الأحماض الدهنية والفرق بين الدهون المشبعة وغير المشبعة والمتحولة
تتردد الكثير من المفاهيم المغلوطة حول الدهون! فالبعض يعتقد أن الدهون ضارة، وتسبب السمنة، ويجب أن نتجنبها تمامًا! ونتناول المنتجات منزوعة الدسم. والبعض الآخر يدرك أن هناك نوعان من الدهون: “الدهون المفيدة” و”الدهون الضارة”. في هذا المقال سنتناول الحديث عن الأحماض الدهنية، كونها اللبنة الأساسية لبناء الدهون. وسنتعرف على أنواع الدهون المختلفة، وأهمية الدهون للجسم، والمصادر التي يمكننا الحصول منها على الدهون الجيدة.
أهمية الدهون
الدهون عنصر غذائي مهم جدًا للجسم والوظائف الحيوية بداخله، ولا يمكن أبدًا أن نتخلى عنها في نظامنا الغذائي دون أن نواجه المشكلات الصحية، فمن فوائد الدهون:
- الدهون مصدر ممتاز للطاقة في الجسم حيث إن الجرام من الدهون يحتوي على 9 سعرات حرارية، بينما الجرام من الكربوهيدرات أو البروتين يحتوي على 4 سعرات حرارية فقط، لذلك الدهون تعتبر خزانة الطاقة الأساسية في الجسم، حيث تخزن في الأنسجة الشحمية (Adipose Tissue) ويعتمد عليها الجسم عند حاجته للطاقة.
- ضرورية لامتصاص الفيتامينات الذائبة في الدهون، وهي أربعة (فيتامين أ، د، ه، ك) والتي لا يمكن امتصاصها بدون الدهون، كونها فيتامينات كارهة للماء.
- الدهون تدخل في تكوين غلاف الخلايا فتحافظ على سيولتها ومرونتها، فهي حقًا ضرورية لكل خلية من خلايا جسم الكائن الحي.
- الدهون لها دور مهم وأساسي في تكوين أغشية الخلايا العصبية، وعزلها وانتقال الإشارات العصبية بينها بسلاسة.
- الدهون مهمة أيضًا لعزل وحماية الجسم من البرد عند انخفاض درجات الحرارة. وحمايته من الصدمات عن طريق الدهون الموجودة تحت الجلد، أيضًا الأعضاء الحيوية داخل الجسم مثل: القلب، والكبد، والكلى، محاطة بطبقة عازلة من الدهون.
- الأحماض الدهنية وحدة بناء هامة لتصنيع الهرمونات داخل الجسم، وتنظيم عملها.
ماهي الأحماض الدهنية (Fatty Acid)؟
هي وحدة البناء الأساسية للدهون. وهي عبارة عن أحماض كربوكسيلية، مكونة من جزأين: مجموعة كربوكسيل (COOH)، متصلة مع سلسلة هيدروكربونية مكونة من ذرات الكربون والهيدروجين، بينهما روابط كيميائية إما أحادية أو ثنائية.
وتوجد الأحماض الدهنية في الجسم إما بشكلها الحر، أو مرتبطة لتكون ضمن بناء أكثر تعقيدًا مثل: الجليسريدات الثلاثية (Triglycerides)، أو إسترات الكوليسترول، أو الدهون الفوسفورية.
تصنيف الأحماض الدهنية
تصنف الأحماض الدهنية عدة تصنيفات كالتالي:
- من حيث عدد ذرات الكربون وطول السلسلة الكربونية: أحماض طويلة السلسلة، أحماض متوسطة السلسلة، وأحماض قصيرة السلسلة.
- من حيث نوع الروابط بين ذرات الكربون: هذا التصنيف يشير إلى درجة إشباع الحمض الدهني بالهيدروجين، فإذا كانت الروابط بين ذرات الكربون والهيدروجين أحادية فإن الحمض الدهني يكون مشبع بالهيدروجين. أما إذا كانت الروابط ثنائية أو ثلاثية، يكون الحمض الدهني غير مشبع؛ وقد يكون الحمض الدهني وحيد اللإشباع أي أنه يحتوي على رابطة ثنائية واحدة، أو متعدد اللإشباع أي أنه يحتوي على أكثر من رابطة ثنائية على طول السلسلة الهيدروكربونية.
- من حيث المصدر والتخليق داخل الجسم:
- الأحماض الدهنية غير الأساسية: التي يستطيع الجسم أن ينتجها ذاتيًا.
- الأحماض الدهنية الأساسية: لا يستطيع الجسم أن ينتجها بداخله، لكنها ضرورية جدًا له، ونحصل عليها من الطعام، مثل: أوميغا 6، أوميغا 3.
أنواع الأحماض الدهنية
تقسم الأحماض الدهنية إلى أربعة أنواع: المشبعة، وغير المشبعة الأحادية، وغير المشبعة المتعددة، والدهون المتحولة.
الأحماض الدهنية المشبعة
هي أحماض دهنية تكون فيها جميع ذرات الكربون مشبعة بالهيدروجين، وجميع الروابط بين ذرات الكربون تكون أحادية. وتقسم إلى نوعين:
- الأحماض الدهنية المشبعة القصيرة: وتتراوح عدد ذرات الكربون فيها من 2:10 ذرات مثل: حمض الأسيتيك (٢ ذرة كربون).
- الأحماض الدهنية المشبعة الطويلة: تحمل أكثر من عشر ذرات من الكربون مثل: حمض البالمتيك (16 ذرة كربون) وهو حمض زيت النخيل، حمض الستياريك (18 ذرة كربون) وهو حمض الشمع.
الدهون المشبعة تكون صلبة في درجات الحرارة العادية. وهي تتميز بالثبات الشديد فلا تتعرض للتأكسد أو التزنخ بسهولة، وتتحمل درجات الحرارة العالية.
ويمكن الحصول عليها من مصادر متعددة مثل: البيض، والحليب كامل الدسم ومشتقاته، والسمنة، والزبدة، والدهون الحيوانية في اللحوم الحمراء، والدجاج؛ والزيوت مثل: زيت جوز الهند، وزيت النخيل، وغيرها.
الأحماض الدهنية غير المشبعة
هي أحماض دهنية تحتوي على رابطة ثنائية أو ثلاثية واحدة على الأقل في السلسلة الهيدروكربونية. ولذلك فهي تكون غير مشبعة بالهيدروجين.
والدهون غير المشبعة تكون سائلة في درجات الحرارة العادية. وتكون غير مستقرة بشكل كبير فتتعرض بسهوله للتزنخ والتأكسد، عندما تتعرض للهواء أو الضوء أو الرطوبة أو الحرارة. وتقسم إلى نوعين أساسيين:
- الدهون غير المشبعة الأحادية: وفيها الحمض الدهني يحتوي على رابطة ثنائية واحدة فقط في السلسلة الهيدروكربونية، مثل: حمض الأوليك الموجود في زيت الزيتون.
ومصادر الدهون غير المشبعة الأحادية في الأطعمة كالآتي: زيوت النباتات المختلفة مثل زيت الزيتون، وزيت الفول السوداني؛ والأفوكادو، وزيت الأفوكادو؛ والمكسرات مثل: اللوز والكاجو والبندق. - الدهون غير المشبعة المتعددة: وفيها الحمض الدهني يحتوي على أكثر من رابطة ثنائية في السلسلة الهيدروكربونية، وهذه المجموعة تحتوي على حمضين أساسيين مهمين جدًا للجسم، ولا يستطيع الجسم تصنيعها ولكن يجب الحصول عليهما من الطعام (الأحماض الدهنية الأساسية) وهما:
- حمض اللينوليك (أوميغا 6): يمكن الحصول عليه من: زيت فول الصويا، زيت عباد الشمس، زيت الجوز، زيت الذرة، زيت الكانولا.
- حمض الألفا لينوليك (أوميغا 3): موجود في الأسماك الدهنية، مثل: السردين، والتونة، والسلمون. والزيوت النباتية مثل: زيت بذور الكتان، وزيت فول الصويا؛ البذور مثل بذور الشيا، بذور الكتان.
الدهون المتحولة أو المهدرجة (Trans-fat)
وهي أخطر أنواع الدهون! خاصة المصنعة منها. وتصنع عن طريق تحويل الزيوت النباتية غير المشبعة إلى دهون مشبعة، عن طريق إضافة ذرات الهيدروجين إليها، في عملية تسمى الهدرجة. هذه العملية تحول الزيوت النباتية من صورتها السائة، لصورة صلبة في درجة حرارة الغرفة.
وتوجد الزيوت المهدرجة في العديد من المواد الغذائية المصنعة، مثل: السمن النباتي (المارجرين)؛ والمخبوزات التجارية مثل: الكعك، والبسكويت، والفطائر، والكيك؛ والمقرمشات؛ والأطعمة المقلية مثل: البطاطس، والدجاج المقلي، والدونات. وأكدت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) أن الزيوت المهدرجة ليست آمنه تمامًا على الصحة، ومن أضرارها المحتملة أنها تزيد من خطر الإصابة بالسكري من النوع 2، وتصلب الشرايين، والنوبات القلبية، والسكتات الدماغية.
ما هي الدهون المفيدة وما هي الدهون الضارة؟
- الدهون المهدرجة المتحولة اصطناعيًا، الموجودة في المواد الغذائية التجارية، قطعًا هي دهون ضارة بصحة الجسم خاصةً القلب والأوعية الدموية.
- الدهون غير المشبعة الأحادية والمتعددة: مفيدة وصحية للجسم والقلب، لكن بشرط أن تكون بكر ومعصورة على البارد، أي أنها لم تخضع لعمليات المعالجة الصناعية تحت درجات الحرارة العالية جدًا.
- أما بالنسبة للدهون المشبعة: كانت هناك دراسة أمريكية في أواخر الستينيات تشير أن الدهون المشبعة سبب الوفيات بالنوبات القلبية، لأنها تسبب زيادة في الكوليسترول الضار (LDL) فابتعد الناس عنها تمامًا. أما الآن وحسب الدراسات والأدلة المتاحة يختلف الخبراء حول فكرة الحد من الدهون المشبعة، فهناك دراسات حديثة تنفي أن الدهون المشبعة تسبب أمراض القلب والشرايين. أما جمعية القلب الأمريكية (AHA) فهي توصي بألا تزيد سعراتك الحرارية من الدهون المشبعة عن 6% بمعنى 120 سعر حراري من الدهون المشبعة لكل 2000 سعر يوميًا، (حوالي 13 جرام فقط من الدهون المشبعة).
ورغم الخلاف الواضح حول أنواع الأحماض الدهنية، وأيهما جيد وأيهما ضار بالصحة، إلا أن جميع الآراء توحدت حول فكرة أساسية مهمة وهي ضرورة النظر إلى الصورة الغذائية ككل، بمعنى أنه عليك دائمًا اختيار الغذاء الصحي، وتناوله باعتدال. حيث إن معظم الأطعمة تحتوي على أكثر من نوع من الأحماض الدهنية لكن بكميات متفاوتة. فمثلًا اختر الدهون المشبعة الحيوانية فضلًا عن تناول اللحوم المصنعة. واختر الزيوت البكر المعصورة على البارد فضلًا عن الزيوت المكررة، وتعد دهون الأسماك ودهون الفواكه مثل الأفوكادو الخيار الأمثل.