الأرتيكاريا | الأعراض والأسباب والتشخيص وطرق العلاج

سمعت أحدهم ذات مرة يصرخ: “من فضلك، لا تحدثني ثانيةً في هذا الأمر! مجرد ذكره يسبب لي الأرتيكاريا”، فشعرت أن الأمر لا يخلو من المبالغة، وأيقنت بضرورة البحث، وعرض ما يلزم معرفته عن الأرتيكاريا.

فما طبيعة المرض؟ وما العوامل المسببة لحدوثه. وإذا ما كان معديًا؟ وما مدى خطورته؟ وما إمكانية الشفاء منه؟ وهل للعامل النفسي أثر فعلًا؟

الطفح الجلدي

قد نجد طبيب الأمراض الجلدية يسهب -أحيانًا- في أخذ التاريخ المرضي للحالة، ويدقق في تسلسل تطور الأعراض، وذلك لأن معظم الأمراض الجلدية -خاصةً الطفح الجلدي- تتشابه كثيرًا أمام أعيننا. بل ويصعب تمييز الكثير منها، حيث تتباين أنواع ومسببات الطفح الجلدي كما يلي 

  • التهاب الجلد التًماسي (طفح نتيجة ملامسة الجلد لمواد معينة).
  • أثر جانبي لاستخدام بعض الأدوية أو العقاقير.
  • عدوى بأنواع محددة من الفيروسات، البكتيريا أو الطفيليات.
  • أمراض مناعية (جهاز المناعة يهاجم أعضاء محددة في جسم الإنسان، منها الجلد).
  • وغيرها.

ولما كانت الأرتيكاريا تعد أحد أشكال وصور الطفح الجلدي، لنتعرف ماهيتها.

تعريف الأرتيكاريا

هي رد فعل تحسسي تقوم به الأوعية الدموية بالجلد (الشعيرات الدموية)، يتميز بظهور طفح جلدي، يكون -غالبًا- على هيئة بقع حمراء ناعمة غير منتظمة الشكل، وتكون -أحيانًا- متدرنة، مصحوبة بحكة شديدة. قد تختفي من تلقاء نفسها خلال ساعات دون ترك أي أثر، وقد تمتد لأيام، أو تعاود الظهور على مدار أسابيع. وتعرف أيضًا باسم الشرى، أو الشرية. ليست معدية، ولها أكثر من نوع.

أنواع الأرتيكاريا

يوجد ثلاث أنواع من الأرتيكاريا:

  • حادة: تستمر لمدة زمنية أقل من 6 أسابيع، وتكون عادةً رد فعل تحسسي من طعام أو أدوية.
  • مزمنة: تستمر لمدة تتجاوز 6 أسابيع، ويكون السبب -غالبًا- غير معلوم (عادةً ما يرجع لأسباب مناعية).
  • فيزيائية: تحدث لبعض الأشخاص عند تعرضهم لبعض العوامل الفيزيائية مثل البرد، الحر، أو أشعة الشمس.

الأعراض الشائعة

تتفاوت الأعراض من شخص لآخر، وقد تظهر بأي جزء من الجسم، ومنها:

  • طفح جلدي أحمر، غير منتظم الشكل، متفاوت الحجم، مرتفع قليلًا عن الجلد.
  • مصحوب بحكة قوية وشعور بالوخز أحيانًا.
  • يتحول لونه للأبيض عند الضغط في مركزه.
  • آلام بالبطن، إسهال، غثيان أو قئ أحيانًا.
  • تورم في أجزاء متفرقة من الجسم: خصوصًا الوجه (العين – الفم)، اليدين والقدمين، والأعضاء التناسلية، وقد يمتد التورم للأغشية المخاطية بالفم، الحلق أو مجرى التنفس مسببًا الاختناق.

بعض النوبات الشديدة قد تؤدي إلى صدمة حساسية (فقدان وعي، ضيق الشعب الهوائية، …)

أسباب الأرتيكاريا

السبب المباشر المسؤول عما يحدث من تغيرات بالجلد يرجع إلى إفراز بعض المواد الكيميائية من الخلايا، مثل مادة الهيستامين Histamine، السيتوكين Cytokines، والبراديكينين Bradykinin، وتلك المواد بدورها تؤثر على الأعصاب الحسية مما يؤدي إلى اتساع الأوعية الدموية وتسرب بعض السوائل منها إلى الأنسجة المحيطة (الجلد – الأغشية المخاطية).

لكن ما الذي تسبب في انطلاق تلك المواد الكيميائية من الأساس؟

هناك العديد من الفرضيات التي تم وضعها، والملاحظات التي تم رصدها، لتفسر سبب إفراز المواد الكيميائية سالفة الذكر، منها

أولًا: محفزات حدوث الأرتيكاريا الحادة

  • العدوى الفيروسية← مثل عدوى الجهاز التنفسي العلوي، الالتهاب الكبدي، ميكوبلازما، وغيرهم.
  • العدوى البكتيرية← مثل التهاب الجيوب الأنفية، خراج الأسنان.
  • حساسية الطعام← الحليب، البيض، الفول السوداني، المحار.
  • حساسية الأدوية← غالبًا المضادات الحيوية، الأسبرين، مسكنات الآلام، المورفين، صبغة الأشعة.
  • التطعيمات← اللقاحات.
  • لدغ الحشرات← مثل النحل وغيره.
  • عقب الحساسية التلامسية← مثلما يحدث بعد استعمال قفاز اللاتكس، أو مستحضرات التجميل أو الحلي.

ثانيًا: محفزات حدوث الأرتيكاريا المزمنة

غالبًا ما يكون السبب غير معلوم، ولكن رجح العلماء علاقتها بالمناعة الذاتية للشخص، ولاحظوا ارتباطها بالآتي:

  • العدوى المزمنة مثل: جرثومة المعدة، الطفيليات المعوية …
  • الأمراض المناعية المزمنة: الذئبة الحمراء، البهاق، الغدة الدرقية، مرض سيلياك وغيرهم.

ثالثًا: محفزات حدوث الأرتيكاريا الفيزيائية

العديد من العوامل الفيزيائية التي قد تتسبب في إفراز المواد الكيميائية المسببة للأعراض، من ضمنها:

  • الضرب والخدش، الملابس الضيقة، تجفيف الجسم بالفوطة بعد الاستحمام بماء ساخن.
  • الهواء البارد، الماء البارد، ملامسة مكعبات الثلج.
  • العرق بعد الرياضة، العرق نتيجة المواقف العصيبة.
  • الضغط لفترة طويلة على جزء من الجلد.
  • تعرض أجزاء الجسم -الغير معتادة- لأشعة الشمس.
  • وغيرهم من العوامل الأخرى …

إجمالًا، قال أحدهم أن “أي شيء تحت الشمس من الممكن أن يكون السبب”

التشخيص

الأرتيكاريا الحادة لا يلزم الاسترسال في إجراءات التشخيص، إذ يعتمد التشخيص بالأساس على:

  • التاريخ المرضي المستفيض الذي يستوضح كل العوامل المحفزة مثل (العدوى، الأدوية المستخدمة مؤخرًا، الأطعمة المتناولة)، ولا نلجأ غالبًا إلى اختبارات وخز الجلد إلا في حالة حدوث أعراض عنيفة.

أما في حالة الأرتيكاريا المزمنة، والفيزيائية فالأمر يختلف! لأن المريض في هذه الحالة يعيش معاناة مستمرة لفترات قد تمتد لأشهر. وعليه، فإن هناك سلسلة طويلة من الإجراءات للوصول للتشخيص كالتالي:

  • التاريخ الشخصي، التاريخ العائلي (حالات مشابهة)، التاريخ المرضي، الاضطرابات النفسية، عمليات جراحية سابقة.
  • الخضوع لاختبارات الجلد الفيزيائية، والعديد من فحوص الدَّم، والاختبارات المناعية.
  • الخضوع لاختبارات وخز الجلد، وملء ما يسمى “بيان درجة النشاط” لتقييم الوضع، ومن ثَمً تلقي العلاج المناسب.

علاج الأرتيكاريا

مما لا يدع مجال للشك إن أفضل طرق العلاج تعتمد على معرفة السبب الحقيقي للحالة، وإذا ما كانت الحالة حادة أم مزمنة، هذا بالإضافة إلى مجموعة من النصائح بوجه عام تساعد -ليس فقط- على تخفيف حدة الأعراض، بل وتساهم بشكل كبير في الوقاية.

في حالة الأرتيكاريا الحادة، وإذا ما كانت الأعراض طفيفة، فإنه من الممكن أن يصف الطبيب المعالج:

  • مضادات الهيستامين (التي لا تسبب النعاس) مثل سيتريزين Cetirizine أو لوراتيدين Loratidine 
  • لوشن موضعي لتقليل الشعور بالحكة.
  • كريم موضعي مضاد للجراثيم لمنع العدوى الثانوية.
  • وقد يلجأ الطبيب إلى استخدام بعض أنواع الحقن في الحالات الطارئة مثل تورم أجزاء من الجسم أو الشعور بالاختناق.

وفي حالة الأعراض الشديدة من الممكن أن يوصي الطبيب باستخدام الستيرويدات لمدة زمنية قصيرة.

أما في حالة الأرتكاريا المزمنة، التي لم تستجب للعلاج بمضادات الهيستامين (بالجرعة القصوى المسموحة) لمدة 4 أسابيع منتظمة، يتم بالضرورة عرضها على مختصين في المناعة والحساسية، ليتم استخدام أنواع أخرى من الأدوية.

وكذلك من الضروري علاج أية حالات مرضية كامنة قد تكون السبب في ظهور تلك الأعراض، وفي جميع الحالات يجب تجنب العوامل المحفزة لظهور الأعراض متى تم التعرف عليها.

ملحوظة: لا تستخدم أي أدوية إلا تحت إشراف طبي

بعض النصائح (علاج تحفظي) للتخفيف من شدة الأعراض أو لتجنبها أحيانًا:

  • استخدم كمادات باردة/ لوشن ملطف لتقليل الشعور بالحكة.
  • ارتد ملابس خفيفة، قطنية، وفضفاضة.
  • تجنب الخدوش (خصوصًا من الحيوانات الأليفة).
  • اختر دائما الصابون ومستحضرات التجميل الخاصة بالبشرة الحساسة.
  • تجنب التعرض للشمس ودرجات الحرارة العالية.
  • تجنب جميع ما -سبق وأن- تسبب في ظهور أعراض.

هل هناك عِلاقة بين الأرتيكاريا والتوتر (الضغط النفسي)؟

مؤخرًا ذكرت الأكاديمية الأمريكية للأمراض الجلدية أن البحوث ربطت بين الضغط النفسي المستمر والأرتيكاريا المزمنة باعتبار أن الأدرينالين الذي يفرز بكثرة في أثناء الغضب والتوتر والحزن، يعدّ من العوامل المحفزة.

لذا، حاول بقدر الإمكان السيطرة على الضغط النفسي بممارسة الرياضة أو باستشارة المختصين لتجنب قائمة طويلة من الأمراض آخرها “الأرتيكاريا”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى