اضطراب الكرب أو ما بعد الصدمة (PTSD) | أعراضه وطرق العلاج
إن للتعرض للصدمات عدة عواقب معظمها يكون آنيًا، وينتهي بعد مرور زمن قصير. وبعضها يترك ندوبًا في الذاكرة ويؤثر على حياتنا وعملنا ومستقبلنا، مما يسبب لنا القلق واضطرابات نفسية مختلفة، وهذا ما يسمى باضطراب الكرب أو اضطراب ما بعد الصدمة.
في مقالنا هذا سنتحدث عن تعريف وأسباب اضطراب الكرب، أعراضه وطرق العلاج المتبعة.
ما هو اضطراب الكرب؟
اضطراب الكرب هو اضطراب نفسي يصنف بأنه نوع من أمراض القلق. يصيب الأشخاص الذين تعرضوا لحوادث صادمة ومؤلمة، مثل فقد مفاجئ لشخص عزيز أو اعتداء جنسي أو بعد الحروب. ويسبب كوابيس وأفكار مضطربة وقلق لدى الشخص ويسمى أيضًا اضطراب ما بعد الصدمة.
ومن الطبيعي أن يشعر الفرد بالخوف في أثناء الحادث المؤلم أو بعده، وقد يستمر لفترة قصيرة بعد الحادث تدوم لأسابيع قليلة أو شهر. ولكن في حال استمراره لفترة طويلة تصل لأشهر أو سنوات، وتؤثر سلبًا على الحياة اليومية للشخص، فهذا مؤشر على الإصابة باضطراب الكرب.
أسباب اضطراب الكرب
يمكن اعتبار أي حادث مؤلم للشخص هو سبب من أسباب اضطرابات الكرب، مثل:
- حوادث السير الخطرة.
- الاعتداءات الشخصية، مثل الاعتداء الجنسي والسرقة والاختطاف.
- الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل والبراكين.
- الحروب.
- حريق المنزل.
- التهديد بالموت.
يمكن أن يتطور اضطراب الكرب فورًا بعد الصدمة، وقد يتطور بعد أشهر أو سنوات بعد الصدمة. وتشير الدراسات أنه يصيب شخص من كل ثلاثة تعرضوا للصدمات، ولكن ليس هنالك أسباب واضحة عن سبب إصابة شخص دون غيره.
أعراض اضطراب الكرب
قد تختلف الأعراض بين شخص وآخر، ولكن هنالك بعض الأعراض الشائعة المشتركة نذكر منها:
إعادة التجربة
وتشمل الأعراض:
- كوابيس بأحداث الصدمة.
- أفكار وتهيؤات عن الحادثة.
- استرجاع الذكريات السلبية بشكل متكرر وكأنها تحدث الآن.
- الشعور بالضيق عند ذكر الحادثة أو حوادث شبيهة.
- الشعور ببعض الأعراض الجسدية مثل الغثيان أو الألم أو الرعشة.
التجنب
يقوم الشخص بتجنب الأماكن أو الأشخاص أو المواقف التي تذكره بالحادث، مما يؤدي إلى:
- الانعزال عن الأشخاص والأقارب والأصدقاء.
- الشعور بالخدر العاطفي.
- فقدان القدرة على التعبير عن المشاعر.
- عدم القدرة على ممارسة المهام اليومية.
- إدمان المخدرات والكحول لتجنب الذكريات مما يفاقم الأمور سوء.
الإدراك والمزاج
يعاني الشخص من بعض المعتقدات والمشاعر السلبية، مثل:
- فقدان الثقة بالأشخاص.
- فقدان الشعور بالأمان.
- الشعور بالذنب ولوم النفس.
- الشعور بالغضب والحزن.
الانفعال والاهتياج
قد تشمل الأعراض تغيرات بدنية وجسدية نذكر منها:
- قلة النوم أو الأرق.
- صعوبة في التركيز.
- الغضب.
- القلق والتوتر المبالغ فيه.
- السلوك العدواني.
أعراض أخرى
بالإضافة لما سبق قد يعاني الشخص من اضطرابات أخرى قد تكون مترافقة مع اضطراب الكرب، مثل نوبات الهلع أو الاكتئاب، وقد تشمل أعراض أخرى نذكر منها:
- الإغماء.
- الصداع.
- تسرع في ضربات القلب.
علاج اضطراب الكرب
يمكن علاج اضطراب الكرب بنجاح، وتعتمد الخُطَّة العلاجية على شدة الأعراض، وهناك العديد من التدابير العلاجية نذكر منها:
العلاج السلوكي المعرفي
يساعد العلاج المعرفي السلوكي على التعبير عن المشاعر والأفكار المؤلمة المتعلقة بالحادثة، وتقليل الأعراض وذلك بمساعدة المختص النفسي، ويساعد الشخص على التكيف مع الحياة والتعامل مع المرض، ويزيد من ثقة الشخص بنفسه. وقد يقوم المختص بتشجيعك على ممارسة بعض النشاطات التي قد تجنبتها سابقًا خوفًا من إعادة تجرِبة صدمة.
مجموعات الدعم
يتم تنظيم نقاشات مع أشخاص يعانون من اضطراب الكرب، مما يشعر الشخص بأنه ليس الوحيد الذي يعاني منه ويساعده ذلك على الاستفادة من تجاربهم.
العلاج الدوائي
قد يقوم الطبيب بوصف بعض الأدوية التي تساعده نذكر منها:
- مضادات الاكتئاب: من أكثر مضادات الاكتئاب وصفًا لعلاج اضطراب الكرب للبالغين هي مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين (الباروكسيتين والسيرترالين)، الحاصلة على موافقة منظمة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية لعلاج اضطراب الكرب.
- مضادات القلق: تستخدم للعلاج قصير الأمد، لأن استخدامها لفترة طويلة قد يسبب الإدمان.
- بعض الأدوية التي تساعد على النوم.
ولا يعطى للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، وغالبًا ما يستمر العلاج 12 شهرًا ثم يتم إيقافه تدريجيا. وكما نعلم أن هذه الزمرة من الأدوية لها تأثيرات جانبية مثل الإمساك أو الإسهال، تشويش الرؤية، ومن الجدير ذكره أنه لا يمكن تناول أو صرف هذه الأدوية بدون وصفة طبية.
كيفية التعامل مع المرض
قد يلجأ العديد من الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الكرب إلى المخدرات أو الكحول ويتحولون لمدمنين. والأسوأ أنها تساعد الشخص مؤقتا في تخفيف الأعراض، لكنها تزيد الأعراض سوءًا وتجعل العلاج أصعب. لذا من الضروري دعمهم وإرشادهم للطريق السليم والتعامل مع المرض. وإليك هذه النصائح:
- الوعي بالمرض: من الضروري مواجهة المرض ومعرفة أسبابه وأعراضه وطرق علاجه، مما يساعد على تجاوز المرض. وكما يقال فإن المعرفة الحقيقية بالمرض تساعدنا على حله.
- طلب المساعدة: سارع في طلب المساعدة إذا فكرت بأي أفكار ضارة بك أو بالأشخاص المحيطين بك.
- العلاج النفسي: له فعالية طويلة الأمد في العلاج، وفي إدارة المخاوف المتعلقة بالمرض.
- ممارسة حياة صحية متوازنة: النوم العميق وممارسة الرياضة والغذاء الصحي يساعدك على تجاوز الأزمة بسلام.
الأسئلة الشائعة
هل يصاب الأطفال بمتلازمة الكرب؟
نعم، قد يصاب الطفل بها، ويلجأ الأطباء إلى العلاج المعرفي السلوكي، وغالبًا ما يحتاج ل 6-12 جَلسة بما يتناسب مع عمر الطفل وظروفه ويشمل العلاج التشاور مع أسرة الطفل ومشاركتها في العلاج.
هل تؤثر متلازمة الكرب على القدرة قيادة السيارات؟
قد تؤثر هذه المتلازمة على قدرتك على قيادة السيارة، لذا يجب استشارة الطبيب وإعلام المختصين بذلك حرصًا على سلامتك وسلامة الآخرين.
كيف يمكنني مساعدة أحبائي الذين يعانون من اضطراب الكرب؟
لا تحاول أن تصلح الشخص ولكن أفضل طريقة للمساعدة هي الإنصات لمشاعره ومخاوفه، وإليك أهم النصائح لمساعدة الأصدقاء الذين يعانون من اضطراب الكرب:
- لا تضغط عليه ليتكلم، ولكن أبدي استعدادك للاستماع له عندما يرغب دون أي ضغوطات.
- لا تقاطعه خلال الحديث، وتجنب إعطائه النصائح.
- عند الشعور بالضغط يمكنك أن تنسحب من المحادثة، وإعطاء فرصة والتحدث في وقت لاحق.
- الحصول على العون عند سماع المريض يتحدث عن الانتحار، وحاول أن تكون هادئًا قدر الإمكان لضمان ثقته بك واحرص على عدم تركه بمفرده، وأبعد عنه الأدوات الحادة التي قد تكون شديدة الخطورة.
- يمكن الاتصال بالطوارئ خوفًا من حوادث الانتحار.
ومن الجدير ذكره أن تعتني بصحتك الجسدية والعقلية، فالإنسان السليم أكثر قدرة على مساعدة الآخرين والتعايش مع اضطراب الكرب عند المقربين، يمكنك استشارة اختصاصي الصحة النفسية وأخذ قسط من الراحة والاستمتاع بالحياة اليومية.
إن أفضل طريقة لعلاج المرض هي معرفته والاعتراف به وطلب المساعدة من الأصدقاء ومزودي الرعاية الصحية لتجنب أي مخاطر قد يتسبب بها المريض لنفسه وللأشخاص المحيطين به.