال عنها، بغض النظر عن قيمتها الفعلية. وذلك لتوهم صاحب هذا الاضطراب حاجته المستقبلية لتلك الممتلكات، أو شعوره بالضيق عند التخلص منها مما يفضي بالشخص إلى صعوبات اجتماعية وظروف معيشية غير صحية وغير آمنة. حيث يصبح المكان ضيقًا متكدسًا بالمحفوظات وتعمه الفوضى.
هل الجمع هو نفسه الاكتناز؟
بالطبع لا، فالجمع غالبًا يقوم به هواة في جمع أشياء معينة والتي تكون ذات قيمة كما أنهم يتميزون بالتنظيم وتوفير المساحات اللازمة للحفاظ على تلك الأشياء. وعلى العكس نري مصابي اضطراب الاكتناز الذين يجمعون كل شيء، بغض النظر عن قيمته. بالإضافة إلى عدم القدرة الكافية على تنظيم وترتيب كل ما يكتنزون.
متي تظهر علامات الاكتناز القهري على الشخص؟
اضطراب الاكتناز ينتشر بين من 2% إلى 5% من البالغين. وتظهر أعراضه على الشخص في مراحل متقدمة من العمر وخصوصًا مرحلتي الطفولة والمراهقة. فقد أظهرت إحدى الدراسات أن 70% ممن يشتكون من أعراض الاكتناز القهري تتراوح أعمارهم بين 11 إلى 20 عامًا.
وفي التالي سنتعرف معًا على أسباب هذا الاضطراب وعوامل الخطورة التي قد تؤدي إليه.
أسباب الاكتناز القهري
أسباب الاكتناز القهري غير واضحة حتي الآن، ولكن يرجح أنها ترجع لعوامل تعرف بعوامل الخطورة والتي تتمثل في الآتي:
- الصفات الشخصية: فمثلًا نجد أن الأشخاص الذين يعانون اضطراب الاكتناز تتسم شخصياتهم بالتردد في اتخاذ القرارات.
- التاريخ العائلي أو الوراثة: حيث يوجد ارتباط قوي بين وجود إصابة بنفس الاضطراب لدى فرد من أفراد العائلة، واحتمال ظهور أعراض الاضطراب على أشخاص أخرى من نفس العائلة.
- إصابات عضوية: كالإصابة في المخ، والتي قد ينتج عنها تغير في سلوك الشخص منه الاكتناز القهري.
- ضغوطات حياتية: قد يتعرض الشخص لحادث فقد شخص عزيز، يودي به إلى صدمة عصبية تتبعها رغبة في الاحتفاظ بالأشياء حمايةً لها أو خوفًا من فقدها.
- وأخيرًا قد يكون مصاحبًا لأمراض نفسية أخرى كالوسواس القهري أو الاكتئاب.
هذه العوامل قد تفسر إصابة شخص باضطراب الاكتناز، ولكن ليس بالضرورة أن تؤدي إليه. فقد يجتمع بشخص أيًا من هذه العوامل ولا تظهر عليه أعراض الاكتناز وقد تظهر عليه الأعراض وليس لديه أيًا من هذه العوامل.
أعراض الاكتناز القهري
مرض الاكتناز القهري يشبه الأمراض المزمنة، حيث تتطور أعراضه بشكل ملحوظ مع تقدم العمر. ومن الراجح أن هذا يرجع إلى تراكم الأشياء المكتنزة عند المريض، أو موت الأشخاص الذين من دورهم منعه من الاكتناز أو مساعدته على التغلب عليه كالأبوين. والأعراض كالتالي:
- عدم القدرة على التفريط في الأشياء عديمة الأهمية.
- الشعور بالضغوطات العصبية عند محاولة التخلص من أي من المكتنزات.
- القلق المستمر من الاحتياج المستقبلي للأشياء المكتنزة وعدم قدرته على استرجاعها وقت الاحتياج لها في حالة التفريط فيها.
- عدم التأكد من مكان حفظ الأشياء المكتنزة.
- القلق بشأن لمس الآخرين للمكتنزات لعدم ثقته بهم.
- العيش في مساحات ضيقة غير منظمة أو غير آمنة.
- الانسحاب من تجمعات الأصدقاء والعائلة.
بجانب هذه الأعراض فقد يكون هذا الاضطراب مصحوبًا باضطرابات نفسية أخري كالوسواس القهري والاكتئاب واضطرابات القلق وغيرهم.
مخاطر الاكتناز القهري
مخاطر اضطراب الاكتناز كثيرة ومتنوعة. وقد يكون المصابون بالاضطراب مدركون له ولتأثيره عليهم مما يدفعهم إلى طلب المساعدة، وقد لا يدركون ذلك فلا يطلبوها. وهذه المخاطر تتمثل في الآتي:
- فقد الأشياء يشعرهم بالألم والحزن.
- تجعل المنازل ضيقة وأقل أمانًا، فإذا تعرض المنزل لحادث كحريق فإن رجال المطافي والمنقذين سيجدون صعوبة في إنقاذ المنزل وذويه.
- زيادة احتمالية سقوط الأشياء مما يعرض حياة المصاب بالاضطراب وأسرته للخطر.
- النزاعات الأسرية.
- الوحدة والعزلة عن الاجتماعيات.
- التشتت وعدم القدرة على التركيز وبالتالي ضعف أداء العمل.
- صعوبات في الذاكرة والانتباه والتنظيم.
- في بعض الأحيان يكونون غير قادرين على اتخاذ القرارات المناسبة مما ينعكس بالسلب على حياتهم.
- الاضطرابات النفسية الأخرى كالقلق.
وعلى الرغم من معاناة مصابي اضطراب الاكتناز من هذه المخاطر وغيرها فإنهم نادرًا ما يتوجهون للطبيب لطلب المساعدة. ولكن يتم ذلك عن طريق أحد الأقارب الذي يسعى لتحسين الوضع الذي غالبًا يلحقه منه الضرر. وإليكم تعريف بدور الطبيب من حيث التشخيص والعلاج.
تشخيص اضطراب الاكتناز
عادةً تكون شكوي المريض من الاضطرابات الأخرى المصاحبة للاكتناز كالقلق والاكتئاب؛ التي غالبًا ما تتسبب في إزعاج الشخص. على عكس الاكتناز الذي قد يسبب له بعض النشوة تجاه الأشياء التي يقوم باكتنازها. لذلك لابد للطبيب النفسي عند التشخيص إجراء تقييم نفسي للمريض، يتضمن السؤال عن اكتناز الأشياء والاحتفاظ بها. ذلك للتأكد إذا كانت الأعراض التي أتى بها المريض مصاحبة للاكتناز أم لا؟
إذا لاحظ الطبيب أن المريض يعاني من الاكتناز القهري، فعليه التأكد من خلال صور أو مقاطع فيديو لمنزل المريض أو مكان التخزين. كما عليه أن يستأذنه في الاستعانة ببعض الأصدقاء والأقارب، حتي يتمكن من تقييم الوضع بشكل أفضل. ولتأكيد التشخيص يقوم الطبيب بسؤال المريض الأسئلة التالية الخاصة بعادات الاكتناز:
- هل هناك صعوبة في التخلص من الممتلكات سواء كانت ذات قيمة أم لا؟
- ما إذا كان يشعر بالضيق عند محاولة التخلص من الممتلكات؟
- هل مكان المعيشة متكدس بالأشياء الغير صالحة للاستخدام؟
وقد يستخدم الطبيب المعالج معايير اضطراب الاكتناز المنصوصة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية (DSM-5) المنشور من قبل الجمعية الأمريكية للطب النفسي.
علاج الاكتناز القهري
العلاج الرئيسي لاضطراب الاكتناز هو العلاج المعرفي السلوكي. ويمكن إضافة عقاقير خاصةً إذا كان المريض يعاني أيضًا من اضطرابات القلق أو الاكتئاب. أما بالنسبة للعلاج النفسي المتمثل في العلاج المعرفي السلوكي، فهو الوسيلة الأكثر فاعلية في علاج مثل هذا الاضطراب. ولكن لوحظ في إحدى الدراسات أنه أقل فاعلية في كبار السن عن الشباب. لذا تم اللجوء إلى نظام علاجي آخر مع فئة كبار السن وهو نظام إعادة التأهيل المعرفي.
أما العلاج بالأدوية فحتى الآن لا يوجد علاج مخصص لاضطراب الاكتناز، ولكن يتم استخدام علاجات الاضطرابات الأخرى مثل مضادات القلق والاكتئاب، والأدوية الأكثر استخدامًا وفاعلية هي مثبطات امتصاص السيريتونين الانتقائي (SSRIs).
الأسئلة الشائعة
نظرًا لأن أسباب اضطراب الاكتناز غير واضحة، فلا توجد طرق فعلية للوقاية من هذا الاضطراب. ولكن يمكن اتباع وسائل لمنع تفاقم المرض وتطور الأعراض عند بداية ظهورها.
كما ذكرنا مسبقًا أن أعراض اضطراب الاكتناز بداية ظهورها تكون في فترة الطفولة. لذا يجب على الآباء الوعي بهذه الأعراض ومساعدة أطفالهم في تلقي العلاج اللازم والمناسب لهم حتي لا تتطور الأعراض وتتفاقم مع تقدم العمر بهم.
اضطراب الاكتناز لا يؤثر على المصاب به وحده ولكن يؤثر فيمن حوله كذلك، لذا يجب عليهم الوعي لذلك ومحاولة تحسين الوضع لمساعدة ذويهم وأنفسهم وإذا تأخر العلاج فلا بأس لذلك فالمهم أن تبدأ حين تدرك.