ما مدى خطورة اضطراب الأكل القهري؟ ومن يصيب؟

“لا يمكنني السيطرة على نفسي، سأقوم بتناول بعض الطعام على الرغم من عدم شعوري بالجوع، كما أني أنتهيت من غدائي منذ وقت قليل.” إذا سمعت أحدهم يكرر مثل هذا الكلام باستمرار ولمدة طويلة فهو في الغالب يعاني من اضطراب الأكل القهري.
وهذا محور حديثنا اليوم عن اضطراب الأكل القهري، وكيفية علاجه.
ما هو اضطراب الأكل القهري؟
يختلف المختصون والعامة في مفهوم اضطراب الأكل القهري Binge Eating Disorder، حيث يتم الخلط بينه وبين إضطراب الإفراط في تناول الطعام over eating disorder. فإضطراب الأكل القهري هو مصطلح لوصف الشراهة والنهم في تناول الطعام، وهذا يكون بشكلًا لا إراديًا.
ويمكننا الآن تعريف اضطراب الأكل القهري بأنه: إضطراب سلوكي مزمن يدفع الشخص إلى الإفراط في تناول الطعام بشكل قهري. أما مزمن فلأنه قد يكون من الطبيعي أن يتناول شخص الطعام بإفراط ونهم من حين لآخر. وأما قهري فلأن الشخص لا يستطيع التحكم في هذا السلوك، ويقوم به بشكل لا إرادي.
أسباب اضطراب الأكل القهري
السبب الرئيسي لاضطراب الأكل القهري غير معروف، ولكن هناك بعض عوامل الخطورة التي تزيد من احتمالية تعرض الشخص لهذا الاضطراب.
عوامل الخطورة
تتمثل العوامل التي قد تؤدي إلى إصابة الشخص باضطراب الاكل القهري فيما يلي:
- يصيب الرجال والنساء إلا أنه أكثر شيوعًا في النساء.
- يمكن أن يصيب الناس في جميع الأعمار ولكن غالبًا ما يبدأ في الظهور في أواخر المراهقة وبداية فترة العشرينات.
- التاريخ العائلي: حيث تلعب الجينات الوراثية دورًا مهمًا في التعرض لهذا الاضطراب.
- المشاكل النفسية: كالاكتئاب، والقلق، وغيرهما، وخاصةً الاضطرابات النفسية المتعلقة بشكل الجسم كاضطراب تشوه الجسم.
- اتباع نظام غذائي: حيث تمت ملاحظة تعرض الكثير من متبعي الأنظمة الغذائية إلى النهم في تناول الطعام.
أعراض اضطراب الأكل القهري
تتمثل الأعراض الأساسية لاضطراب الأكل القهري فيما يلي:
- تناول كميات كبيرة من الطعام.
- في خلال فترة محدودة.
- عدم التحكم في التوقف عن تناول الطعام حتى عند الشعور بالشبع إلى حد الامتلاء.
بالإضافة إلى بعض الأعراض التي قد يعاني منها مثل:
- تناول الطعام عند عدم الشعور بالجوع.
- السرعة في تناول الطعام.
- تناول الطعام سرًا أو محاولة إخفاء مقدار ما يأكلون.
- تخزين الكثير من الطعام.
- شعور الشخص بمشاعر سلبية ذاتية: كالاكتئاب، والخجل، والشعور بالذنب.
- زيادة الوزن.
فإذا كنت تعاني من هذه الأعراض، عليك التوجه للطبيب المختص لتلقي العلاج المناسب.
مضاعفات اضطراب الأكل القهري
قد يؤدي اضطراب الأكل القهري إلى العديد من المشاكل، والمضاعفات النفسية، والجسدية؛ كما يلي:
- انخفاض جودة الحياة.
- مشاكل نفسية: كالاكتئاب والقلق وإدمان المخدرات.
- مشاكل في الحياة العملية.
- مشاكل في العلاقات الاجتماعية.
- السمنة.
- المشاكل الصحية المرتبطة بالسمنة: على الرغم من أن اجتماع السمنة وإضطراب الأكل القهري ليس بكثير؛ إلا أن اجتماعهما يكون ضارًا جدًا، حيث يمكن أن يؤدي إلى:
- أمراض القلب والأوعية الدموية.
- مرض السكري.
- مشاكل المفاصل.
- ارتجاع المريء.
- مشاكل في التنفس.
- اضطرابات النوم.
- تراكم الدهون على الكبد.
- حصوات المرارة.
ويمكنك عزيزي القاريء تجنب كل هذه المضاعفات من خلال تلقي العلاج المناسب.
تشخيص اضطراب الأكل القهري
لتشخيص اضطراب الأكل القهري يقوم الطبيب المختص بطرح أسئلة تفصيلية عن سلوكيات الشخص وأفكاره ومشاعره، ويتعين عليه الإجابة بصدق حتى يسهل على الطبيب عملية التشخيص.
وهناك بعض المعايير التي يقوم عليها التشخيص، حيث يجب توفر الأعراض الآتية:
- تناول كميات كبيرة عن المعتاد في فترة محدودة من ساعة إلى ساعتين.
- الشعور بالقهرية وعدم التحكم في تناوله الأكل.
- يتكرر هذا السلوك على الأقل مرة واحدة أسبوعيًا، ويستمر لعدة أشهر.
- تكون مشاعر سلبية تجاه الذات بسبب الشراهة في تناول الطعام.
علاج اضطراب الأكل القهري
تتمثل أولى خطوات العلاج في التقييم الجيد للحالة، حيث لا يوجد نظام علاجي واحد مناسب لجميع المرضى. فيقوم الطبيب المختص بتصميم نظام علاجي مناسب تتكون عناصره مما يلي:
العلاج النفسي
يعتبر العلاج النفسي المعتمد على المساعدة الذاتية الموجهة هو العلاج الرئيسي لاضطراب الاكل القهري. ويعد العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أكثر أنواع العلاج النفسي فاعلية في العلاج؛ حيث يعمل على فحص سلوكيات الشخص وأفكاره، ويقوم بتحليل المشاعر الكامنة وراءها، حتى يتمكن من إيجاد طرق مناسبة لعلاج المريض.
وهناك طرق أخرى للعلاج النفسي يمكن استخدامها منها ما يلي:
- العلاج بين الأشخاص – interpersonal therapy.
- علاج السلوك الجدلي – Dialectical behavior therapy.
- العلاج النفسي الديناميكي – Psychodynamic therapy.
- علاج نفسي فردي – Individual psychotherapy.
- العلاج الجماعي – Group therapy.
العلاج الدوائي
قد تكون الأدوية غير فعالة، ويمكن للشخص أن يتعافى بدونها. ولكن عند الحاجة إلى استخدامها فإن دواء Lisdexamfetamine أحد أدوية اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه، يعد الآن الأكثر فاعلية في العلاج. فهو يساعد على التحكم في الدافع اللا إرادي لتناول الطعام، وهذا يساعد في العلاج لكنه لا يعالج السبب الرئيسي للاضطراب.
كما يمكن استخدام أدوية أخرى لعلاج أحد الأعراض الأخرى المصاحبة؛ كمضادات الاكتئاب وغيرها.
النظام الغذائي
يتم وضع نظام تأهيل غذائي متكامل يساعد الشخص على استعادة الوضع الطبيعي للجسم. فهذا الاضطراب يؤثر على الأنظمة العصبية للشهية، والتمثيل الغذائي، ويؤدي إلى تغيرات مزاجية.
هذا النظام التأهيلي يعمل على إشباع الجسم من احتياجاته الأساسية، التحكم في معدل أكل الشخص، تثبيت نسبة السكر في الدم.
قد يؤدي هذا النظام الغذائي إلى فقدان الوزن، وإن كان هذا ليس هدفًا من أهداف العلاج إلا أنه قد يساعد في تحسين الحالة النفسية لبعض الأشخاص.
قد يستغرق العلاج وقتًا طويلًا حتى يصل الشخص لمرحلة التعافي، ولكن مع تصميم نظام علاجي ملائم يؤتي ثماره وتتحسن معظم الحالات.
الأسئلة الشائعة
هل الأشخاص الذين لديهم اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أكثر عرضة لاضطراب الأكل القهرى؟
الأشخاص المصابون باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه معرضون للإصابة باضطرابات الأكل، ولكن اضطراب الاكل القهري هو الأكل شيوعًا بينهم. فقد سجلت الإحصائيات أن حوالي 30% من مصابي اضطراب الأكل القهرى في الولايات المتحدة لديهم تاريخ مرضي مع اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. كما نجد أن دواء Lisdexamfetamine أحد أدوية إضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه هو الأكثر فاعلية في علاج إضطراب الأكل القهري.
كيفية مساعدة صديق يعاني من اضطراب الأكل القهري
إذا كان لديك صديقًا يعاني من إضطراب الأكل القهري فإنه يمكنك مساعدته عن طريق تقديم الدعم المناسب، وإليك بعض الاقتراحات لتقديم الدعم بشكل أفضل:
- قم بتشجيع صديقك على تلقي العلاج، ولكن أولًا ابحث جيدًا عن المرض، وتعرف عليه حتى تكون ملمًا بحالته، وتستطيع الرد على أسئلته.
- قد تتغير سلوكيات صديقك في التعامل معك، فعليك التحلي بالصبر عند التعامل معه وتلبية احتياجاته النفسية.
- الإنصات الجيد إلى شكواه، ومحاولة طمأنته.
- تجنب التعليقات السلبية خاصةً على نظامه الغذائي أو شكله.
- قدم له الدعم والمساعدة المناسبة لحالته.
وفي النهاية عزيزي القارئ فإن اضطراب الأكل القهري هو اضطراب مزمن، يصيب الكثير، ويكثر شيوعه في مصابي اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه. وغالبًا ما يكون السبب في هذا الاضطراب نتيجة مشاكل نفسية أخرى لذا؛ يجب عليك عزيزي القاريء الاهتمام بمرونتك النفسية واللجوء إلى مختص عند شعورك بأي من أعراض اضطراب الأكل القهري. ولا تقلق، فإن معظم المصابين يمكنهم التعافي من خلال الدعم النفسي والعلاج المناسبين. قد يستغرق التعافي بعض الوقت إلا أنك مادمت على الطريق حتمًا ستصل.